الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب والتطبيع مع إسرائيل

محمد أحمد الزعبي

2020 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


27.10.2020
تشير كلمة " تطبيع " في هذا العنوان ، إلى " الطبيعة " ، وذلك من حيث أن الكائنات التي خلقها الله تحت اسم " الحيوانات " ، والتي يعتبر ( الإنسان ) واحدا منها ، ولكنه حسب ابن خلدون ، يتميز عنها بالفكر . يقول ابن خلدون ( لما كان الإنسان متميزاً عن سائر الحيوانات بخواص اختص بها ، فمنها العلوم والصنائع التي هي نتيجة الفكر الذي تميز به عن سائر الحيوانات ، وشرف بواسطته على المخلوقات / ابن خلدون ، المقدمة ) . وبتعبير آخر للفارابي يقول فيه : ( من البين الظاهر أن للطفل نفساً عالمة بالقوة ، ولها الحواس آلات إدراك ، وإدراك الحواس إنما يكون للجزئيات ، وعن الجزئيات الكليات ، والكليات هي التجارب على الحقيقة ، فإذا حصلت من هذه التجارب في النفس صارت النفس عاقلة ، إذ العقل ليس شيئاً غير التجارب ، ومهما كانت التجارب أكثر ، كانت النفس أتم عقلاً . / الفارابي ، الجمع بين رأي الحكيمين ) .
هذا وقد سبق القرآ ن الكريم ، كلا من الفارابي وابن خلدون حين قال على لسان رسوله الكريم محمد : ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم / الحجرات 13 ) .
إن التشارك من جهة والتمايز من جهة أخرى بين الإنسان ( العاقل ) والحيوان ( غير العاقل ) ، في الجذر اللغوي لمفردتي ( تطبيع) و ( طبيعة ) ، تسمح لنا أن نشير إلى أن ظاهرة القطيع في الجماعة الحيوانية ، ( قطيع الضباع مثلاً )هي ظاهرة طبيعية ، وجدت مع هذه الجماعة الحيوانية على هذا النحو ، منذ أن خلقها الله . أما الإنسان ( الحيوان العاقل )، فإن عقله نفسه خاضع لعملية نمو وتغيرمتواصل ، لاتتوقف إلا بوفاته ، ومن هنا فإن الله قد أرسل رسله لبني آدم حصراً ، ، وكما نلاحظ فإن الآية الكريمة قد توجهت إلى الناس ( ياايها الناس ) ، اي إلى الإنسان العاقل حصراً ، حيث الجماعات الإجتماعية ( الأسرة ، القبيلة ، العشيرة ، القرية ، المدينة ، الدولة ، الأمة ...الخ ) والتي هي هيئات ومؤسسات ، عادة ماتحتاج إلى " وازع / حاكم " وإلى " قاض " يقضي بين الناس ب " العدل " أي بما أنزل الله على رسله ( الشرائع السماوية ) .
إن مبدأ العدل ، والذي هو صنو مبدأ الأخلاق سواء كان وفق ماجاءت به الشرائع السماوية التي هي جزء من مهمة الرسل ، ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق /الرسول محمد - ص )أو مانصت عليه الدساتير والقوانين الأرضية في الدول والأمم ، إنما يمثل حجر الأساس للحياة الإجتماعية كلها ، في كافة المجتمعات البشرية ( العدل أساس الملك ) . وعندما تغيب العدالة ، تغيب الأخلاق ، وعندما تغيب الأخلاق تغيب الحياة الإجتماعية ، وبتعبير أحمد شوقي :
وإنما الأمم الأخلاق مابقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا . وإذا ماأردنا تطبيق هذه القاعدة ( العدالة )على الوضع الحالي في فلسطين المحتلة ، فماذا نرى ؟ ، نرى جيشاً إسرائيليا يحمي دولة تغيب فيها العدالة وتقتقر إلى الأخلاق . سجونها ملأى بالأبرياء، وقضاتها لا يحكمون إلاّ بما يرضي حكومتهم وجيشهم ، وجرافاتهم تتفنن في تدمير بيوت الفلسطينيين قوق رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال . نرى كياناً صهيونياّ أنشأه الغرب بشقيه الأطلسيين ، لكي ينوب عنه في حماية مصالحه الإقتصادية والسياسية والنفطية، وهو الدور الذي فضحته حماقة ترامب بإجراءاته غير الأخلاقية وغير العادلة سواء بالنسبة للقدس والمقدسيين ، أو بالنسبة لهضبة الجولان السورية ، أو بالنسبة لحق العودة لفلسطينيي الشتات، أو بالنسبة لحل الدولتين ، أو بانسبة لدكتاتوره المفضل ( سيسي مصر ) ، أو بالنسبة للعبة التطبيع الأخيرة بين بعض العرب وإسرائيل ( موضوع هذه المقالة ) التي فرضها ترمب هو وصهره كوشنير ، على بعض دول الخليج، الذين قال فيهم نزار قباتي :
لولا العباءات التي التفوا بها ماكنت أحسب أنهم أعراب . إن الصراع بين سكان فلطين الأصليين والإسرائيليين الوافدين ، المدعومين من الدول النووية العظمى ، ولا سيما في الغرب ، إنما هو صراع بين الحق والباطل ، وإن انتصار إسرائل وداعميها على العرب عام 1984 وعام 1967 إنما هو انتصار للباطل على الحق .، ونقول لجماعة المطبعين ، وبصوت عال : إذا كان للباطل جولة ، فإن للحق جولات ، وإذا لم يكن اليوم فغداً ، وإن غداً لناظره قريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يقول إنه يرغب في إبرام صفقة بغزة -بأي ثمن-.. ما يقصد


.. أردوغان: أحيي نساء غزة اللواتي يسطرن ملحمة عظيمة من التضحية




.. مشاهد جديدة توثق قصفا إسرائيليا على طهران


.. ما أسباب ترحيل طهران لمئات الآلاف الأفغان إلى بلادهم؟




.. جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان: إسقاط مسيّرة مفخخة قرب