الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق واعدة لعلاج سرطان الدم

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 11 / 5
الطب , والعلوم


*تعريب فريق دار الأكاديمية لملخص محاضرة قدمها مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في المنتدى الثقافي في لندن.

يمثل سرطان الدم واحداً من السرطانات التي تشكل خطراً محدقاً بكل فرد على وجه البسيطة، وذلك لأنه كجميع أنواع السرطانات مرض قاتل قد يأتي دون سابق إنذار، بالإضافة إلى بعض الصفات الخاصة المتعلقة به، والمتمثلة بكونه يصيب وبأشكال خطيرة منه الأطفال في أعمار صغيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن وقوع سرطان الدم بين الفئات العمرية المختلفة وبأشكاله المتعددة قد ازداد وبشكل ملحوظ في السنين الأخيرة، ويعزو أغلب الباحثين ذلك إلى زيادة معدلات التلوث البيئي عموماً، والتلوث بالمنتجات الصناعية المعتمدة على الأساس النفطي دون وجود رقابة واضحة ودراسة مدققة عن تأثيرات هذه المواد ذات الأساس النفطي التي تستخدم في الدهانات والأصبغة والصناعات البلاستيكية أساساً، وحتى في بعض المواد الحافظة المستخدمة في الصناعات الغذائية. وقد يكون الأهم من ذلك كله الوحشية المنفلتة من كل عقال أخلاقي في مجال الصناعات النووية، وخاصة في مجال تخزين نفاياتها التي تظل مشعة بشكل سمي للخلايا البشرية لمئات الآلاف من السنين عقب انقضاء الحاجة الصناعية منها. وقد يكون مثلها الأكثر إيلاماً في حيوات الناطقين بلسان الضاد ما حدث في العراق حينما حولته قوات التحالف في حربي الخليج الأولى والثانية إلى مكب نفايات نووية مفتوح على مصراعيه لإلقاء الألوف المؤلفة من اليورانيوم الُمنَضَّبِ بحجة الضرورات الحربية المتعلقة بتعزيز القوة الاختراقية للقذائف والصواريخ الغازية!

وفي إطار السعي العلمي عالمياً لإيجاد علاج فاعل لمرض السرطان، تمكن فريق العمل البحثي في قسم علم الأمراض في جامعة إمبريال كولج اللندنية بعد ستة أعوام من البحث المستمر إلى إيجاد تقنية جديدة قد تمثل فتحاً علمياً باهراً من أجل علاج سرطان الدم خصوصاً، وكافة أنواع السرطانات الأخرى في المستقبل غير البعيد إذا استطاعت الأبحاث الاستمرار في الكشف المدقق والتطبيق المتأني لهذه الطريقة على السرطانات جميعاً.

وتقوم هذه الطريقة في مبدئها على تطوير خلايا مناعية تؤخذ من جسم الشخص المصاب وبحيث تزرع في الأوساط الخارجية، وتتم دراسة بنيتها تحت المجهر الالكتروني حيث يتم اختيار خلية أو مجموعة خلايا مناعية في الطور الأولي لنموها و هي لاتزال فتية جداً، ثم يتم عقب ذلك إجراء تعديل مورثي بتقنيات الدمج المورثي في قلب نواة الخلية المناعية لتصبح قادرة من خلال التعليمات التي تمثلها المورثة الجديدة التي دمجت في حمضها النووي على أن تتعرف على الخلايا الورمية وبشكل مبكر جداً خلال عملية تكاثرها الورمي، وبطريقة تستند إلى التعرف على البنية الأولية لغشاء الخلية الورمية التي تحمل مورثة تدعى WT/1 وفي مرحلة مبكرة تسبق عملية انتشار الخلايا الورمية من سرطان الدم في بقية أنسجة الجسم.

وبمعنى آخر تصبح هذه الخلية المناعية عقب إكثارها في المخبر ثم حقنها في جسم المصاب خلايا مناعية تقوم بدور الحراسة النشيطة ودور التحري المبكر للإمساك بالخلايا الورمية وبأسرع وقت. وتظهر الأبحاث أن هذه الخلية المناعية المطورة وراثياً لا تشكل أي ضرر على جسم الإنسان لكونها أساساً خلية طبيعية من جهازه المناعي طورت في المخبر لتقوم بدور الإنذار ومكافحة الورم بشكل مبكر.

وعقب الإمساك بالخلية الورمية تستطيع هذه الخلايا المناعية أن تتعرف على الخلية الورمية كجسم أجنبي ضار، وتبدأ حينئذ عملية الهجوم عليه وابتلاعه وهضمه وبالتالي إيقاف الورم في مرحلة مبكرة جداً.

ويمكن أن تكون هذه الطريقة العلاجية ناجعة في علاج جميع أنواع السرطانات مستقبلاً، إذ أنها يمكن تطبيقها حالياً لعلاج مختلف حالات سرطان الدم على اختلاف حدثياتها المرضية بين الحادة التي تتطور غالباً عند الأطفال وتتفاقم بشكل سريع وخلال مدة قصيرة، وبين تلك التي تتطور خلال فترة طويلة من الزمن يتخللها فترات من الهجمات الحادة، والتي تسمى بأورام الدم المزمنة. وفي المستقبل القريب يأمل الباحثون أن تكون هذه الطريقة ناجعة في علاج حوالي 180000 حالة سرطان دم في أوربا.

والعنصر الأكثر تشجيعاً في هذه الطريقة هو إمكانية تطبيقها بشكل فعال وبمنهج مشابه على أنواع أخرى من السرطانات الفتاكة كسرطان الرئة أو سرطان الثدي أو سرطان الكولون، والتي تتميز الخلايا السرطانية فيها بمورثات شاذة تؤدي إلى بنية خاصة لغشاء الخلية الورمية مما تتيح تطبيق نفس المبدأ العلاجي بالنسبة لهذه السرطانات أيضاً.

و قد تكون الميزة الاجتماعية الرفيعة لهذا العلاج المبشر هو كونه قابلاً للإنتاج بتكلفة زهيدة نسبياً، مما يتيح كسر حلقة التقاطب المهول بين الأغنياء والمفقرين بين شمال العالم وجنوبه المنهوب الذي لا يستطيع في معظم الحالات تحمل نفقات المذهلة التي يتوجب عليه دفعها لشركات الأدوية العابرة للقارات التي تحتكر عملية إنتاج و توزيع جُلَّ الأدوية النوعية على المستوى العالمي، وخاصة فيما يتعلق بالأدوية السرطانية الباهظة الكلفة إلى حد الإجحاف الأخلاقي الذي لا حدود لانحطاطه القيمي القائم على استغلال آلام البشر و معاناتهم كمصدر لتوليد أرباح فلكية بقوة مفاعيل قوانين اقتصاد السوق البربري و الرأسمالية الوحشية المعولمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #شاهد .. باكستان تستقبل 44 طالباً من غزة لدراسة الطب


.. لماذا يتأخر تشخيص سرطان الثدي عند الرجال؟




.. لماذا يتأخر تشخيص سرطان الثدي عند الرجال ؟


.. لما يهل عليكي الاكتئاب بسعراته الحرارية ??




.. في مواجهة الخصوم الأجانب.. مايكروسوفت تستعد لـ “سيناريو الفو