الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسوية الإقليمية على حساب الفلسطينيين

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2020 / 11 / 4
القضية الفلسطينية


نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قلب مبادرة السلام العربية رأسا على عقب، بجعل التطبيع مع الدول العربية مقدمة للحل السياسي وليس العكس، وتمرير تصوره اليميني المتطرف للحل المنشود بزعم أن الحل مع الفلسطينيين غير ممكن خلال هذا الجيل، وأن أقصى ما يمكن أن يقدم للفلسطينيين هو تحسين ظروفهم اقتصاديا، أي تحسين شروط الاحتلال. أما نجاح نتنياهو، الملاحق بتهم الفساد، فلم يكن نتاج جهوده الفذة ولا أدائه الخارق لا داخليا ولا سياسيا، وإنما نتيجة هرولة العرب للتطبيع مع إسرائيل وكأن هذه الخطوة هي الطريق المضمون لقلب أميركا ورضاها عن الأنظمة العربية.
وكمن يزين الموت فيرش عليه شيئا من السكر، لا يلغي نتنياهو فكرة الدولة الفلسطينية تماما، فهو لا يعارض في إطلاق هذه الصفة ( الدولة) على الأشلاء والمزق المتناثرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي ستبقى بيد الفلسطينيين بعد اكتمال المخطط الاستيطاني، وسبق لنتنياهو أن طرح فكرة (خلاقة) أي أن الرجل فكّر خارج الصندوق! فاقترح قبل نحو عامين فكرة الدولة الفلسطينية من دون حدود.
إسرائيل أيضا هي دولة من دون حدود معيّنة أو مرسّمة لا في قانونها الأساس الذي يقوم مقام الدستور المؤقت، ولا في نص قرار الأمم المتحدة الذي اعترف بها، ولا في أي معاهدة دولية، ولكن شتّان بين هذه وتلك، فحدود إسرائيل مفتوحة على التوسع والاستيطان. بينما افتقاد الدولة الفلسطينية الموعودة للحدود يعني نسف الأساس الذي اعتمدته قرارات الأمم المتحدة، أي حدود الرابع من حزيران لعام 1967، ثم غياب أي سيادة لهذه الدولة على الأرض والمعابر والأجواء.
حاول نتنياهو أن يعرض اقتراحه كنوع من التفكير الإبداعي الخلّاق، وكسر التفكير النمطي، ولولا التضليل والخداع المكشوفيْن، المترافقين مع أعمال البطش والقتل اليومي للفلسطينيين، والاعتقالات ومصادرة الراضي وانتهاك المقدسات، لكانت فكرة نتنياهو مما يمكن أن يطرب له المختصون في الإدارة والريادة، ولكن الحقيقة أن من يتابع المواقف الإسرائيلية منذ خطاب نتنياهو في جامعة بار إيلان (2009)، وما رافقها من أعمال وإجراءات يدرك بوضوح أن إسرائيل عملت بأقصى طاقاتها لتقويض حل الدولتين، وبشكل محدد لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة.
فكرة نتنياهو القديمة – الجديدة هي امتداد للأفكار التي ما انفكّ يطرحها ساسة ومراكز بحث ودراسات إسرائيلية، وبعضها طرح على مائدة المفاوضات مثل اقتراح الحل الانتقالي طويل الأمد، ثم دولة بنظامين، أو دولة في غزة ولها نفوذ على "سكان" الضفة، وصولا إلى الحكم الذاتي الموسّع. وكلها أفكار واقتراحات تسعى للالتفاف على حل الدولة الفلسطينية، والإيحاء أن الاحتلال المؤبد هو قدر الفلسطينيين النهائي وأن أي حل قادم سيكون تحت سقف الاحتلال.
وتأتي اقتراحات نتنياهو في السياق الذي طرحه خلال السنوات الأخيرة وتبناه الرئيس دونالد ترامب، وهو مواصلة الحديث عن تسوية إقليمية، تبدأ بتطبيع العلاقات مع الدول العربية "المعتدلة" وتأجيل تسوية القضية الفلسطينية إلى أجل غير مسمى، ثم الحديث عن اصطفافات إقليمية جديدة تنخرط فيها إسرائيل في حلف مع الدول العربية ذاتها ضد إيران.
والغريب أن نجد بيننا من يرى في تدمير حل الدولتين مناسبة للترويج لفكرة الدولة الواحدة، وهي على كل حال مطروحة من جانب بعض الإسرائيليين، ولكنها حتما لن تكون دولة الحقوق السياسية والمدنية المتساوية، بل دولة تمييز عنصري سافر، دولة لن يتمتع فيها الفلسطينيون إلا بجزء من حقوقهم المدنية دون السياسية، لا سيما وأن كل العروض الإسرائيلية مقترنة مع اشتراط قبول الفلسطينيين بأن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن حق تقرير المصير هو حق حصري لليهود دون غيرهم في هذه الأرض، وأن كل العروض الإسرائيلية هي تسميات متنوعة لمسمّى واحد هو الأبارتهايد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من عمر بلفور
ابراهيم الثلجي ( 2020 / 11 / 4 - 11:25 )
كاتبنا العزيز
هناك ثوابت تاريخية ثبتها اصحاب القوة الغاشمة مع حلفائهم العرب بالمنطقة وجعلوا منها خارطة طريق لادارة شوؤن الاستعمار الانجليزي الفرنسي ولم يكونوا يوما مضطرين لتغيير اي شيء فيها وببساطة لعدم وجود ضغوط تذكر من اهل المنطقة
ننطلق مما يسمى الثورة العربية الكبرى فقد صدر وثيقة اتفاق بين الامير فيصل الاول وحاييم وايزمان سميت باسميهما وهي من وصفت بدقة الموقف العربي القبلي او العشائري مع طموحات الحركة الصهيونية وبالرعاية الانجليزية
وملخصها دعم الممالك والمشيخات العربية مقابل تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين وليس فقط قبول؟؟
وسفر تلك المنظومة القبلية كان بمثابة موقف عربي او الناطقين بالعربية وبعدها جرت الامور بالتناغم مع تلك الوثيقة مرورا بسقوط فلسطين واتفاقات الهدنة التي قادتها ايضا القبليات العربية
ولم تكن تلك الاتفاقات خارج الاطار العربي الحالي الذي يستمر بسياسات اجدادهم والمعروفة لدى الفلسطينيين بشكل واضح
وبالعودة لتلك الاتفاقات التي كانت منذ بداياتها على حساب الفلسطيني المطرود من ارضه والمخذول من اخوته والذي اظهرت الاعلانات الاخيرة للتطبيع انها قديمة من عمر بلفور

اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا