الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرنسا والاسلام السياسي ، في الدفاع عن حرية التعبير!

عادل احمد

2020 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ظهر الصراع من جديد بين الحكومة الفرنسية بقيادة عمانوئيل ماكرون وبين تيارات الإسلام السياسي. ان الظاهر والمعلن هو عزم فرنسا في الدفاع عن القيم الجمهورية الفرنسية وهي العلمانية والدفاع عن حرية التعبير و الآراء والصحافة والإعلام ومن هنا الدفاع عن حرية مجلة (شارلي ايبدو ) مع ما ينشره حتى الإساءة الى الأديان وخاصة الدين الإسلامي؛ وكذلك رد فعل الإسلاميين بقيادة حكومة اردوغان التركية لهذه الإساءة لدين الإسلام ونبيهم محمد والاساءة لمشاعر المسلمين. ومن هنا انقسمت الاراء بين مؤيد ورافض لكلا الطرفين في العالم وبرزت الى الوجود حملات وتشويهات للحقائق الى حد طمس المسائل الجوهرية في هذا الصراع وهي مسألة الصراع على السلطة بين الغرب وبين تيارات الإسلام السياسي وحصتها في العالم المعاصر.
لنرى الحجج لكل طرف وبطلان ادعائاتها وبين الحقائق على الأرض واصل الصراع ومنافعه لكل طرف.
ان الحكومة الفرنسية وقبل فترة وجيزة كانت بصدد إصدار مجموعة من قرارات للحد من تطاول الإسلام السياسي في فرنسا وخاصة التيار المتشدد والذي تحركه الحكومة التركية بقيادة اردوغان جزء منها , والتي أعلن عنها ماكرون بان الدين الإسلامي يمر بأزمة ويعاني الانفصال الاجتماعي. ان هذا التوجه هو توجه التيار القومي الفرنسي المتنامي والذي هو مناهض للهجرة والأجانب في فرنسا والذي يحاول قمع الحركات الإسلامية التي تحاول فرض نفوذها وسيطرتها على فرنسا عن طريق جاليات ما سمى بالإسلامية . ان صعود نفوذ التيارات الإسلامية في فرنسا يعني الحفاظ على مصالح الحكومات الإسلامية المستبدة في العالم الثالث وخاصة الشرق الأوسط في الغرب في خضم الصراعات والأزمات الاقتصادية والسياسية للنظام الرأسمالي العالمي. ان صعود نفوذ التيارات الإسلامية في فرنسا هي نتاج سياسات الحكومات الفرنسية المتعاقبة والتي كانت تتم تربية الإسلاميين تحت أجنحتها من اجل الضغط على الحكومات في الشرق الأوسط و جنوب آسيا للانصياع لسياسات الغرب وحماية مصالحها.. واليوم أصبحت هذه التيارات الاسلامية مشكلة وعقبة أمام سياسات التيارات القومية والشعبية في الدول الغربية. ومن هنا تتصادم المصالح بين الطرفين , ليس بسبب منهجية ووحشية ومناهضة الإسلاميين لابسط حقوق الانسان وبين الدفاع عن قيم الحرية والتسامح المميزة للدول الغربية عن غيرها.. حتى الأمس القريب كانت الدول مثل السعودية وتركيا وباكستان وإندونيسيا وأفغانستان و.. والتي تقمع وتقتل بأكثر الطرق الوحشية مخالفيها وتقمع كل الأصوات التي تنادي بالحرية وكل من يفكر خلافا لهم بالحديد والنار، كل هذه الدول كانت ولا تزال في علاقات جيدة ومستمرة مع الدول الغربية ومنها فرنسا وتتبادل المصالح التجارية وتسلح باحدث وأكثر السلاح تطورا ولا يوجد انتقاد علني على كل هذه السياسات القمعية.. وان فرنسا نفسها كانت متورطة في دعم الإسلاميين المتشددين في سوريا.. ان دفاع فرنسا عن العلمانية وقيم الجمهورية هو ادعاء باطل والذي لا يقل عن بطلان مناهضة الجمهورية الفرنسية للدين منذ الثورة الفرنسية والتي كانت دائما ما تمسك رجال الدين بيد وتستخدمهم عندما تحتاجهم وتتركهم عندما تتعارض مصالحه مع رجال الدين. ان الطبقة البرجوازية في بداية الثورة الفرنسية كانت بالضد من الدين ورجالاتها وسلطتها ولكن بعد ذلك أدركت أهمية الدين ورجالاتها في قمع الطبقات المحرومة من العمال والكادحين.. ان قيم الجمهورية الفرنسية هي هذا وهذا مايريد الرئيس ماكرون استخدامه ولنفس الغرض ولا ربط له بحرية التعبير والآراء وإنما له الربط بتصادم المصالح لا غير..
وان دفاع الدول الإسلامية وخاصة تركيا عن الإسلام والدين الإسلامي امام هجمة التيارات القومية في الغرب والتي تعبر عنها فرنسا هي موضع السخرية لأن المسلمين معرضون للإهانة كل يوم وكل ساعة في دول ما تسمى بالدول الإسلامية عن طريق تجويعهم وقمعهم وحرمانهم من أبسط الحقوق , وتعتقل وتقتل كل من يخالف أنظمتها الاستبدادية .. ولهذا السبب يهاجر الشباب والنساء ما تسمى بالدول الإسلامية بحثا عن حياة أفضل في الدول الغربية. ان الدفاع الكاذب عن مشاعر الناس في دول ما تسمى بالإسلامية هي بضاعة رخيصة يصدرها الإسلاميون لان مشاعر الناس تهان يوميا بألف طريقة ولا يتفوهون بكلمة عن كل هذه الإهانات ووضع مشاعرهم تحت الأقدام فقط لانهم يريدوا ان يعيشوا مثل الإنسان. ان تركيا نفسها تجبر الناس ان يعملوا 12 ساعة من العمل الشاق فقط لكي تحصل على لقمة عيشها . وتحرم اكثر من 25 مليون إنسان من حقهم ان يعتبروا أنفسهم كردا ويواجهون أبشع أساليب القمع بالرغم من اعتبارهم مسلمين . والبطالة المليونية وقمع التظاهرات وزج عشرات الآلاف من السياسيين في السجون والمعتقلات بسبب ارائهم السياسية و.. الخ. ان هذا الدفاع عن مشاعر المسلمين هي كذبة كبيرة من قبل تركيا والدول الإسلامية الأخرى وكذلك تيارات الإسلام السياسي في العالم. كذبة تخفي من ورائها المصالح الحقيقية وهي حصولها على السلطة والمال والنفوذ بتحريك الاحاسيس والمشاعر الدينية للناس البسطاء. ان كلا طرفي الصراع رجعيين ولا يمتون بصلة للمشاعر ولا بالدفاع عن حرية التعبير وإنما له الصلة الحقيقية بالمصالح والسلطة والنفوذ . كلا طرفي الصراع مخالفان لمصالح الجماهير المحرومة من العمال والكادحين والفقراء في فرنسا وفي الشرق الأوسط والعالم قاطبة. ان الانحياز الى احد أطراف الصراع والوقوع في فخ الحملات التي يقومون بها هي خط سياسي ويجب ان نفصل صفوفنا وموقفنا عن هذه الصراعات الرجعية والتي تخبيء مصالح الطبقات الغنية والبرجوازية في جوهرها ولا ربط له باي صلة بمصالح الأحرار والشرفاء والمدافعين عن القيم الإنسانية والتي نناضل من أجلها .
ان كل إنسان له الحق في ان يعبر عن آرائه مهما تكون، وان كل إنسان له الحق ان ينتقد ما يشاء ولا توجد أية قدسية لأي فكر وأي دين او أي معتقد وكل شيء قابل للنقد حتى وان كان النقد ساخرا .. ان الانسان نفسه هو المقدس ويجب احترامه واحترام كرامته و معيشته وحياته .. ان كل إنسان حر في ان يعبر عن معتقده وان ينشره مهما يكون حتى وان كانت آراءه فاشية , وليس هذا جرما بحد ذاته ولا يجوز اعتقال او معاقبة أي فرد بسبب آراءه. اذا قام شخص بنشر أفكاره الفاشية فهي ليس جرما ولكن عندما يقوم بعمل فاشي ويؤذي الآخرين فهذا يعتبر جرما و يعاقب عليه ، أي يعاقب على أعماله الجرمية وليس على أقواله وآراءه .. هذا هو المفهوم عن حرية التعبير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا