الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذار..انها وليمة مسمومة

عبدالمنعم الاعسم

2006 / 7 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الطائفية لا تثير فتنة ذي رائحة كريهة، فقط، ولا تتسبب في فتح بركة دم لفيض من البشر الابرياء، حسب، بل انها ايضا غواية سوداء كالحة لجر الاوطان الآمنة الى دوامة الحرائق التي لن تطفأ قبل ان تخمد ارواح الملايين، وقبل ان يستقيل الوطن من ظيفته كوطن، ويتدحرج الراهن الى صورة تذكارية يطأها النمل والعطن.



والطائفية تلد نفسها بنفسها، مثل اية عاهة او لوثة تاريخية..تبدأ كفعل عابر من افعال الوشاية او الضغينة او الشائعة، وتستفحل دفاعا عن مجد زائل الى مزبلة، او خطوة واهمة الى جنة، ثم تكبر في دوامة ردود الافعال، وفي انخراط متطوعين مغفلين في جيوشها، وفي تفاعل الاتهامات بين خنادقها، فيضيع معها السبب بالمسبب، والفاعل بالمفعول، والضحية بالقاتل، والخيط الابيض بالخيط الاسود، والجهل بالمعرفة، فيما يشحذ اسياد اللعبة الجهنمية نصوصا نائمة من الهرطقة يهدرون بها حياة بعضهم، ودماء الجموع، ويوغلون اكثر فاكثر في تزييت ماكنة الكراهية بالمزيد من الروايات الملفقة والديباجات الخاوية. اما اطفال الطوائف المفزوعين فهم وحدهم يبقون غير طائفيين وليسوا قتلة، فيتحول ليلهم كوابيس ونهارهم لعلعة رصاص، ويتناثرون جثثا مستباحة للدواب في الشوارع.



والطائفية احالت امما كاملة الى هامش من هوامش التاريخ، واتت على حضارات لها وهج البقاء، وذبحت حقائق وشواهد واجيال والقت بها على قارعة الطريق، ونعقت، نعيق غربان، فوق جثث وخرائط وكتب مقدسة، وهي، في كل تعريفاتها، تنطلق من فتاوى مشحونة بتزويق القتل، وتجميل الاذلال، وتبجيل انهار الدم لتبقى وصمة سوداء في جبين اصحابها، واسيادها، أي رداء ارتدوا، واية لغة ركبوا واستخدموا، واي صف اختاروا.



الطائفية في القواميس هي "الابتلاء" وفي شهادة ابن عربي هي "المحنة" ولدى فرج فودة هي "اهانة للعقل" وعند علي الوردي "فضلات بداوة" ولدى الجواهري "عيب" وهي في كل الاحوال شبهة عن سوء نية، وعن شروع بالقتل، وهي تعبير حي عن انتكاسة الاخلاق ونكسة الوعي، ورحيل الجماعة المتقاتلة على الهوية الطائفية من المدينة الى الكهف، ومن الحجة بالبرهان الى الحجيج بالسكاكين، واشارة الى سقوطهم في صفقة بيع الدنيا وشراء عارها، فليس ثمة رب عادل يمكن ان يجازي قاتل اخيه، ولا وجود لعدالة تبرر قتل انسان لم يرتكب جرما ولا خطيئة.



والطائفي، ايا كان فقه التأويل الذي يتبعه، ومن اي منحدر انحدر، وعلى اي مذهب قاتل وقتَلَ وقُتِل، هو وقود للهمجية، وتابع من توابع الردة، ونذير لهجمة الجراد والغبار، يكفي انه يستبيح دم الابرياء، ويبيح تدمير حياتهم، ولا يتوانى عن ان يحول دماءهم الى مجد، ومكابداتهم الى ثروة، واذلالهم الى احتفال، ويكفي انه يضفي على الجريمة البشعة صفة الجهاد، وعلى المذبحة عنوان البطولة، والطائفي -بعد ذلك- يجرب الان ان يأخذنا الى وليمة مسمومة.. فلنضرب عن الطعام.

ــــــــــــــــــــ

..وكلام مفيد

ــــــــــــــــــــ

"اذا لم نعرف قيمة ما لدينا خسرناه".

مثل صيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز