الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الانتخابات الأمريكية

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تنقسم الامة الأمريكية على نفسها ، مع كل انتخابات جديدة ، الى أمتين متعاديتين : أمة الحزب الجمهوري وأمة الحزب الديمقراطي ، الشيء الذي يتكرر حدوثه في العراق مع كل دورة انتخابية ، اذ يتكرر فيها انقسام العراق على نفسه : الى وحدات طائفية وعرقية يعاد فيها بعث أسوأ ما في التراث العربي الإسلامي ...

كلمة جمهورية عادة ما تذكرنا بجمهورية روما ، خاصة حين كانت روما : دولة - مدينة ، على غرار دول المدن السومرية ، ودول المدن الإغريقية ، قبل ان تصبح امبراطورية ، وهي الفترة التي انطلق منها المفكر * الفرنسي " جان جاك روسو " في كتاباته عن : اصل التفاوت والعقد الاجتماعي ، يوم كان مواطنو روما المدنيين : يديرون شؤون مدينتهم بشكل مباشر عبر مؤسسات ديمقراطية من اختراعهم وإبداعهم ...

انطلق مونتسكيو : المفكر التنويري الآخر ، في كتابه : روح الشرائع أو القوانين : يدرس أنظمة الحكم منذ روما ومروراً بدول المدن اليونانية ، ووضع أفكاره اثناء ذلك عن التقسيم الثلاثي للسلطات ، كما وضع فكرته عن توازن السلطات ومراقبة كل سلطة للأخرى ، ناظراً الى التمثيل البرلماني على انه الديمقراطية الحقيقية الرافعة للمساواة في الجمهورية ، وكانت الثورة البريطانية المجيدة 1688 التي لعب فيها البرلمان دوراً محورياً ، قد ألهمته هذا التوجه او هذا التعريف للديمقراطية ...

استفاد بناة امريكا ( الآباء ) من كتابات المفكر البريطاني جون لوك ، خاصة أفكاره الواردة في كتابه : مقالتان عن الحكومة .
وقد طبقت اولى الثورات الكبيرة في التاريخ فعلاً افكار هؤلاء المفكرين التنويريين : الثورة الفرنسية 1789 ، والثورة الأمريكية 1776 ، لكن الثورتين مالتا في دستوريهما وفي تقسيم السلطات الى مونتسكيو لا الى روسو ...

احببت - والانتخابات الأمريكية تدفع المرشحين الى الرئاسة : الى تكذيب بعضهما ، واتهام بعضهما البعض بشتى التهم اللااخلاقية - الإشارة الى ان وقت الانتخابات ليس مناسبة صحية يتعلم فيها الشعب كيف يتحد ، بل يتعلم فيها كيف يتفرق الى جماعات تعادي كل منها الآخرى ، وهو بالضبط ما حدث في العراق بعد ان اصبح اعضاء البرلمان موزعين على اساس طائفي وعرقي . النظام البرلماني وفكرته الأساسية : فكرة ان يمثل فرد واحد آلاف الناس لمدة اربع سنوات : فشلت في ان تحول دون النائب ودون ان يتحول الى دكتاتور صغير يتعدى على المال العام ...

صنع النظام النيابي في العراق : في تجربته الاولى بعد تأسيس الدولة عام 1921 : طبقة اجتماعية جديدة هي الأرستقراطية ( وهو ما يحدث لأول مرة منذ أيام حكم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب : اذ الارض " رقبة للدولة " في الفقه الإسلامي . بعد ان لم يتأكد نجاح تمليك الارض لرؤساء العشائر أيام حكم الوالي العثماني مدحت باشا عام 1869 ) حين أضفى الشرعية على الإقطاعيات الضخمة التي منحتها بريطانيا لرؤساء القبائل ، مكوناً طبقة اجتماعية لم تكن موجودة قبلاً هي : الاقطاع ، يحتاجها النظام الملكي كما تحتاجها بريطانيا كحليفة اجتماعية ضرورية ...

كما نجح النظام البرلماني بعد 2003 في تكوين طبقة اجتماعية جديدة غير منتجة وضد التصنيع والإنتاج : بما شرعه لأعضائه من رواتب ضخمة ، وبما غض الطرف عنه ، مما بدأ النواب يبتكرونه من طرق وأساليب وظواهر يحلبون بها ميزانية الدولة . فالنواب هم اول من أوجد ظاهرة الفضائيين ، وتعلمها منهم الوزراء وقيادات الجيش : حين اضاف البرلمانيون أرقاماً كاذبة الى قوائم حماياتهم ، وحراساتهم ، وحراسة عوائلهم وتقاضوا عنها رواتب ضخمة : كل هذه الواردات - اضافة الى امتيازات اخرى - صنعت منهم طبقة اجتماعية معيقة للتحديث والتقدم : تمتص واردات العراق قبل ان يتم استثمارها في مشاريع تحديث البنى المتهالكة : انها الطبقة التي لا تهتم بغير تكثير وارداتها الشهرية والقفز بها الى ارقام خيالية : في بلاد النفط والغاز والمقاولات الحكومية والاستيلاء على املاك الدولة او شراءها بأبخس الاثمان ...

ارتبطت ولادة ثقافة الفساد وتعممت عراقياً ، بتجربة النطام البرلماني الثاني وولادة هذه الطبقة الاجتماعية ، ولهذا لا أمل في إصلاح الأوضاع المتردية في العراق بهذا النظام . فعلى الشباب الثائر : البحث عن نظام سياسي بديل ، وعن ديمقراطية بديلة : لا تتضمن الانبطاح كعبيد امام سادة نصنعهم بانفسنا ، لكي يفكروا بالنيابة عنا ويسرقوا ثرواتنا ...

لم تجرب انظمتنا السياسية : الاسلامية والعربية نظام الحكم المبني على شكل من أشكال الديمقراطية ، لا نظام الخلافة السني ، ولا نظام الإمامة الشيعي ، ولا نظام الملوك الوراثي : جميعها تضمنت تكفير المعارضة والحكم عليها بالردة وذبحها، ووجود المعارضة ضروري لادارة الصراعات سلمياً عبر صناديق الاقتراع ، ولا يكتمل وجود الديمقراطية الا بها ، انه تاريخ حروب المقدس والمقدسين الذين يرفضون النقد ولا ديمقراطية من غير نقد عام لكل الظواهر الاجتماعية والثقافية ، أكانت تصف نفسها بالقداسة او لا ...
_______________
*المفكر عندي هو الذي يبلور عبر النقد : منظومة فكرية جديدة على انقاض منظومة فكرية سابقة ، ولهذا لا يصح تسمية سيد قطب مثلاً بالمفكر الإسلامي ، لان ما كتبه هو دفاع عن المنظومة الفكرية للإسلام ، لا نقد لها ، وبالمعنى نفسه لا يصح تسمية صاحب كتاب : النزعات المادية في الاسلام ، بالمفكر الماركسي لانه حاول الاسترشاد بالمنظومة الفكرية للماركسية لاستخراج تلك النزعات المزعومة ، لا تبيان تشويهها في التطبيق على مجتمعات ريعية وانظمة حكم استبدادية يتحكم بها قطبا : الإله السماوي وظله على الارض الذي هو : الخليفة او الامام او السلطان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا