الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد عبد الوهاب / إنطباعي القرن العشرين

حيدر سالم

2020 / 11 / 1
الادب والفن


مُحمّد عبد الوهاب ؛ إنطباعيُّ الموسيقى الشرقية !

في عشرينات و ثلاثينات القرن الماضي لحّن عبد الوهاب العديد من قالب المونولوج الذي أعطاه القصبجي أبعاده التأملية ، و ربطه مع أحمد رامي بما ترمي له المدرسة الرومانسية من محاولة التغني و الإندماج ذهنيا و عاطفيا بالطبيعة ، حسب معلوماتي أن المونولوج أدخله سيد درويش في مونلوج ( و الله تستاهل يا قلبي ) ، و نستطيع القول بأن سيد درويش أسس ، و القصبجي أكمل الخطوة الثانية ، لكن تأثير عبد الوهاب على المونلوج كان إنطباعيا بالمعنى الحرفي للكلمة ، ، بالتالي كان الأنضج من بين من لحنوا هذا القالب ، فهو و لا أكاد أجزم كان يرسم الكلمة بجمل لحنية كما يشعر بها ، عندما نستمع إلى عبد الوهاب فيما لحن على قالب المونلوج ؛ نشعر بأننا إزاء لوحة لفان غوخ و سيزان و رينوار ! ، لنستعرض الان مالذي دفعني لهذه القراءة التي قد يراها البعض مغالاة .

في سنة 1923 لحن عبد الوهاب ( خايف من اللي هواكي قبلي ) و كان عمله جديدا في بعض تركيب الجمل اللحنية ، و الاداء الصوتي الذي كان لم يستقر على هجران الطريقة القديمة بعد !

سنة 1926 لحن إمتى اشوف في المنام طيفه ، و كان في هذه المرحلة قد أسس لنفسه أداءا رائعا ، رقيقا ، لا يتعب عندما يغني ، و كأنه لا يبذل جهداً بينما هو يؤدي ما لم يؤدهِ غيره لا قبله و لا بعده ، و يتغنى عبد الوهاب كيف أن جسمه هلك ( لكن ده روحي و ملك عقلي ) بطريقة و كأنها ضربات فرشاة حزينة !

مهّد للعمل الذي سيأتي بالمعجزات بمونلوج كتير يا قلبي الذل عليك 1927 ، وقد خدمه كثيرا الاسترسال في الكلمات من دون إعادة مذهب كما في الطقطوقة من خلق عالما يتيح له الاسترسال في سرد و تلوين خلاجاته موسيقيا ، مثلما هو واضح في جملة ( ده هجر قلبي ) التي تحيلك إلى إنطباع حزين لا تحتاج هنا إلى معرفة بطبيعة المقامات الموسيقية ، و في جملة حبيت و قاسيت نجد عملاً هارومني بسيط سيطوره عبد الوهاب كما سنرى .

في مونلوج اللي يحبّ الجمال الذي لحنه سنة 27 من نظم شوقي ( أحمد شوقي نظم بالعامية من أجل عبد الوهاب فقط عدة قصائد ) ، نجد الانطباعية بكامل تجلياتها في مقطع ( نم يا حبيببي نام ) و عندما يقول الحب ( طير ) في الخمايل يعلو في الكلمة من أجل إيضاح المعنى صوتياً ، و في هذا المونولوج نجد تأثير سيد درويش في جملة و تيجي تصيده يصيدك عندما يشتغل عبد الوهاب هارموني ، و بهذا يكون قد دفع الموسيقى العربية خطوة ثانية بعد سي السيد للأمام .

في سنة 1928 لحن عبد الوهاب مونولوج ( أهون عليك ) وفيه ذلك الأداء الاوبرالي ، و قد إقتبس فيه من الفصل الثالث من اوبرا عايدة ، في هذه المرحلة بدأ عبد الوهاب بالتفكير بطريقة جادة و أكثر ثباتاً بالتجديد ، و إدخال ما لم تألفه الأذن العربية ، و لكن أهمية ما فعله أن عبد الوهاب أقلَمَ الإقتباسات و الايقاعات و الالات الجديدة مع موسيقانا ، و كأنها منها و ليست غريبة ، و خير دليل جملة ( أما رأيت حبيبي ) من مقام السيكاه مع إيقاع التانغو ! .

في الواقع أنني أخشى أن لا يُقرأ هذا المقال لطوله في عصرنا السريع هذا لذلك سأشير بسرعة إلى بعض التجليات العظيمة لعبد الوهاب في قالب المونلوج

* مونولوج بالليل ياروحي سنة 1931 : جملة واسيني دي كافية دموع عيني ، التي يلحنها بأكثر من مقام موسيقي بإعجاب و كأنه ينظر لمشاعر هذه الجملة من كل الزوايا ، هذا المونلوج بالذات أسس لشخصية السنباطي الموسيقية و هذا ما يشير اليه مؤلف السبعة الكبار حيث بنى السنباطي لحنه سهران لوحدي على هذا اللحن العظيم و فيه لازمة موسيقية إقتبسها السنباطي منه فيما بعد و صاغت طريقتها شخصية قفلاته و لزماته ما تبقى من حياته اللحنية - أي السنباطي - اللزمة قبل جملة خفف دموعي ياهاجر .
* مونلوج مريت على بيت الحبايب 1932 : هذا المونلوج ي يصور عبد الوهاب لحنه كقصة قصيرة مسترسلة من بداية اللحن الذي يخدم معنى قصد بيت الحبيب راجلاً ، إلى نهاية القصة !
* مونلوج يا ما بنيت قصر الأماني : و فيه تأثير السينما على موسيقانا ، حيث المشهد الحزين بعد أن فقد حبيبته نوال !
* من وجهة نظري أن أعظم تجلي لحني لعبد الوهاب في قالب المونلوج هو النيل النجاشي ، هذا المونلوج تاريخ في حد ذاته ، فهو آخر ما نظمه شوقي ،ثم أننا و بهذا اللحن نرى بصورة وحيدة السنباطي عندما كان عازفا في فرقة عبد الوهاب ، صورة تجمع عملاقين في تاريخنا الموسيقي . و من ثم الاشتغال العظيم على اللحن ، في جملة ( لمحت ع البعد حمامة رايحة على المية و جاية ) يستغل بعد الوهاب معنى كلمة رايحة لاعطائها طبعة عالية تعكس بعدها و يستعمل ( على المية ) جسرا للوصول الى طبقة منخفضة لاعطاء معنى بالدنو لكلمة جاية . و من ثم ( وقفت انادي الفلايكي ) بصوت رخيم كما هو النداء ، لكن الرد و لأنه بصوت ( ملايكي ) يغير الطبقة الصوتية مرة أخرى ليتناسب مع عذوبة الكلمة .
و من ثم في جملة و ركبنا و نزلنا تعقبها لازمة موسيقية و كأنها تصوير حي للحركة الجسدية للنزول التي كتبها شوقي !

أتمنى أن تراجعوا ألحانه الإنطباعية ، لأنها تحمل زخما من الجمال الصوري و السمعي الباذخ ، أنت تسمتع إلى لوحةٍ مموسقة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_