الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البوليساريو تنتحر

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ما جرى الى حد اليوم بمعبر الغرغرات لا يعد حربا حقيقية ، وانْ حاولت ابواق الجبهة النفخ في ما حصل ، لتقدم مادة كاذبة الى الصحافة العالمية ، والى الصحراويين الذين يجهلون كل شيء ، لامتصاص غضبهم من القرار 2548 الذي حسم مع خيار الاستفتاء وتقرير المصير ، وركز على الحل التوافقي الذي هو حل الحكم الذاتي .. فما حصل هو مجرد مناوشات لانّ الحرب بمفهومها الاستراتيجي بعيدة كل البعد عن جبهة البوليساريو ، لأنها اكبر منها من جهة ، ومن جهة لتوظيفها في خدمة اجندات الجزائر، باسم الصحراويين المُغرّر بهم في معركة خاسرة من بدايتها ..
ان اكبر خطأ سقطت فيه الجبهة ، هو حين انطلى عليه مقلب اتفاق 1991 الذي وقعته عن طيب خاطرها ، ورغم ان الاتفاق احدث ما يسمى ب " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، " المينورسو " ، فان الهيئة ومنذ انشاءها ، ظلت عاجزة عن القيام بالمهام التي تم احداثها من اجلها ، ومع مرور السنين سيتم افراغ الجبهة من اختصاصاتها الرئيسية ، ولتصبح بقدرة قادر مكلفة فقط بمراقبة وقف اطلاق النار ...
انْ تستحلي جبهة البوليساريو الراحة طيلة ثلاثين سنة من توقيع اتفاق 1991 ، وان ترتمي في البروتوكولات الخاوية التي لا تخدم في شيء حل الانفصال ، وكانت في اصلها مقلبا لشل الزخم الذي كان للجبهة قبل 1991 ، والذي نفخت فيه الحرب الباردة ... وبعد مرور ثلاثين سنة من الانتظارية القاتلة لينوب عنها مجلس الامن في تطبيق كل بنود ونصوص اتفاق 1991 ، لهو غباء ما بعده غباء ...
فإذا كانت الجبهة بتوقيعها اتفاق 1991 الذي وضع حدا لحرب كانت جارية ولم تكن مناوشات ، ورغم مرور ستة عشر سنة من الحرب التي كادت ان تعطي نتائجها ، وكادت ان تسبب في تغيير النظام في المغرب الذي استمات صابرا ، ومتحملا الموجة التي كانت اكبر منه ، وهو الآن في اوج قوته ، سواء من الناحية العسكرية التي خدمتها ثلاثون سنة من الهدنة ، وان شئنا من حالة اللاّحرب واللاّسلم ، وانقلبت الصورة عكسيا حين أصبحت الدول التي كانت تعترف بالجمهورية الصحراوية التي انشاتها الجزائر في سنة 1976 ، تفتح لها قنصليات بمدينة العيون ، وبمدينة الداخلة ، ووصل عددها سبعة عشر دولة ، وتتجرأ دولة الامارات العربية المتحدة بفتح قنصلية لها كذلك بعاصمة الصحراء ... وانْ ينقلب مجلس الامن الدولي ، حكومة دول الأمم المتحدة ، بالانقلاب على القرار 690 ، وبرمي اتفاق 1991 في المزبلة الأممية ، وليتمالك كل الشجاعة في اصدار القرار المعجزة الشهير 2548 في 30 اكتوبر الفائت ... .. فكيف تعتقد الجبهة انّ ما فشل الرصاص في تحقيقه ، وما عطلته كل قرارات مجلس الامن التي كانت تحمل في طيّاتها استحالة تنظيم الاستفتاء ، ستحققه اليوم البوليساريو بغزوة الگرگرات بأربعين نفر باسم المدنيين وما هم غير بلطجية قطاع طرق لم ينجو من همجيتهم حتى الزفت المعبدة به الطريق ، دون نسيان التحرش بالجيش ، وترديد الكلام النابي ، والسب ، والشتم .. والتهديد بالاجتياح ، وبإشعال الحرب التي هي اكبر منهم ...
ان ما جرى بالغرغرات مؤخرا ، سبق ادانته من قبل مجلس الامن في القرار 2414 الصادر سنة 2018 ، وادانه الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا حين دعا الى فتح الطريق للمدنيين وللتجارة ... وهذا ليس له من تفسير غير ان جبهة البوليساريو حين غزت الغرغرات بدعوى غلق المعبر ، تكون قد خرقت اتفاق 1991 ، وتكون بتواجدها هذا ، ضد القانون الدولي ... ان المنطقة العازلة هي منطقة منزوعة السلاح ، ومن ثم فهي تخضع للأمم المتحدة التي تتحمل كل النتائج عمّا يحصل من تطورات تهدد الامن والنظام العام .. فدخول البوليساريو الى المنطقة العازلة هو تصرف ضد مجلس الامن ، وضد الأمم المتحدة ، وضد آلياتها المختلفة ..
وبما ان المنطقة العازلة المنزوعة السلاح تسمى كذلك ، فباستثناء التواجد العسكري المحرم لكلا الجانبين ، فان من حق المدنيين من كلا الأطراف ، ان تدخل وتخرج من المعبر من دون حرج ولا مشاكل .. وهذا بمنطوق القانون الدولي الذي ينظم ما يسمى بالمناطق العازلة ...
لقد فقدت الجبهة عقلها ، وفقدت اعصابها منذ ان اصدر مجلس الامن القرار 2548 ، الذي قلب المعادلة التي جاء على أساسها اتفاق 1991 ، ف " المينورسو " تم افراغها من مهامها ، خاصة منطوق القرار 690 ، والحلم بالجمهورية الصحراوية اصبح غبارا متناثرا في حضيرة الاتحاد الافريقي وفي العالم .. فكان تصرف البوليساريو شادا ، ودليلا على الارباك والإحباط ، وفقدان الامل الذي تبخر بانتظارية ثلاثين سنة في الثلاجة .. وعندما ارادت الجبهة الخروج من السبات الابدي وليس الشتوي ، وجدت ان الوقت قد فات ...
والسؤال الذي نطرح هنا : منذ متى ومعبر الغرغرات مفتوح ويشتغل بطريق عادي... ؟ ولماذا بالضبط اليوم الغراغرات مع العلم ان المعبر مفتوح منذ 2001 ..؟
ان ما قامت به الجبهة اليوم بمعبر الغرغرات ، والهجوم الفاشل على المحبس الذي جابهه الجيش المغربي ببسالة نادرة ، ومفاجئة البوليساريو بالأسلحة الفتاكة التي استعملها الجيش وكبدتهم خسائر لن ينسوها ...هو انتحار لشخص يائس أخلف الموعد مع فرص لن تتأتي له ابدا ، سواء الحالة والوضعية قبل 1991 ، او التفريط في اقتراح الحكم الذاتي الذي اصبح بدوره مستبعدا اليوم لفائدة الجهة المتقدمة الاختصاصات ....
الآن معبر الغرغرات اصبح محصنا ، لان وحدات الهندسة العسكريةة بنت وفي ظرف قياسي ، طوقا امنيا عبارة عن جدار طوله عشرة كلومترات ، لضمان تدفق الأشخاص المدنيين والبضائع ، ولإغلاق الثغرة التي كان الانفصاليون يتسللون منها ... والجدار الصخري يصعب اختراقه إضافة الى ملايين الألغام المزروعة خارج الجدار ...
وهذه الحقيقة التي استوعبها إبراهيم غالي ، دفعت به الى الاستنجاد بالأمين العام للأمم المتحدة ، وبمجلس الامن لحماية ما سماه ( الشعب الصحراوي ) ، وممثل الجبهة بأوربة وجه نداء من بروكسيل يدعو فيه الى تضامن دولي مع ما اسماه ب ( الشعب الصحراوي ) .. لكن ما يفوت هؤلاء ، انهم يجهلون ان العالم تغير منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وموت الأيديولوجية ، وزاد في تغييره الذي لم يكن منتظرا الوحش كورونا ....
ان الدول العظمى بمجلس الامن ، الدّركة لتاريخ المنطقة ، خاصة اسبانيا وفرنسا ، والولايات المتحدة الامريكية ، لن يسمحوا ابدا بانفصال الحصار عن المغرب ، لانهم مقتنعون بان معنى الانفصال يقابله سقوط النظام الملكي في المغرب ... فهل سيقبل هؤلاء بالتضحية بحليف استراتيجي قدم خدمات خطيرة ابّان الحر بالباردة ، ولا يزال مستعدا لتقديم خدمات اكثر ، لصالح تقوية دولة كانت عدوا ، ولا زالت تعيش بشعارات الحرب الباردة ولو من باب المتاجرة ، للحفاظ على الطابع الخاص لدولة ( الميلون ونصف مليون شهيد ) ...
شيء لا يمكن لعقل سليم تقبله ....
البوليساريو انتهى ... والجزائر تنتظرها أيام عجاف .. تبقى خاضعة لجميع السيناريوهات الممكنة والغير ممكنة .... انها في فوهة البندقية الغربية والإسرائيلية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية