الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يسيطر الصهاينة على الإعلام الكوني؟

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 11 / 7
الصحافة والاعلام


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: ما هو رأيك بخصوص سيطرة مجموعات الضغط الصهيونية أو المتصهينة على الإعلام والسلطة في الغرب؟

مصعب قاسم عزاوي: ذلك موضوع متشابك ينطوي على العديد من العناصر المتداخلة والمتغايرة في قوة التآثر فيما بينها بسبب تغير الزمن والظرف التاريخي المحدد لقوتها النوعية والوظيفية.

ولا بد أساساً من الإشارة إلى أن مفاتيح الحل والعقد في صنع القرار السياسي والإعلامي والاقتصادي في الغرب تكمن فعلياً بيد المجتمع الصناعي العسكري التقاني في تلك الدول، مشخصاً بتلك الشركات العابرة للقارات التي تحدد مصالحها وجهة الدفة التي تحرك كل المفاصل الصغرى والكبرى في الديموقراطيات الشكلية القائمة في الغرب.

وفي هذا السياق يبرز ذلك النموذج من تلاقي المصالح والتعايش الطفيلي على حساب مصالح الشعوب في أرجاء الأرضين بين الأهداف العقائدية الصهيونية بشكلها المسيحي واليهودي والعلماني، وتلك الأهداف التي تحددها مصالح الشركات الكبرى العابرة للقارات، و هو ما يفصح عن نفسه بذلك النموذج الغرائبي من الانتظام الحديدي كالبنيان المرصوص للمنظمات ذات الإيديولوجية الصهيونية ومن ينطوي في عديدها من أفراد يعضدون بعضهم فيما بينهم بكل الأشكال الشرعية وغير الشرعية للوصول إلى مناصب صنع القرار والتأثير السياسي والاقتصادي والإعلامي والاجتماعي والعلمي وغيره بشكل قد يستحيل إيجاده في أي تنظيمات بشرية أخرى غير مبنية على ذلك النموذج الحديدي من التعاضد الذي يحمي كل عناصر التفارق فيما بين أفراده في سبيل تحقيق هيمنة شمولية فكرية و سياسية و اقتصادية يحركها نموذج العقيدة الصهيونية بخلطته العجابية في تكوينها الهجين بين معتقدات ميتافيزيقية من عصور ما قبل التاريخ، وأخرى علمانية ذرائعية وليدة الثورة الصناعية في الغرب.

وتمتلك تلك المؤسسات الصهيونية قدرات فائقة في صناعة الوعي الجمعي على المستوى العالمي عبر وسائل الإعلام من خلال أعضائها الذين تعضدهم الوصول إلى مراكز صنع القرار الإعلامي في وسائل الإعلام المتسيدة عبر تلميع صورتهم ومكانتهم الإعلامية بشكل فائق، وحمايتهم من انكشاف عوارهم في حال ارتكابهم لأي خطل أو زلل، وذلك للقيام بدورهم الوظيفي المناط بهم في صياغة الملامح العامة والخطوط الحمراء الإعلامية التي لا بد من وسائل الإعلام المتسيدة عدم الخروج عنها، و التي لا بد أن تلتقي مع نسق توطيد هيمنة الشركات العابرة للقارات على مفاصل الحل و العقد في مجتمعات الديموقراطيات الشكلية في الغرب. و أحد أهم أمثلة ذلك النموذج من الدور الوظيفي للتعايش بين الصهيونية و الإمبريالية لتوطيد هيمنة الأقوياء على الضعفاء تمثل في ما تجاوز الأعراف السياسية في عدد من الدول الغربية إلى قوانين تنينية تجرم كل من تسول له نفسه انتقاد الكيان الصهيوني بأي شكل كان صغيراً أو كبيراً، واعتبار ذلك جريمة جنائية نكراء اسمها المختلق «معاداة السامية»، و التي اتهام أي كائن بها بمثابة إعدام معنوي و اجتماعي و فكري له لا حق له في استئنافه، في اعتبار قافز فوق كل حقائق التاريخ واللغة والعلم الراسخ في الغرب، باعتبار أن الساميين الوحيدين على وجه البسيطة هم من دانوا و يدينون باليهودية، و إنكار على نهج النعامة التي تدفن رأسها في الرمل ضاربة بعرض الحائط كل حقائق التاريخ، و تجاهل أن كل الأعراب الذين ينطقون بلغة سامية صرفة، ويصنفون -وفق التصنيف اللاعلمي الهرائي- الذي عفا عليه الزمن بأنهم سلالة الشعوب السامية من أكاديين، و بابليين، وآراميين، وكنعانيين، وفينيقيين، وآشوريين، وعموريين، و جميعها تحدثت بلغات تصنف بأنها لغات سامية؛ ودون القبول حتى بالتفكر بانتقاد و تصنيف سيل التخرصات التي تملأ وسائل الإعلام المتسيدة في الغرب عن الوعي والسلوك الإرهابي البنيوي المستبطن في شخصية كل عربي أيضاً في خانة «معاداة السامية».

والمنهجية الأخرى التي يتكئ إليها حلف تبادل المنافع ذلك في محاصرة وتقزيم أي جهود قد يتجرأ على الإتيان بها أي من يدين باليهودية لكشف القناع المصاغ بعناية فائقة عن حقيقة الخبث الذي يشكل جوهر ذلك التحالف الذرائعي المتوحش، تتمثل في تحقيرهم ووصمهم بأنهم من فئة «اليهود كارهي الذات»، في محاولة لإضفاء إيحاء باختلال منطقي أو عقلي في بنية شخصية ونتاج ذلك الشخص الذي رفض الانسياق والاستنفاع بما قد يقدمه له من مكاسب الانخراط في جوقة الأدوات التنفيذية لإرادة ذلك الحلف الطفيلي على مصالح الشعوب والمقهورين في كل أصقاع الأرض عموماً، و دون استثناء الشعوب والطبقات المهمشة في الغرب أيضاً من مفاعيل ذلك الحلف أيضاً. وعلى سبيل المثال عن أولئك الساعين في اتجاه عكس التيار الانتهازي المتسيد بين المجتهدين بأصول يهودية يمكن الإشارة إلى أسماء مهمة مثل براتراند راسل، نعوم تشومسكي، نورمان فينكلشتاين، آمي غودمان، غلين غرينولد، ليا تسيمل، وغيرهم.

ولتثبيت سلطة وقدرة التأثير الفائقة لذلك الحلف، كان لا بد من اصطناع هراوة قائمة بالفعل وقادرة على الضرب بيد من حديد عند الحاجة، سواء حين يصحو ضمير أي متكسب من منافع الانخراط كبرغي في ذلك الحلف، أو حين يحاول أي متضرر من مفاعيله كشف آليات الداخلية، أو حتى حين يخفق أي برغي تنفيذي في آلة الحلف العملاقة في الالتزام المطلق بتنفيذ الدور الواجب المناط به القيام به، ونموذج تلك الهراوة التي تتخذ شكل حربة في كثير من الأحيان يتمثل بشكل عياني مشخص فيما يدعى «رابطة معاداة تشويه السمعة»، و اسمها الرسمي باللغة الإنجليزية «Anti-Defamation League»، وهي في جوهرها مؤسسة مبنية على شاكلة أجهزة الاستخبارات في سريتها وعدم تحرجها من استخدام كل الآليات القذرة واللاأخلاقية، للقيام بعمليات ممنهجة «للاغتيال المعنوي» و «حرق وتهشيم القيمة المعنوية» لكل من وقع أي من التصنيفات السالفة الذكر عليه، وفي مفارقة مطلقة لاسمها العلني، حيث أن وجودها الوظيفي هو «لتشويه السمعة» وليس صدها عن أي من كان وبأي شكل كان.
ولتعزيز قدرات الفعل التأثيري لذلك الحلف، كان لا بد من تخليق مؤسسات متخصصة بالدعاية السوداء والعلاقات العامة من قبيل «لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية» واسمها باللغة الإنجليزية «American Israel Public Affairs Committee» المعروفة اختصاراً بـ AIPAC والتي لا بد لكل من يطمح إلى الصعود في سلم المناصب السياسية في الولايات المتحدة سواء على المستوى المحلي في السلطات التشريعية أو التنفيذية في الولايات أو على المستوى الفيدرالي، في مجلس النواب، أو مجلس الشيوخ، الحصول على رضا مؤسسة العلاقات العامة تلك، التي تمثل القمع الذي يتم من خلاله إغداق الأموال الهائلة المتدفقة من أقنية تحالف المجمع الصناعي العسكري التقاني وشركاته العابرة للقارات مع المنظمات الصهيونية النافذة لتمويل الحملات الانتخابية والإعلامية لتلميع صورة ذلك المرشح أو ذاك، و تشويه سمعة منافسيه واغتيالهم معنوياً بشكل يضمن أن لا تقوم لأي منهم قائمة سياسية بعد ذلك، وهو الحقيقة التي يجاهر بها الكثير من الصهاينة دون خجل في الصحافة الناطقة بالعبرية، وبشكل موارب لا يغيب فهم فحواه على كل عاقل لبيب في الإعلام في الولايات المتحدة.

وعلى المقلب الآخر تمثل مراكز العلاقات العامة والدعاية السوداء التي تتلبس بلبوس مراكز بحثية محايدة لإضفاء شرعية علمية ومهنية على نتاجها الخلبي الساعي في كل حركاته وسكناته لتحقيق الأهداف التي يرسمها ويحددها التمويل شبه السري وغير المعلن الذي يتلقاه معظمها من نفس المراكز المسيطرة التي تشكل أقطاب المجمع الصناعي العسكري التقاني في الولايات المتحدة ومن لف لفه وتحالف معه في لقاء مصالح استراتيجي أو تكتيكي مؤقت. وتتمحور أهداف مركز الأبحاث التلفيقية تلك حول تخليق وتبرير علمي مصطنع من الفراغ للمشاريع والأهداف الاستراتيجية والتكتيكية التي يروم المجمع الصناعي العسكري التقاني في الولايات المتحدة وأذنابه تحقيقها على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ليتلقفها وكلاؤه و عملائه ونواطيره المزروعون في مراكز صنع القرار كأنها حقائق علمية ومخططات مدروسة بشكل بحثي ومنهجي رصين لا بد من الاستجابة لفحواها التي لا تمثل في جوهرها إلا خارطة طريق منهجية مرسومة بعناية لتحقيق أهداف صناع القرار الحقيقيين في تلك المجتمعات.

وعلى الجانب الآخر في جهة جميع أولئك المتضررين من الهيمنة شبه المطلقة لأولئك المتسيدين من رموز المجمع الصناعي العسكري التقاني في الولايات المتحدة وتوابعه في باقي الدول الغربية ممثلاً بأخطبوطات الشركات العابرة للقارات المسيطرة كونياً، يظهر تصحر ذاتي وموضوعي شديد في وجود أي أصوات مناهضة وكاشفة ومفندة لحيثيات تلك السيطرة وآلياتها ومفاعيلها الكارثية على المستوى الكوني في غير مجتمع في أصقاع الأرضين، وخاصة في دورها الخبيث في صناعة الهول البيئي الجهنمي الذي ينتظر أوان انقضاضه على مستقبل البشرية جمعاء؛ وهو ما يتمثل في الاستكانة شبه المطلقة للغالبية العظمى من الفئات المتعلمة والقادرة على الإنتاج الفاعل للمعرفة «الإنتلجنسيا» على المستوى الكوني، وتضاؤل مساهمتها الضرورية في كل أنشطة جمعيات الحريات المدنية والمجتمع المدني المناهضة لتلك الهيمنة، وهو ما يتبدى في قلة النتاج الفكري والاجتهادي والعملياتي والمجتمعي المقاوم لتلك الهيمنة عموماً، وانحشار معظم مبادراته في أخاديد ضيقة، دون تشكيل حركة جمعية تنويرية شاملة تضم في عديدها كل المتضررين من تلك الهيمنة، الذين يجمعهم هدف موضوعي واحد هو الحفاظ على حيواتهم و مستقبل ذريتهم من بعدهم، وإعادة الاعتبار لكراماتهم المهدورة وعدم تركها لمستقبلها الأسود المهدد بالفناء الذي قد يصبح مصير البشرية جمعاء في حال عدم تحقق حالة طارئة من التضامن بين كل أولئك المتضررين وبشكل مُلح وعاجل، وبوزن نوعي يوازي حجم الكارثة البيئية الكونية التي تحدق بكوكب الأرض كصنيعة ونتيجة مباشرة لذلك النموذج الأفعواني الأخطبوطي من الهيمنة على مقدرات الكوكب المالية والبشرية والسياسية والاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر