الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب

فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)

2020 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لعلنا نتفق على التعقيد المفهومي الذي يلف هذه الظاهرة : هل هي حادثة خارج سياق التاريخ من زاوية كونها تتنافي كليا مع كل الأطر القائمة (القانونية ،السياسية،الاجتماعية)هل هو ظاهرة دينية ام سياسية أم الاثنين معا و ما حقيقة علاقته بالليبرالية و بالعولمة وكل هذه التساؤلات قد تمكننا من التعرف ولو جزئيا على الملامح العامة للإرهاب و" لتجربة الرعب" التي تنبثق منه .
لا يمكن أن ننكر أن الارهاب وجد سابقا كأحداث معزولة في التاريخ لكن وجوده كظاهرة متواترة و مؤثرة وكونية و جماعات تؤسس نظريا للفعل الارهابي من خلال مرجعيات دينية محددة كان في نهاية القرن العشرين و بداية هذا القرن وهو ما يدفعنا إلى تحديد السياقات العامة والمنظومات و في تقديرنا لا يمكن ان نعض النظر عن الاحالات التي ترسلها تزامن ظهور العولمة بالإرهاب المعولم بصعود الاسلام السياسي لسدة الحكم و كل ذلك يدفعنا إلى تبيان الأساس مشترك الذي ساهم و أعد لكي تطفو هذه الظواهر على السطح، إن المقدمة الموضوعية لكل هذا هي الشكل الذي اتخذته الليبرالية و الذي يتيح للفرد التفكير خارج القيد الانساني الأخلاقي و الاجتماعي مما أدى نسف مفهوم المسؤولية الأخلاقية للخيارات السياسية و للعمل السياسي.
لمزيد من التعمق في التحليل لا بد تحديد المسافات إن وجدت و التي تفصل الاسلام السياسي عن الارهاب دون إغفال علاقتهما بالمنظومة اليبرالية و بصفة أدق بالاختلال الحاصل في من خلال رغبة هذه المنظومة في نشر قيمها في مناطق غير مؤهلة للتقبل الفوري للتعددية الاختلافية من جهة ومن جهة أخرى قصورها عن صياغة تصورات تتجاوز التجريد البراغماتي و تقديم تصور يستبطن الأمل و يشيع شيئا من الغائية في الوجود الانساني أدى كل ذلك إلى صعود المحافظون الجدد الذين أسندوا لأنفسهم مهمة إيصال "رسالة" القيم الامريكية بمنطق لا يختلف كثيرا عن التصور الجهادي .
هذا المأزق مثل تربة خصبة لصعود الاسلام السياسي باعتباره منظومة تدعي الاجابة عن كل هذه الاحراجات ولا تتصادم مع التوجه الليبرالي في شيئ من الناحية الاقتصادية لكنه كان لزاما عليها ان أن تلف إسلامها بمسحة مدنية معتدلة تسهل تسويقها للرأي العام الدولي وللمجتمع السياسي الغربي وذلك ما حصل لتؤمن وصولها لسدة الحكم ،لكن الاشكال هو التساؤل عن الصعود الموازي للتيارات الجهادية و فيما تتمايز مع الاسلام السياسي في اعتقادنا و نحن نعلم أن المرجعية هي ذاتها فإن الاختلافات هي جزئية تتعلق بإدارة الحرب المقدسة فإذا كان الاسلام السياسي يتصادم مع المختلف و يدير هذا التصادم بشكل سياسوي فإن التيارات الجهادية تتخذ منهج الاستئصال المباشر و المرعب للمختلف و الوجه الثاني للاختلاف هو أن للتيارات الجهادية أدوار و ليس لها مشاريع هذه الادوار تسندها إياها اجهزة المخابرات أو الاسلام السياسي أو غير ذلك من الدوائر المشبوهة المالية و السياسية و كل ذلك لا يحتاج إلى دليل إذا كنا نعلم سهولة تنقل هذه الجماعات و الاموال الطائلة التي تحتكمها و طبيعة العمليات التي تقوم بها.
إن المسافة الفاصلة بين الارهاب التكفيري و الاسلام السياسي هي في أفضل الحالات أقل بكثير من المسافة التي تفصل أحزاب اليمين عن بعضها أو التنويعات داخل اليسار فإذا كان الاختلاف طفيفا داخل الااحزاب الايديولوجية و السياسية فهو أقل بكثير بين التيارات و الأحزاب العقائدية التي لها مرجعية واحدة ثابتة و مقدسة. و رغم محاولات التنصل التي تطبع الرسائل السياسية لحركات الاسلام السياسي في علاقة بالارهاب التكفيري و بالحركات الجهادية فإن التقاء الحركات الاسلامية ذات الطابع السياسي أو الجهادي هو لقاء موضوعي تفرضه طبيعة المرجعية أي "المقدسة" و طبيعة الأهداف المنشودة أي "دولة الخلافة".
و لمزيد من التوضيح نتساءل عما إذا ألغت الحركات السياسية الاسلامية بكافة تفريعاتها قاعدة الجهاد من أدبياتها؟
إن هيمنة الرأسمال المالي و قدرته على اختراق الدول و المجتمعات وتفكيكها ( المال السياسي و الأموال التي تضخ للجمعيات المشبوهة ...) و إخضاع الحكومات لمطالبه و إملاءاته لم تعد خافية و التي تتجاوز ذلك إلى محاولة فرض قيمها جعلت منه أشبه بالأحزاب العقائدية من حيث تصورها لدورها ( رسالة القيم ،الوصي) و قناعتها بامتلاك الحقيقة و الرغبة في فرضها مهما كانت السبل و كل ذلك سهل انخراط الرأسمال المالي في أحلاف تكتيكية بدءا بعلاقة الأمريكان بدعم شبكة الخدمات العالمية و صولا إلى الدور الذي أسند للدولة الاسلامية في العراق و سوريا و في شمال إفريقيا .
كل ذلك يظهر جليا في استثناء دولة اسرائيل من العمليات التي قاموا بها مع العلم انه حسب مرجعيات الاسلام السياسي أن فإن الجهاد هناك أولولية الأولويات ،إنهم كما قال التوحيدي "يكذبون عن أنفسهم بصدق و كل شيئ واضح "غير أن العيون عمياء" على حد تعبير ابن رشد.
هذا المشهد لا يمكن إلا أن ينتهي إلا بإعلان علاقة التيارات الجهادية بالإسلام السياسي التي ظلت دوما تخفيها وهي في ذلك اشبه بعلاقتها بعشيقها حين تتوفر الظروف الملائمة و حين يجد الاسلام السياسي و التيارات الجهادية في صراع مباشر مع الحليف الموضوعي و مع الرياح الجيوسياسية الدولية التي ستهب عكس ما يشتهون حينها سيتراجعون و هم في ذلك أشبه ب"بول البعير" و سيمضون مكرهين إلى غياب التاريخ و ستتحول البشاعات التي ارتكبوها إلى ترياق يحمي الانسانية من انزلاقات أخرى و سيتركون ورائهم إنجازاتهم الخالدة و التي هي أشبه بما بناه الاغريق و الرومان و القرطاجيين بدءا بإرضاع الكبير إلى جهاد النكاح و صولا إلى ختان البنات و غير ذلك من الانجازات.
13/07/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق شبكتنا في


.. رغم تصنيفه إرهابيا.. أعلام -حزب الله - في مظاهرات أميركا.. ف




.. مراسل الجزيرة ينقل المشهد من محطة الشيخ رضوان لتحلية مياه ال


.. هل يكتب حراك طلاب الجامعات دعما لغزة فصلا جديدا في التاريخ ا




.. أهالي مدينة دير البلح يشيعون جثامين 9 شهداء من مستشفى شهداء