الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد تحت السيطرة الآن !

طارق الحارس

2006 / 7 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


قال صدام حسين حينما كان رئيسا للعراق : لم يتبق الا الأيام العشرة الأخيرة على نهاية الحصار الاقتصادي المفروض على العراق . لم ينته الحصار الاقتصادي على العراق الا بعد أن سقط صدام ونظامه . الشعب العراقي كان يعرف هذه الحقيقة ، أي حقيقة أن الحصار لن ينتهي الا بنهاية النظام الحاكم . كان الشعب بالرغم من جوعه وألمه وعوزه يضحك من رئيس الدولة ، بل وأن حكايته عن الأيام العشرة الأخيرة أصبحت مثار سخرية واستهزاء ويعتقد أن الرئيس يقصد أيامه العشرة الأخيرة . كان الشعب يسخر ويستهزأ بالسر ، إذ أن الذي يتجرأ على السخرية يكون مصيره الاعدام لا محال .
نسوق هذه الحكاية في زمننا الجديد ، في عراقنا الجديد الذي رفعنا فيها شعار عدم الخوف من الموت ، ليس لأن النظام الذي كان يكمم أفواهنا قد انتهى ، وليس لأننا من الأبطال ، لكن لأن الموت أصبح ظاهرة طبيعية في بلدنا حالها من حال الوجبات الغذائية الثلاث ، أو تنفس الهواء أو شرب الماء أو ممارسة لعبة كرة القدم .
نسوق هذه الحكاية لأننا مللنا من السخرية والضحك على آلامنا فالوجع الجديد لا يحتمل أية سخرية . لم نعد نحتمل الخطابات الرنانة فقد أكلت وشربت معنا سنوات طويلة . لم نعد نحتمل أن يخرج علينا رئيس الوزراء أو وزير الداخلية أو وزير الدفاع أو أي مسؤول ليقول لنا( بغداد تحت السيطرة الآن ) في حين أننا نرى ونسمع أن بغدادنا تحترق فكل يوم عشرات الجرائم البشعة من خلال سيارات مفخخة ، وعبوات ناسفة ، وانتحاري عفن يفجر نفسه وسط سوق شعبي ، أو مدرسة ، أو مسجد .
لقد أصبح واضحا يا حكومة العراق أن بغداد ، التي يحكم طرفا منها مقتدى الصدر والطرف الآخر يحكمه حارث الضاري تحترق من خلال المجموعات الارهابية المسلحة التابعة لهذين الشخصين ، ليست آمنة وليست تحت سيطرتكم ، إذ أنها تحت سيطرتهما .
لا يحتاج الأمر الى أدلة فالأدلة عديدة ومتوافرة بشكل يومي ، بل وفي اليوم الواحد هناك أكثر من دليل فانتحاري عفن يفجر نفسه في سوق شعبي في مدينة الثورة يقابله قتل مجموعة من أهالي مدينة الشعب أو الأعظمية ، وخطف نائبة من جبهة التوافق يقابله محاولة خطف نائبة من التيار الصدري ولن نتحدث عن المجزرة التي حصلت في حي الجهاد مؤخرا وراح ضحيتها نحو خمسين شخصا ، تلك المجزرة التي حصلت بعد ساعات من تفجير سيارة مفخخة في حسينية في المنطقة نفسها راح ضحيتها عدد من المصلين . بعد المجزرة قامت مجموعة مسلحة تابعة لجيش المهدي بتطويق مدينة الشعلة وطلبت من أهالي المدينة عدم مغادرة بيوتهم تحسبا من هجمة محتملة على المدينة القريبة من حي الجهاد .
مقتدى برعاعه وجهلته وسراقه وبعثيين صغار وأعداد غفيرة من مفوضي قوات أمن وشرطة النظام السابق ، بجيشه ( جيش المهدي ) يعيث ببغداد فسادا وتخريبا وتدميرا وحارث الضاري بحقده الدفين وبالبعثيين الكبار وضباط مخابرات وأمن النظام الساقط ، فضلا عن المرتزقة العرب يذبح أهالي بغداد على الطريقة الاسلامية وغير الاسلامية .
زرت بغداد بعد عام على سقوط النظام . كان الوضع الأمني في بغداد سيئا ، لكنني حينها سمعت وقرأت تصريحات حكومية عديدة تؤكد على أن بغداد تحت السيطرة . عدت الى حيث أقيم لأقرأ وأسمع التصريحات نفسها التي تؤكد على أن الوضع تحت السيطرة ، لكنني كلما اتصلت بأهلي أو أصدقائي في بغداد يقولون أننا نترحم على الأيام التي كنت فيها هنا ، في بغداد فلقد كان الوضع أفضل بكثير من هذه الأيام .
بغداد لن تكون تحت سيطرتكم الا بالقاء القبض على حارث الضاري ومقتدى الصدر ، أما بغير ذلك فنرجو أن لا تخرجوا علينا لتقولوا أن بغداد تحت السيطرة الآن فقد مللنا من السخرية والضحك على حالنا وحال بغدادنا .
هل تسخرون منا يا سادة ، يا كرام مثلما كان يسخر منا الرئيس السابق ؟ .
لا نتمنى ذلك لأننا نثق بكم وبالعهد الجديد ولا نريد أن نضعكم في الخانة نفسها التي كنا نضع فيها النظام السابق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس