الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق بلا -وطنيه- ولا عقل فعّال؟/3

عبدالامير الركابي

2020 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


عراق بلا"وطنيه"ولاعقل فعال؟/3
عبدالاميرالركابي
تبدأ "الثورة الوطنيه" العراقية اليوم ومن هنا فصاعدا بالاكتمال واكتساب مايوافق طبيعتها وماهي مطابقة لجنسه، باعتبارها ثورة مفهومية تحولية" انقلابيه" على صعيد المجتمعية بحد ذاتها بما هي كظاهرة، مع مايتعدى الحدثية الصرفة غير الناطقة عن مكنونهاكما هي غالبة حتى اليوم، بعدما أمضت قرنا من الزمن، الياتها خلالها تفعل حدثيا بلا تصور مطابق من جنسها، لتعديها الممكنات والاشتراطات القائمه، ماقد جعل واوجد من ثم اشكالا من "الاحداث الثورية" ماتزال مستمرة وتتجدد، بالاخص اليوم ومؤخرا منذ تشرين عام 2019، فحدث 31 حزيران 1920 و14 تموز 1958 الثوريان التحوليتان ( سنعالج الفرق بين الحدث الثوري والثورة في مواضع أخرى)، مثلهما مثل حدث تشرين الراهن، وجدوا بالرغم من، وبالضد، وخارج الأطر المضاده المهيمنه، والتي غدت الغالبة في حينه، لأسباب تغلبية غربيه نموذجية، تلخصت في: الشيوعية، والليبراليه، والقومية، اشكال فبركة واستبدال للوطنيه العراقية، وصيغة طمسها الاكراهي باسم العصر والحداثة، الامر الذي لم يكن ليمنع الاليات البنيوية العراقية التاريخيه من الحضور والفعل اليوم، كما كان عليه الحال ابتداء من القرن السادس عشر الى الوقت الحاضر، ابان الحقبة الأولى من التشكل الوطني الحديث الثالث: القبلي ابتداء، والانتظاري النجفي الثاني، وصولا الى الحداثي الاكراهي التزويري الالحاقي، المتميز بكونه حالة اسقاط الغائي من خارج البنيه.
ومن البديهي ان ترفض جمع التيارات المستحدثة رفضا قاطعا، القول الحالي بما يخرجها من خانة الوطنية الى مايضادها، كما هي متاصلة نوعا وديناميات في ارض مابين النهرين / العراق، وسيكون هؤلاء محقين اذا هم اعتبروا انفسهم بحسب نوع ومستوى وعيهم، وخياراتهم، وحتى احلامهم، او توهماتهم، بموقع الصدارة ضمن مايعرف بحركة التحرر الوطني، وراحوا يدللون على ذلك بخطبهم عن مواقفهم المناهضة للاحتلال والقهر بكل اشكاله، وبتضحياتهم واعداد شهدائهم التي قدموها على هذا الطريق، ولا شك اننا هنا امام نقطة جديرة بالتوقف، لاعلى طريقة هؤلاء التشنيعية الاسقاطية، بل بما يتفق وسياقات بناء المنظور الوطني الغائب بسببهم، او بحكم حضورهم ضمن اشتراطات وظروف بعينها، وجدوا هم ابانها كموجه عامه وكوكبية، لم يكونوا ضمنها فاعلين، او قادرين على استحضار ذاتيتهم التاريخيه بعد التعرف عليها، اوباعتبارهم احياء مبدعين عقليا، لانقليين باي درجة او مستوى يمكن ان ينتبه له.
وبالاحتكام للاليات، ولحركة التاريخ بطورها الراهن الحديث، لايمكن النظر للظاهرة " الوطنيه الحزبيه الايديلوجيه"، الا بما قد أحاط بها، وجعل وجودها ممكنا، وفي بعض الحالات لامعدى عنه، وبما اننا بصدد اعتماد الرؤية التحوليه التاريخيه متحققه راهنا، فلابد من ان نستعيد بهذه المناسبه "قانون الاستبدال" ومقابله "الانتقاص" المستحصل من العملية الاصطراعية الازدواجيه، الموافقه والملازمة لبنية الازدواج المجتمعي الأعلى، بما اننا ناخذ بالظاهرة المجتمعية على انها ازدواجية كينونة، وان الازدواجيات موزعه الى دنيا وعليا، ارفعها الازدواج المجتمعي الرافديني، الأقرب الى منطويات الظاهرة المجتمعية ومستهدفاتها، ثم الادنى منها مباشرة، الازدواج الطبقي الأوربي، الارفع داخل وضمن المجتمعيات الأحادية واعلاها بنية وتعبيرا وديناميات.
وكما كان عليه الحال ابان الدورة الأولى السومرية البابلية الابراهيميه من تاريخ هذا الموضع البؤرة، وماتبعها في الدورة الثانيه العباسيه القرمطية الانتظارية، فلقد حضر الاستبدال في الموضع المتميز بنموذجيته على صعيد ما يعرف ب "الدولة" والمجتمعية غير القابلة للتجسد ارضويا، مايوجب حضورها استبدلاليا: أولا بصورة " قبلية"، ومن ثم "انتظارية"، وصولا الى الشكل الأخير الثالث الممتاز عن الشكلين الأول والثاني بحكم كونه مناقضا كليا وبرانيا، من نمط اخر مستعار من خارج البنيه وكل اشكال تجليها الكيانيه الشرق متوسطيه، اكراهي تابع لمجتعية الانشطارية الطبقية، والاحادية العليا، وان بشكلها الارفع بما يجعلها قوة ماحقة للذاتيه، وللكيونونه والبنيه الضرورية، منطوية على أسباب ومقومات الامحاء النمطي الارفع، والإصرار على الحاق نوع بنية ونمطيه اعلى، لمقتضيات وشروط نمطية ادنى وجدت في حال صعود تاريخي استثنائي لحظي.
حين كانت ( بني مالك ، وحميد، والاجواد) القبائل العراقية السومرية الجنوبيه المشاعية تتجه نحو تشكيل أولى صيغ الكيانيه الحديثة، واجهتها مهمة اساسيه غير قابله للحل ذاتيا، تمثلت في حينه في استحالة "التغلب"من داخلها، وهي طبيعة في البنيه القبلية المشاعية، حيث ماكان متاحا إيجاد زعامه تكون بمثابة ترميز قيادي للوحدة الكيانيه، ماقد اضطرها للاستعانه بال شبيب، لتجعل منهم قيادة غير تغلبيه، منزوعة السلطة فعليا، قراراتها في الحصيلة ونهاية المطاف، لادولوية ولا ارضوية، حتى وان هي اعتقدت بانها زعيمه شكلا.
ومع بقاء "اتحاد قبائل المنتفك" واقعا وكيانيه مستقله على مدى يزيد عن الثلاثة قرون، تعج بالانتفاضات المسلحة والحروب والاحداث الثورية الكبرى، مثل ماعرف بالثورة الثلاثية عام 1787 عدا عن قرابة 150 حدث مسلح، كان من شانها تكريس الاستقلال ضمن شروطه الزمنيه، ورسم حدود غير منظورة، مفترض ان تتحول الى "كيانية" مستقلة، في الوقت الذي كانت فيه مثل هذه الميول حين توجد، تأخذ طابعا عراقويا، كما حدث في الثورة الثلاثية والمطالبه بكرسي الولايه باسناده ل " ثويني العبدالله الأسد الذي يؤمن الطرق ويحميها من العجم" كما جاء نصا في المضبطة التي وجهها الثوار المجتمعين في البصرة الى الباب العالي، وهو ماكان جد ثويني العبدالله قدابدى رغبته به قبله، هذا وظل جهد المنتفك مركزا على "بغداد" لدرجه تنصيب الولاة فيها، كما حدث مع "سعيد" الوالي السابق مباشرة على "داود باشا" الذي نصب بحراب المنتفك الذين دخلوا بغداد لهذا الغرض، مع ان المذكور هو ابن الوالي سليمان باشا الكبير، المملوك الذي هزم الثورة الثلاثية، والمعلوم ان داود باشا الذي كان هاربا وملتجئا عند ال بابان في الشمال، حين جاء ليحتل بغداد وحاصرها لكي يسقط "سعيدا" اخو زوجته، كانت بغداد تقاوم بالدرجة الأولى بقوة المنتفك ومقاتليها الالف، الذين حضروا الى بغداد لدعم سعيد، هذا وكان الوالي المملوك الأخير المعروف ب " الجبار"، داود باشا عند هربه وتركه بغداد الى الشمال، قد وجه رساله للباب العالي من منفاه يقول فيها نصا:"ان سعيدا قد حكّم العرب اهل الغشامة والجهل".
والحديث جار هنا عن "العراق الحديث" المطموس والمغيب بحكم وبسبب الهيمنه المفهومية الغربية، وبالذات منظور ويرلند الاستعماري المفهومي التاسيسي الذي يرى العراق متشكلا منذ 1831 أي مع الاحتلال التركي الثالث، وسقوط داود باشا 1817/1831 على يد "علي رضا" والحملة التركيه الأخيرة على بغداد، بما يجعل من العراق حالة بلا أي ماض، وجوده متوقف تاريخيا اليوم على الغرب وحضوره واستعماره، ومارافق مشروعه الاستعماري، ونوع كيانيته التي أراد فرضها على هذا المكان، الامر الذي يلحق بالرؤية الحديثة الشرق متوسطية الحديثة برمتها العطب والاختلال، وعدم الموافقه للمجريات الفعليه الحيه، وحيث يعرف عراق اليوم تاريخا يزيد على الثلاثة قرون من الوقائع الغزيرة التشكليه الحديثة، بظل الاحتلال الشكلي التركي، وطوره الممالكي الانابي، وتصارع العراقية الكيانيه مع المماليكية البغدادية، بما احتواه من مئات الاحداث الهامه، والوقائع الثرة، والمجابهات التي لاتهدأ والديناميه المتسقه الخاضعة لحكم اليات حيه تاريخيه ذات دلالات انقلابيه تاريخيه، هذا في حين يركز على ظاهرة من نوع "محمد علي الالباني"، ومجيئه الى مصر، و مايعرف ب "نهضته المزوره"، او محمد بن عبدالوهاب وحركته الدالة على خطل الاستناد الى نظرية، او رؤية جاهزه ماخوذه من الماضي، بظل اختفاء أسبابها العليه، لاجزيريا، ولا كيانيا شرق متوسطيا، أوعالميا، الامر الذي يجعل من تاريخ المنطقة خاضعا لنوع من الرؤية الايهامية المفبركه والمبتسرة،المركبة اعتباطا، دلالة على تعذر التعبيرية المطابقة في حينه من ناحية، وغلبة منظور ونموذج الغرب الحداثي ابان صعوده في حينه.
من بين المحطات الواجبة النظر بتركيز، تبادلات الحقب الرافدينيه الحديثة تحت محرك واليات اللاتجسد والاستبدال، وهو مايلاحظ من انتقال رافق واحاط زمنيا بالثورة الثلاثية عام 1787 ومابعدها وابانها من انتقال القبائل الجنوبيه المتسارع نحو التشيع، مايلاحظه بعض الباحثين ومنهم فهد عبدالله النفيسي في كتابه عن دور الشيعه السياسي في تاريخ العراق(1) ومايرتكز اليه وقائعيا، ونصيا استنادا لما كتبه مؤرخ داود باشا "ابن سند"، يلاحظ فية مستقظعا الانتقال السريع الى التشيع من جانب القبائل السنيه الجنوبية، من دون ان ينتبه احد من هؤلاء الى الفعل من اسفل المشاعي اللادولوي، واتفاقه مع مفهوم "الانتظار" كما صارت تمثله " دولة اللادولة المدينيه النجفية" التي ستتشكل كمجتمع لادولة، ابتكر اليوم قوانين ونظام (الاجتهاد والحوزة والتقليد) الذي هو رابطة البحر القبائلي الوثيقة بالمركز الذي لاسلطة مادية له، ولا احتكار للقوة، ماكان من شانه الحاق مزيد من الاضعاف والشكليه على موقع ودور ال شبيب، ومن ثم ال السعدون ورثتهم من بعدهم. وتوافق مع اتساع مدى التشكل الوطني الحديث وشموله منطقة الفرات الأوسط برمتها، وصولا الى بغداد، وبدء ملامح بدء عملية الصعود الى اعلى مع انتقال المرجع الأعلى أبو الحسن الشيرازي، الأهم في تاريخ المرجعية والتشيع الانتظاري الحديث، من النجف، الى سامراء موضع الانتظارية الأصل، التي منها صدرت الفتوى بالثورة عام 1920 على يد تقي الشيرازي، المرجع الذي ورث ابوالحسن، وليس على يد الشيرازي الأول الذي لوظل حيا لبضعة شهور، واصدر هو الفتوى، لدخل بناء لجملة سجله ومنجزاته"الوطنيه" تاريخ العراق الحديث، كاعظم شخصية "حديثة",
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع / فهد عبدالله النفيسي/ دور الشيعه في تطور العراق السياسي/ دار النهار ـ بيروت بالاخص ص 185/ كذلك يلاحظ اسحق نقاش ذات الظاهرة في كتابه/ اسحق نقاش/ شيعة العراق/ منشورات دار المدى/ ترجمة عبدالاله النعيمي/ سوريا ـ دمشق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر