الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملاك الاسود1994(جان كلود بريسو):إن هشاشة الوجود لتضع قناعا يخفي المأساة الحقيقية

بلال سمير الصدّر

2020 / 10 / 30
الادب والفن


كالعادة،يبدأ بريسو فيلمه بالاقتباسات الكبيرة،فها هو يقتبس من ايلوار:
لقد انسلسلت من ذراع الظلام...لأكون وحدي في قاع الظلام
اتساءل شخصيا،عن اي ادب بالتحديد يقنبس جان كلود بريسو؟!
يبدأ فيلم الملاك الاسود مع جريمة قتل من قبل زوجة القاضي-مايكل بيوكلي الذي لاننسى ادواره المميزة مع جان لوك غودار في ازدراء وحسناء النهار مع لويس بونويل-ستيفان بوفافيير لشخص اشكالي يدعى (اصلانيان)،وفي بداية الفيلم يوشي بريسو ان القتل متعمد وسيحاول الجاني اظهاره على انه جريمة دفاع عن النفس من قبل مغتصب.
إذا،وكعادة الافلام الكبيرة اللتي تخفي ما تريد قوله وتوحي بكل شيء آخر،يبدأ بريسو فيلمه طالبا منا ان ننظر الى الماضي،إذ ان منبع الحكاية هو الماضي اصلا...
يحاول بول الآن-محامي مرتبط بشدة مع زوجها القاضي،وهو الشخصية ذات الحضور الثاني في الفيلم-ان يدافع عن مدام ستيفان نظير مبلغ مالي خيالي،ولكنه يبدا من نقطة انقلاب الموضوع الجنسي الحقيقي الى موضوع جنسي متخيل،وبالطبع فلن يكون هذا الموضوع الجنسي التخيلي سوى مدام ستيفان.
بين الجريمة والرغبات المكبوتة الخفية،يحاول بريسو ان يصنع فيلما اسودا،وهو يكرر نفس اخطاؤه السابقة،فهناك شذرات نصية قوية لايعالجها بريسو بالكثافة او الحنكة السينمائية المطلوبة لصناعة فيلم جيد.
فهو يحاول ان يحيط الحبكة بشيء كبير من السرية والالغاز،على ان الحقائق ستتكشف تباعا والنتيجة كانت فيلم له علاقة كبيرة بالميلودراما اكثر من علاقته بالسواد أو بالحياة الجنسية المكبوتة..
يبدأ بول(مدفوعا بالرغبة الجنسية الخفية) بالتحقيق في الماضي الاسود لمدام فوفايير،والموضوع النفسي يتمثل في ان بول يعاني من كبت جنسي يعالجه من خلال تخيلات حقيقية مسقطة على الواقع على شكل امنيات جنسية...شيء شبيه تماما بالعادة السرية
على ان اصلانيان المقتول في بداية الفيلم مجرم موصوف بروبن هود،يمتلك نظريات اشكالية عن العدالة الاجتماعية والحياة برمتها،وبالطبع هذا شيء من الممكن الحديث عنه...شيء من خلاله يمكن صناعة فيلم أفضل من امنيات بول أو شطحات بريسو الايروتيكية والتي لاداعي لها.
لنتكتب هذا الحوار مع اصلانيان ونحاول ان نستشف منه بانه الشخصية الأولى المعالجة في هذا الفيلم:
تسأله:ما رأيك بالقانون؟
آه القانون...التاريخ مليء بالقوانين التي صاغت جبن الانسان بشكل محدد،المجتمع ليس مكون من العادلين والظالمين كما اراد الفلاسفة والحمقى ان يقنعونا بهذا ولكن من سادة وعبيد..كهنة كبار يمثلون الرأسمالية من رجال اعمال وابواق دعايتهم،ومن يمثلون الميديا كالمدرسين والمذيعين أمثالك ايضا،لهم كلاب حراسة ممثلة في الداخلية والقضاة.
أنت توزع غنائمك على الفقراء،فما مدى انتمائك للاشتراكية؟
بعد ضحكة ساخرة:أبدا...أبدا لاتوجد علاقة،اي شكل للاشتراكية يعيدنا للمسيحية التي انحرفت وموهت وبدلا من ان يعدوهم بالجنة وعدوهم بالعالم الجديد...في الحقيقة هناك عبث...الثقب الاسود اقترب منا،والمأساة قادمة لامحالة...اسمحي لي ان اقرأعليك تلك العبارة:
ان هشاشة الوجود لتضع قناعا يخفي المأساة الحقيقية....أظنني كتبتها وانا في السجن
وعطاياك للفقراء هل هي جزء من الذي تفعله؟
لا...أنا لااريد ان ارتبط بشيء أو بحاجة أبدا...أنا اناصر الضحايا المهمشين
هناك فتاة أو امرأة تقود بول وترشده الى خيوط من ماضي ستيفان،وهذه الفتاة التي لن نصرح عن هويتها لن تكون سوى قنبلة مناصرة للخط الميلودرامي للفيلم،ورحلة البحث عن الماضي هذه لن تكون سوى جريمة وبيود دعارة وعلاقات مشبوهة بين ستيفان وعشيقها السابق اصلانيان...
احد شهود المضي يذكر الماخور الذي عاشت فيه ستيفان في الماضي...
يتحرك خيال بول الواسع المكبوت نحو عام نسائي شهواني(ديونوسي) يضم طبعا ستيفان ...من الممكن النظر الى هذه اللقطة بمنظورين:
منظور الشطحات الفيلمية التي لاداعي لها،واقلها من الممكن ان تعالج بتورية
المنظور الثاني هو عالم بول اللاشعوري وهو موضوع لم يعالجه الفيلم بالقوة الكافية،وهو عالم لم يؤثر على عوالم الفيلم سوى مجرد الملاحظة....
لم يستطع بريسو الموازنة بين قوة شذراته النصية الفلسفية للفيلم،وبين مشهدية يفترض فيها ان تكون عن نقد الطبقة البروجوازية وعالم الكبت الجنسي،ولكنها صيغت بطريقة تقليدية مألوفة لن تستطع ان تنجي الخط السردي في الفيلم من الميودراما.
9/10/ٌ2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول