الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطائفي يُفشل القتال مع الاحتلال الأميركي

سلامة كيلة

2006 / 7 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


إذا كان أبو مصعب الزرقاوي يدعو علناً إلى إعلان الحرب على الشيعة (الروافض)، فإن بن لادن في الشريط الأخير له يبرر قتل الشيعة بأنه لا يجوز أن يعاني أهل السنة ولا يعاني هؤلاء. أي مادام أهل السنة يتعرضون للقتل ( من قبل الاحتلال الأميركي) فإن قتل الشيعة حلال. لماذا؟ طبعاً يبدو أن بن لادن يضع الشيعة في صف الاحتلال لأن مناطقهم لا تشهد قتاله كما تشهد المنطق السنية حسب تفسير بن لادن ذاته. لكن لماذا لا نقاتل قوات الاحتلال؟ وسنلحظ أن "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" لم يفعل ذلك ولقد ركز نشاطه ضد المدنيين تحت شعار الحرب ضد الشيعة. كما أن قوى أصولية شيعية تقتل السنة وقوى أنشأها الاحتلال تقتل هذا وذاك.
وبالتالي فإن تبرير بن لادن لا يغطي المسألة رغم المناورة في "الكلام". فما ذنب الشيعة إذا كانت قوات الاحتلال تقتل المدنيين في المنطقة الغربية من العراق (وهي تقتل أيضاً مدنيين في الوسط والجنوب)؟ المشكلة هي مع قوات الاحتلال وعملائها، فهي قوات إحتلال وهي تقتل المدنيين بفظاظة، كما أنها تعتقل وتعذّب وتنشر الفوضى. وإذا كان الجنوب "الشيعي" لا يشارك بفاعلية في المقاومة (رغم أن ذلك ليس دقيقاً، حيث أن المقاومة تعلن أنها تضم أفراد من كل العراق) فمن الضروري العمل من أجل أن يشارك لا الإمعان في قتل المدنيين و التشويش على نشاط المقاومة، وفي الأخير تقليص مشاركة "الشيعة" في المقاومة و دفع المواطنين إلى الكفر بكل مقاومة. لقد شاركت قوات الصدر في المقاومة، وهي تشارك، لكن القتل طال الحي الذي تسيطر عليه، أي مدينة الصدر. وهذا يؤشر إلى أن المشكلة ليست في عدم مشاركة الشيعة في المقاومة، بل أن النظرة الأصولية المسبقة هي التي تحدد الموقف من الشيعة، وهي التي كانت تبرز واضحة في خطاب الزرقاوي. هذه النظرة التي أفضت وتفضي إلى تفعيل الحرب الطائفية ضد الشيعة أكثر مما تفضي إلى ممارسة الحرب ضد الاحتلال الأميركي.
وإذا كان قد ضُحي بالزرقاوي فها أن بن لادن يتولى المهمة ذاتها، أي العمل على تسعير الحرب الطائفية في العراق، والإمعان في قتل المدنيين وإثارة الفوضى، وبالتالي التشويش على المقاومة ومنع كل قطاعات الشعب من المشاركة فيها، حيث أن القتل الفوضى يجعلا التظاهر محفوفاً بالمخاطر، الأمر الذي يمنع التعبير عن الرفض الشعبي للاحتلال. ويصلح شعار القتال ضد أميركا هو قتال لمصلحة أميركا. حيث أن هذا النمط من القتال وانطلاقاً من فتاوى مغرقة في القدم يقود إلى تحويل التنوع المتمثل بوجود أديان وطوائف متعددة يمكن ان يغني بعضها بعضاً، إلى تناقض داخلي وصراع تفتيتي وتدمير ذاتي، على حساب التناقض مع السيطرة والاحتلال الامبرياليين ولمصلحتهما. ولهذا تمارس أميركا الدور ذاته عبر قوى قتل انشأتها. وسنلحظ بأن إستراتيجية الفوضى الخلاقة التي وضعتها يقوم على ما ينظّر إليه الزرقاوي و بن لادن، لأنها تقوم على أن التنوع الديني و الطائفي يجب أن يتحوّل إلى تناقض دموي. ومن يراجع كتابات برنار لويس و فؤاد عجمي وكنعان مكية يلاحظ التوافق والتكامل، حيث أنهم ينطلقون من أننا مجتمعات مفككة دينياً وطائفياً وإثنياً، وتعيش حالة صراع مستمرة، الأمر الذي يفرض أن يجري الفصل بينها وتشكيل كيانات مستقلة لكل منها.
بمعنى أن هؤلاء يرون الماضي البعيد لأوضاعنا، و التناحرات التي كانت تجري آنئذ، دون لمس أن الواقع يشير إلى أن التناحر إنتهى وأن الاختلاف بات يشكل تنوعاً. كذلك فإن الأصولية تعود بنا إلى الصراعات القديمة إستناداً إلى فتاوى غدت من الماضي، الأمر الذي يجعل مشكلات الماضي هي بديل المشكلات الراهنة، ويصبح قتال الشيعة أو قتال السنة هو الأساس، رغم أن الأساسي الآن هو السيطرة و الاحتلال الأميركيين. وهذا يفيد الاحتلال لأنه يحوّل المعركة من حرب ضد الاحتلال إلى تناحر داخلي تدميري يضمن إستمرار الاحتلال.
نتمنى أن تركز القوى الأصولية حربها ضد الاحتلال الأميركي، لكن الأصولية تجعلها تغلّب أوهام الماضي على الواقع الراهن، وتعيش وهم حرب لا تفضي سوى إلى تدمير مجتمعاتنا. وبالتالي ضمان إستمرار الاحتلال بدل السعي لطرده. الأمر الذي يجعلنا نشير إلى أن المنطق الأصولي عاجز عن مواجهة المشروع الامبريالي، على العكس من ذلك فهو يضعف مقاومته عبر إثارة مشكلات داخلية مفتعلة.
المطلوب اليوم هو توحيد كل القوى لمواجهة المشروع الامبريالي، وإشراك كل قطاعات الشعب في المقاومة. لأن ذلك وحده هو الذي يسمح بتحقيق الانتصار. أما تقسيم الشعب إلى أديان وملل وطوائف وإثنيات، فلن يقود إلا إلى تكريس السيطرة الامبريالية. وهنا يجب أن يكون واضحاً أن الصراع هو صراع سياسي وليس صراعاً دينياً بأي حال من الأحوال. فأميركا تحتل لأنها تهدف إلى النهب والسيطرة على النفط ، لا لأنها تمثل قوة دينية. فطالما دعمت القوى الأصولية الإسلامية، وإعتبرت أن بن لادن هو رمز السعي إلى الحرية حينما كان يحارب عدوها الاتحاد السوفييتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي