الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب غزة .. والسؤال الآن .. !! ؟

بدر الدين شنن

2006 / 7 / 13
القضية الفلسطينية


الحرب غير المتكافئة الجارية الآن في غزة .. بين الدبابات والطائرات والمدافع الثقيلة والأسلحة الكيما - تكنولوجية الإسرائيلية .. وبين البنادق الفردية وبضعة صواريخ متواضعة الصنع نادرة الانطلاق والصدور العارية الفلسطينية .. بين المحمية الأميركية - الدولية .. وبين منظمات فدائية غطاؤها السماء وجدارها تعاطف وضمائر جماهير مقيدة بسلاسل الاستبداد .. تطرح سؤالاً ا ستثنائياً : هل تستطيع إ سرائيل الصمود والانتصار في هذه الحرب ؟ .. بصيغة أخرى .. هل هذه الحرب تعبير عن بداية فشل المشروع الصهيوني في فلسطين ؟ . وا ستثنائية هذا السؤال كونه يخالف قاعدة التأريخ المألوفة ، ذلك أن السؤال في التاريخ يرتبط بالماضي عادة لجلاء إلتباس ما في إحدى تجلياته أو مراحله . أما حرب غزة الملحمية ، فإنها في مجال التاريخ تقفز إلى أمام ، تستحوز على صفحات مستقبلية ، قبل أن تحسم الآليات الحرب . لأنه من عيون الشهداء المفتوحة .. من الجراح النازفة .. من صرخات الطفلة الميتمة الممزقة .. من زئير البيوت المهدمة .. من الإرادة القابضة على الجمر .. على السلاح .. على الحق المقدس بالحياة .. بالأرض .. بالحرية .. تنبثق .. تتجلى مقومات وأحقية هذا الا ستثناء

لم يعد أحد يجادل بحق تاريخي مزعوم لليهود في فلسطين . حتى اليهود .. بعضهم لقناعته ببطلان هذا الزعم دينياً وإنسانياً .. وبعضهم لقناعته بانتهاء المدة الأفتراضية لمثل الطروحات . بعد أن انتقلوا من التمسكن إلى التمكن ، صرفوا النظر عن مسوغات تاريخية لغزوهم لفلسطين . ومع الانتقال من التمسكن إلى التمكن انتقل مسوغ الوجود الإسرائيلي من منطق " الحق التاريخي " إلى منطق القوة .. القوة العارية الوقحة . تماماً نفس المسوغ الاستيطاني العنصري الذي أباد المهاجرون البيض وفق معاييره البشعة معظم الهنود الحمر والسكان الأصليين في القارة الأميركية وأوستراليا ونيوزلاندا

في حرب غزة تقاتل إسرائل الآن متسلحة بمنطق حق القوة .. مسقطة مقولة الصراع بين حقين تاريخيين ، التي ا ستغرقت خمسين عاماً من السجال الأكاديمي والسياسي . وإذ تسقط إسرائيل حق التاريخ في تسويغ وجودها ، تعلن خسارتها معركتها الأخلاقية ، ويصبح الصراع مكشوفاً بين حق الشعب الفلسطيني بالوجود وتقرير المصير وبين القوة التي تحاول ان تكرس ظلماً ا ستيطاناً ا ستعمارياً مخالفاً للقيم الانسانية والتاريخية والقانون الدولي

وعليه ، فإن حرب إ سرائل في غزة الآن هي مغايرة في حيثياتها وا ستراتيجيتها عن حروب إسرائيل الأخرى مع العرب . حروب الماضي كانت حروباً تأسيسية توسعية . أما حربها الآن الغزاوية فهي حربها الصغرى من أجل إسرائيل العظمى . وعلى ضوء ما سوف تستقر عليه هذه الحرب سوف تتحدد المراحل اللاحقة لتحقيق ا ستراتيجية الدولة العظمى . وإذ تقترب المضاعفات على مستوى هذه الخطورة تقرع أجراس الإنذار بتسفير عرب 1948 وسكان الضفة والقطاع " يهودا والسامرة " إلى مصر والأردن

أما قصة الجندي الإسرائيلي التي يزعم أنها غيمة الأسر التي جلبت " أمطار النار " أي الحرب ، فهي أقل من أن تستحق الوقوف عندها . فمثل هذه الحرب ضد شعب بأكمله لاتشن من أجل استرداد جندي أو حتى جنرال أسير . إنه منطق الدولة العدوانية التي تملك مخططاً عدوانياً مسبق الإعداد وفق ا ستراتيجية محددة مدروسة على مدار زمن ليس بقليل . وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن هذه الدولة تشكل خطراً كبيراً على السلام في المنطقة وفي العالم ، وهي لاتتورع عن إرتكاب حماقات عدوانية واشعال حروب إقليمية بذرائع أقل محدودية من ذريعة الجندي الأسير لتحقيق أهدافها وأغراضها

وعلى هذا ليس أمام الشعب الفلسطيني إلاّ أن يخوض حرب أقداره . لقد جرد من السيادة على أرضه .. من حقه السياسي .. من حقه الديمقراطي .. من حقوقه الانسانية .. من الكهرباء والماء والدواء .. ومن حق الحياة . لم يبق أمامه إلاّ أن يدفع الظلم بالمقاومة .. وأن يدفع الجوع والظمأ إلاّ بالصبر والجلد والعودة إلى الحياة البدائية .. وأن يدفع الموت المفروض عليه بالشهادة . وهو إذ يخوض هذه الحرب ، إنما يقاتل دفاعاً عن حقوقه ومستقبله وعن كرامة أمة وعن قيم إنسانية أساسية . ولأنه يمثل هذه الحقيقة فهو بات يشكل ، بعدما ا ستسلمت الأنظمة العربية للسطوة الأميركية الإسرائيلية ، العقبة المتبقية أمام المشروع الإسرائيلي العنصري الشرق أوسطي

وعود على بدء ، يفرض نفسه السؤال ، هل تعبر حرب إسرائيل في غزة الآن عن بداية فشل المشروع الصهيوني ؟ لاشك أن الذين يعنيهم هذا السؤال ينقسمون إلى تيارين . 1 - تيار " الواقعيين " عباقرة التحليل السياسي " الموضوعي " لموازين القوى العربية والدولية ، الذين يحبذون ويعملون على " التهدئة " أي وقف المقاومة ، والقبول بما ترميه دولة إسرائيل لهم من فتات أرض وفتات كرامة وسيادة . 2- تيار المقاومة ، وحملة الرؤى الثورية الاستراتيجية في الحاضر والمستقبل ، الذين يرون أن لاثوابت في موازين القوى .. والآفاق ليست مسدودة .. ويمكن بالفعل النضالي بكافة أشكاله صنع مقومات تفرض ثقلها على هذه الموازين وتعدل من إتجاهاتها . والعالم بعد أن صحا من صدمة انهيار المنظومة الاشتراكية ، بدأ يشهد إرهاصات حركات سياسية ثورية وإنسانية يبلغ تعدادها الآلاف . والمشروع الصهيوني مثله مثل المشاريع الاستعمارية الاستيطانية سوف يقشل تحت ضربات الشعوب ويصبح ذكرى سيئة في تاريخ وقائع المنطقة ، وعلى أنقاض هذا الفشل ستقوم في فلسطين دولة علمانية ديمقراطية تحتضن كل الناس المؤمنين بالعدالة والإنسانية

من المؤكد أن الطفلة هدى غالية .. عندما كانت تلوب بين جثامين والدها وأخويها صارخة باكية متمزقة المشاعر .. لاتدرك مسارات السجال بين تيار وآخر .. وربما أن المقاتل الذي يقتحم دبابة إسرائلية بحجر لايذكر أو لايهمه أن يذكر اسماء السادة المتحاورين والمنظرين .. وربما أن الأم الفلسطينية الأرملة والثكلى .. التي تخبز الآن على بقايا أبواب وشبابيك لتطعم صغارها لايهمها في لحظتها المأساوية ما قاله عباس أو حماس .. إلاّ أنهم جميعاً ومعهم مليون غزاوي يفهمون حقيقة واحدة هي .. أنه ينبغي .. أن لايمر الصهاينة .. أن لايدنسوا أرضهم

إنه وسام جديد على صدر المقاومة الفلسطينية البطلة ، لأنها بمقاومتها الباسلة لقوات الاحتلال الإسرائيلي ، أعادت الاعتبار لحركة التحرر الوطني العربية ، وشحنت طاقات النهوض بعزيمة جديدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا