الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفسطة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 11 / 1
الادب والفن


السبات مرحلة تصيب جميع المخلوقات ، و أكثر من تصيبهم هم :" المخلوقات البشرية من صنفنا نحن الذين ندّعي الحضارة، وبخاصة خمسة آلاف عام من الحضارة" . نتحدث عن الإله بعل كم كان رائعاً، نكتب عنه نصف الحقيقة المضللة، ونقول انه قال : " احمل معولك واتبعني" ، و لا نكتب عن الجزء لأهم وهو استيلاءه على العرش بالقوة ، نصدق المقولة، نستسلم للسبات، نهذي بها إلى أن يأتي من يوقظنا من سباتنا ، ويشرح لنا عكس المقولة، نصحو ونشتم بعل، نكتب عنه نصف الحقيقة مرّة أخرى.
نحن لا نكتب التاريخ بل نهذي عندما نمرّ في حالات السبات العميقة ، ونحن اليوم نمرّ في هذه الحالة، لا ندري كم من الأعوام سوف نستغرق لنفهم مقولة بسيطة: " خلقنا لنعيش حتى نموت ميتة طبيعية."
بالنسبة لي لم يكن سباتي طبيعياً ، فقد اخترته كنمط حياة لأنني جبانة لا أستطيع الإفصاح عن رأيي، لا زلت أغط في سباتي ، أهذي بيني وبيني حول قضايا كثيرة، أهمها قضيتي الشّخصية ، وهنا لا بد لي أن أذكر أنه عندما ذهبت إلى فحص القبول في دار المعلمات كانت الكاتبة قمر كيلاني " التي تبنت قضايا المرأة في تلك الفترة وهي بعثية " هي من سألني، لم أكن أعرفها، لكنّني كنت أرى نفسي أمام لعبة تتحدث معي، لم تكن باربي موجودة في ذلك الزمن ، لكنها كانت قد ابتكرتها، و لبست شخصيتها، وهي تشبهها كثيراً، كنت في الرابعة عشر من عمري، وكنت أرغب بمغادرة بلدتي الصغيرة في ذلك الحين" السلمية " لأنني كنت أبحث عن فسحة أكبر، لكنّني لم أفهم نفسي ، وعندما سألتني قمر عن أمور النساء عبّرت لها بأسلوب بدائي بأنني أرغب في تغيير وضع الفتيات ، وربما هذا هو السبب الذي قبلت من أجله في الدار. فيما بعد كانت قمر كيلاني مدرسة للغة العربية، كنت أحترمها في داخلي لأنها تحترم خصوصيتنا.
كانت قمر بعثية في ذلك الوقت، و أنا أصبحت شيوعية في السادسة عشر من عمري حيث كنت أبحث عني كامرأة دون أن أعرف أنّني امرأة ، ومنذ ذلك الحين دخلت مرحلة السبات ، حيث ألهمتني ناديجدا كروبسكايا، وكلارا زيتكن ، استيقظت بعد طول سبات فعرفت أن لينين كان مدللا من قبل ثلاثة نساء إضافة إلى أمّه .
بدأت أدخل سباتاً بعد سبات، لم أصح حتى الآن. لكنّني في هذه المرحلة أسبت على الفيس بوك لأناقش ذلك الهمّ الذي حملته كطفلة أنثى ، وشابة، و امرأة ، أحاول أن أتحاور مع الذين يسبتون، ولي عشاق من رجال الدين يقولون لي: الإسلام هو الحل، و تعدد الزوجات يقضي على العنوسة، بعضهم يحاورني حول القضية ، و البعض حول تحرير القدس من قبل صلاح الدين، أو عدل عمر بن الخطاب .
أرى في مرحلة السّبات صدام حسين يقول: أنا عمر بن الخطاب، وبشار الأسد يقول: لا فتى إلا علي ، وترامب يقول: أنا إلهكم الأعلى .
أستيقظ من سباتي، أرى نفسي في القرن الخامس قبل الميلاد حيث هاجم الفُرس بمساعدة الفينيقيين بلاد اليونان ومع أن اليونانيون قد هزموا الفرس والفينيقيين فقد خرجوا من الحرب مُنْهَكِي القوى ثم أدركوا أن الفرس لم يستطيعوا أن يصلوا إلى بلادهم البعيدة إلى اليونان إلا بأسباب الحضارة المادية القائمة على العلم فاندفع الشبان اليونانيون لتعلم العلم، ولكن المعلمين كانوا قليلين فتصدى للتعليم أناس كثيرون عاديون ولكن على شيء من المعرفة سموا أنفسهم (سوفيتيس) (المعلمين البلغاء أو معلمي الحكمة.

ومع أن هذا الاسم سوفيتيس (و يعني سفسطي أو سفسطائي) كان في الأصل وصف للمدح فإن هؤلاء المعلمين "المتكسبين" بالعلم حقاً وباطلاً قد جعلوا منه صفة ذم فأصبح قول سفسطة يعنى بها الكلام الذي فيه تمويه للحقائق مع فساد في المنطق مع صرف الذهن أيضاً عن الحقائق والأحوال الصحيحة أو المقبولة في العقل وتضليل الخصم عن الوجهة الصحيحة في التفكير"
كانت السفسطة في القرن الخامس قبل الميلاد ، صحوت لأجد نفسي أمام سفسطة عربية سورية أدنى بكثير من السفسطة اليونانية، لأن اليونانية كانت لنصرة الَضعفاء في البدء وسفسطتنا من أجل تمكين الأقوياء ، أردت أن أكون من بين السفسطائيين السوريين في المنابر السورية المختلفة - حتى في سباتي لا زلت أقتنع بالياسمين و الحضارة - رأيتنا برابرة يقتلون ويُقتلون .
لم أصمد أمام السفسطائيين في الدين و المجتمع، و السياسة، خفت أن يقطع رأسي كما قطع رأس المعلم الفرنسي ، فالموضوع سياسي في النهاية، هكذا يسفسطه رجال الدين. عدت إلى سباتي داخل قوقعة، و إلى إشعار آخر . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده