الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقلم الدكتور علاء العبادي: قراءة في قصيدة (ولا أخوته ) للشاعر والناقد مقداد مسعود

مقداد مسعود

2020 / 11 / 9
الادب والفن


بقلم: د. علاء العبادي
يستهل الشاعر مقداد مسعود قصيدته "ولا أخوته" بإنكار معرفته بكنهِ شعور بالغبطة يجتاحه، وهذا ما يؤكده عنوان قصيدته الذي يعترف منذ البدء بالإنكار، وإذ تعوّد القارىء أن يستدلّ بالعنوان على كنه ما سيقرأ في النص، إلّا أن شاعرنا يرمي بنا في دهليز العنوان الذي كنّا نرجوه ثريّا تنير لنا الأرجاء، لكن عنوانه حازم في النكران بإمارة بنائهِ المبهم. وتتضاعف الحيرة في البيت الثاني حيث لا ندري أتجتاحه الغبطة أم تحتاجه، ويؤدي الجناس اللفظي هنا دورا رئيسًا في تعظيم الحيرة التي تصل ذروتها حين نُباغَتُ باعتراف جديد و مخالف وهو أنّه نفسه يحتاج تلك الغبطة.
ينتقل الشاعر بسلاسة بعد ذلك إلى مرحلة جديدة يحاول أن يوضح فيها أسباب تلك الغبطة وخفاياها، إلا أنه يُبقي الإبهام قائما بشأنها، فهو يُنفق وقته بهدوء مُعطّر، وتتماهى روحه مع جمال الطبيعة إذ يقول "أصغي لعشب يتدفق في مراياي" فهو لا يكتفي بالنظر إلى روعة الطبيعة إنما يحيلها لكائن حي يستمع إليه فيُلهمه، ويتدفق الإلهام فيملأ مخيال الشاعر. ونكاد نجزم هنا أن الشاعر يُعبّر عن مَلَكة الشعر التي تتلبسه، والتي تتجلى حين تحتفي حواسّه بالطبيعة. ويظهر ذلك جليّا في الأسطر التالية حيث يُلهِمُ الضحى الشاعرَ فيتجلى شعراً. ولايكتفي الشاعرُ بسحر الطبيعة ملهماً له بل هو يرتشف التناغم "في استكانة شاي على كرويت مقهى"، ولنا هنا جانبان كاشفان لتجليات الشاعر، أولهما أنه يعود إلى حواسّه، كما فَعَلَ في البدء،فإن كان يصغي من قبل إلى العشب فهو الآن يرتشف "التناغم" ولابدّ أنه يشير، بقصدٍ أو بدونه إلى الشعر. الجانب الثاني الذي يكشف أن الشاعر مهووس بالشعر هو انعطافه في لحظات التجلي إلى المحلية والبيئة الملهمة له المتمثلة بالمقهى، ونزول لغة القصيدة العالية نزولًا طوعيا إلى مفردات عامية، لايمكن استبدالها بأية مفردات فصحى، لتُعبّر عن ولعه ببيئته المُلهِمة، أو على الأقل، بمكانه الأثير الذي يحلق به نحو الإلهام، وهو المقهى.
يُمكن لنا بعد ذلك أن نقسم القصيدة قسرًا إلى نصفين، إنتهى أولهما توا وابتدأ الثاني حيث يذهب خيال الشاعر،الذي كان يوسوس في روحه في النصف الأول، إلى المستقبل المبهم، بعد أن كان الحاضر في النصف الأول مضمّخا بشذى الطبيعة ومحدّدا بالمكان الملائم المتمثل بالمقهى. سنلحظ الإبهام الذي يكتنف المستقبل جليّا من خلال تشظي الأبيات في النصف الثاني حيث يكتفي البيت بكلمة واحدة أو بكلمتين، ولا نرى هنا أبيات طويلة كتلك التي غمرت بداية القصيدة غبطةً وعطرا ونسيما، فضلًا عن التناغم والتجلي. وإذا كان المكان محددًا في النصف الأول فإن النصف الثاني غائم في اللامكان و اللازمان، و الأكثر إيلامًا أن الشاعر كان يُصغي في البدءِ إلى همسات العشب المُلهمة، والإصغاء إرادة ورغبة، في حين أن النصف الثاني الذي يتطلّع نحو المستقبل يكاد يعكس حاضر الشاعر الذي لا يسمع فيه غير النباح.

________________________________________



ولا أخوته

لا أفقه ُ كنهًها : غبطة ٌ تجتاحني
هل تجتاحني الغبطة ُ أم تحتاجني
غبطة ٌ أحتاجها؟
هنا أنفقُ ساعتي اليدوية
بين الهدوء المنسّم عطرا ً
أصغي لعشب ٍ يتدفق في مراياي
أو
أطرّزُ أطرافَ الضحى
بما يتجلى
أو
أرتشف التناغم في أستكانة شايٍ
على كرويت مقهى
في سنوات ستجيء
محملة ً
بغموض ٍ شفيفٍ
يسرَح ُ
إلى سِنة ٍ
في
اللا مكان
هنا
لا زمان َ ينبحني
ولا أخوتهُ
في
النباح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح