الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول الخليجية.. استجداء العلاقة مع الكيان الصهيوني

سليم يونس الزريعي

2020 / 10 / 28
القضية الفلسطينية


لعل أحد مفارقات المشهد السياسي وربما الأخلاقي والثقافي العربي أيضا، أن تجرؤ دول خليجية عائلية على قيادة قاطرة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني ، بالضد من إرادة الشعب الفلسطيني بكل ألوان طيفه السياسي والفكري وأينما كانوا في الداخل المحتل أو الشتات. في ظل صمت رسمي عربي مريب، وغياب موقف نزيه وشجاع جامع من النخب الثقافية والفكرية والقوى السياسية الحزبية والشعبية العربية، باستثناءات محدودة هنا وهناك، فيما جامعة أبو الغيط وكأن الأمر لا يعنيها، في حين أنها تُستنفر وتكاد تنفجر غضبا إذا ما أطلق الحوثيون قذيفة حتى لو كانت خُلبّية في اتجاه السعودية.!!
حتى بدا وكأن هناك من يعمل على قراءة الفاتحة على جثة القضية الفلسطينية بعد أن جرى استنفاد دورها من قبل هذه الدول طول عقود، في تجارة معنوية كانت رابحة سياسيا وإعلاميا، لكن يجهل هؤلاء أن شعبا صمد طوال قرن من الزمان وما يزال لدية العزم والاستعداد للتضحية على أساس أنه صاحب حق ثابت وأزلي وأن كل ما هو قائم حاليا من احتلال وتساوق بعض العرب معه هو أمر حتما زائل.
ولقد عكست القائمة المشتركة للنواب الفلسطينيين في الكنيست ممن يعتبرون "مواطنين إسرائيليين" الذين رفضوا المصادقة على اتفاق التطبيع بين النظامين العائليين في الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني، خطل منطق هؤلاء المتهافتين وكذب ادعاءاتهم لتبرير ما أقدموا عليه من طعن للشعب الفلسطيني وأحرار الأمة العربية والانتصار لعدوه، والترويج لروايته الصهيونية.
إن موقف القائمة المشتركة من التطبيع باعتبارهم أهل البلاد رغم الواقع الراهن، هي رسالة ذات مغزى كبير لمن يريد أن يقرأ جوهر الموقف الفلسطيني في تجلياته المختلفة مما يجري، ليس في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني، بل ممن يعتبرون مواطنين في كيان الاحتلال لأنهم أكثر معرفة بطبيعة هذا الكيان العنصري وأبعاد الجريمة التي ترتكبها هذه الدول في حق الشعب الفلسطيني الصامد الصابر، وهو يدحض ويعري مقولات ومواقف تلك الدول الخليجية وغيرها من دول المنطقة ممن يتحينون الفرصة للكشف عن مواقفهم الحقيقية من القضية الفلسطينية.
إن موقف فلسطيني المناطق المحتلة عام 1948، من التطبيع مع كيان الاحتلال، يمثل نبض الشعب الفلسطيني أينما كان، كونهم يعرفون وفي العمق أن هذه العلاقة غير المتكافئة بين دول الخليج والكيان الصهيوني، هي علاقة مشبوهة يؤكد ذلك ما قاله رئيس وزراء كيان الاحتلال في جلسة التصديق على الاتفاق "إن على الفلسطينيين أن يعترفوا أولا أن إسرائيل " دولة لليهود" بما يعني ذلك من كشف لطبيعة هذه الدولة المجرمة الموغلة في عنصريتها التي يتسابق الخليجيون على استجداء العلاقة معها.
بل إن الوقاحة وصلت في ظل هذه الأجواء التي يشعر فيها الفلسطينيون بخيانة بعض العرب أن اقتحم وفد إماراتي المسجد الأقصى في حماية جنود الاحتلال بذريعة الصلاة فيه ضد رغبة القائمين على المسجد وأهل القدس، تماما كما يفعل قطعان المستوطنين والمتشددين اليهود .
وربما المضحك المبكي أن هذه الكيانات العائلية التي تتحدث عن السلام والأمن والتطبيع لم تكن في أي يوم من الأيام في علاقة صراع عنفي مع الكيان الصهيوني الغاصب، وإنما استثمرت في القضية الفلسطينية في مرحلة المد القومي التحرري وحضور الثورة الفلسطينية كحركة تحرير وطني تحظى بتأييد شعبي عربي وعالمي واسع، وفاتها أن السلام يصنعه المتحاربون وليس المتاجرون بالقضية الفلسطينية.
لكن السؤال هل كانت الإمارات أو البحرين لتجرؤ على الإقدام على هذه الخطوة دون موافقة السعودية، وبشكل أكثر تحديدا نظام البحرين العائلي، كون السعودية هي التي توفر له الحماية الداخلية في مواجهة رفض أغلبية شعب البحرين لسلوك العائلة الحاكمة، وهي التي سبق أن أجهضت الحراك الشعبي عام 2011 الذي كان يطالب بحقوقه الدستورية وحقه في المواطنة المتساوية، وليس إسقاط النظام.
ومن ثم لا يبدو مستهجنا أن تطبع الإمارات والبحرين ليكونا رأس حربة لطعن القضية الفلسطينية من جانب، وثمن يدفع كبطاقة انتخابية لدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في معركته الانتخابية من أجل فترة رئاسية ثانية لتلحق بهما السعودية بعد امتصاص ردة الفعل الفلسطينية والعربية على الخطوة الخليجية إن وجدت، وما يؤكد هذه القراءة هو إقدام السعودية على فتح أجوائها للطيران الصهيوني ، ترافقها حملة تشويه وتشكيك وصلت حد البذاءة من قبل مسؤولين سابقين من العائلة الحاكمة لرموز فلسطينية وللشعب الفلسطيني، وانفتاح إعلامييه وكتابه على وسائل الإعلام الصهيونية في كيان الاحتلال مدحا في سياسة الكيان الصهيوني وقدحا في الفلسطينيين، وتبني الرواية الصهيونية من الصراع الفلسطيني الممتد مع الغزوة الصهيونية، في الوقت الذي ينكر كيان الاحتلال حقوق الفلسطينيين حتى تلك التي أقرتها الشرعية الدولية سواء الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية.
ولعل ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن صحافيين يعملون في وسائل إعلام سعودية تلقيهم أوامر مباشرة على المستوى السياسي في السعودية، بتغيير الخط التحريري في ما يتعلق بـ"إسرائيل"، وبالترويج لـ"التطبيع" كأمر إيجابي يخدم المصالح. ما يكشف أين تقف السعودية، هل هي مع الرواية الصهيونية أو مع الحق العربي الفلسطيني؟
وعلى ضوء ذلك فإنه يبدو واقعيا لدى أي مراقب أن هذا السعي المحموم من قبل الإمارات والبحرين للتطبيع مع الاحتلال في ظل موقف فلسطيني جامع يرفض هذا الانحدار ما كان ليكون لو لم تباركه السعودية ، التي كانت وراء ما يسمى مبادرات السلام العربية التي تعترف باحتلال فلسطين، والتنازل عن حق كل اللاجئين في العودة والتعويض وفقا للقرار 194 ، بدءا من عام 1981 وحتى مبادرة الملك السعودي عبداللة التي أقرتها القمة العربية عام 2002 في بيروت ورفضها وما يزال كيان الاحتلال.
ومع ذلك ودون الاستهانة بحجم الجريمة التي ترعاها الولايات المتحدة بأدوات خليجية ضد الشعب الفلسطيني من صفقة القرن وتشريع ضم الأراضي الفلسطينية، والتطبيع، فإن الثابت الوحيد هو أن لا استقرار في المنطقة طالما لم يحرر الفلسطينيون أرضهم ويحققون عودة اللاجئين وفق القرارات الدولية، حتى لو طبع معظم النظام الرسمي العربي، ومعه الإسلامي، لأن القضية فلسطينية والحل العادل غير المنقوص يمر من خلال الفلسطينيين أولا وأخيرا، وستكشف الأيام أن الأنظمة العائلية الخليجية كانت قصيرة النظر عندما اصطفت إلى جانب الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال