الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هشاشة الدهشة /4 ... عراقيامة ديموزي

سلام صادق

2006 / 7 / 14
الادب والفن


ها انني الآن أراه
منفى جديد فغرَ فاه ، منفى وكنا نحسبه مَعبراً كمرفأ ، فصار اليوم بحقٍ منفى في المنفى
الآن آن أوان ماكنا نخشاه ، صار العراق بالنسبة لنا يمر بادوار استحالة معقدّة لاتفضي لولادة مؤكدة ، فراق ـــ اشتياق ـــ احتراق
اردنا له ان يكون قُبلةً وقِبلة دائمة فصار قبيلة وقنبلة موقوتة
خرج على قوانين الصحراء فخرجنا معه
ودخل سعير النار فدخلنا معه ، وما زال يحترق ، وما زلنا نحترق بعيدا عنه ، وما زالوا يرشون الكبريت على حطامه و آخر بقاياه
وبين التشاؤم والتفاؤل تروح الفواجع تتدحرج لتكبر ولاعلاقة لها بكرة الثلج هذه المرة ، بل بكرة النار
حتى صار العراق في الظن موجودا وغير موجود كأله
نصف غائب في الهم ، ونصف حاضر في المأتم
اضحية على صخرةٍ للا احد
حيّ وفي غيبوبة كمن في العناية المركزة
فكيف نرهف السمع الى رمقه الاخير ، وهو يلوب تحت وابل من الرصاص
مقتول ومندهش من شدة القتل
يوصد الكوة على احلامه ، فيوسعون الدرب امام خطاهم نحو الكوابيس ، ويحسبونها خطاياه
يسطو على الذاكرة ليستقر في النسيان
وكيف لمركز الرنين ان يصبح هامش الارتداد ؟
نختلف على كونه كذا ....فنشرع عليه ابواب جهنمنا
نفتح فيه مكامن الخيال الدموي وننسبه للعنف والمدرعات المصفحة بالغزاة
ندفعه في مجرى الدم ونتباهى بان له صارية وشراع ، بينما هو يغور مختنقا نحو القاع
ونعطي للميتاورائي فيه شكل وردة حمراء ، ونسميه حديقة ، وهو نزيف فاقع
نخدع هندسة الابتكار لنخترعه غموضا ملتبساً بلا فرضيات أو براهين
نصبغه بما هو سطحي لنبلور شحوب الجوهري فيه حتى حدود الشك القاتل
لنا معه الف لعبة خاسرة نجره اليها بحبالنا واحابيلنا ، سحلاً الى دائرة الاتهام
نعشقه ونكذب عليه، حين لانعطي لهذا الوله عنوان ، وللهيام به اسم وسيماء
نطرح الاسئلة عليه وعلى انفسنا ، فلا نتعظ ، ولا نترك فسحة له يراجع نفسه فيها ، او يراجع معنا اخطاءنا بحقه، ويضع لكل شيء ميزان
تشابكت الاصوات فيه فاستحالت الى فحيح ، و بقي معجم الخطابة البائدة والكذب ارث موحد ، نفديه بدمنا ، فنهدر دمه ، او نصيبه بفقر دمٍ مزمن على احسن احتمال ، نبنيه ونحن نهدم ما نجا بالصدفة من اعمدة حكمته السبعين
نبدع في مراثيه ونبكي اللغة حين تخون حدسه، فنقطع انفاسه بحبل حواراتنا الخرساء
حوارنا معه من رصاص ، اكليل من كلام متملق وملون نضعه على تاريخ جثته المعمدة بواقعيتنا المتوهمة منذ البدء، على شواهد الاخلاط
مسحوقون به ومن دونه كاننا لسنا بشرا عاديين بل سوائم أو هوام
في زمن توهمنا فيه بان لنا القدرة على تغيير الانبياء ، طالما عبثنا باسماء الدكتاتوريين ، من راح منهم ومن جاء
نَستدرجه نحو اليأس فنرجعه لمرحلة الحبو ونلزمه بجدوى الفطام
هو المعنى حين لاتصوّر ينفي المعرفة
وهو الاسطورة حيث لاضرورة تلغي ضميرنا الغائب عنه في حكاية صيرورته الشوهاء
أسأنا لوعيه فلم يرغب بالانتقام من بدائيتنا البلهاء
وغاب وعينا فتركناه يعمه في تلافيف ادمغتنا المحشوة بقطن الاوهام
استبقناه الى علانية الحنين فاستبقنا الى سر الحياة
حتى اختلفنا على شكل الموت اللائق به ، ورشاقة معنى نهوضه ثانية دون ادعاء ، كما العنقاء
نحن من رماه فلطخه كوعل مصاب يلتمع على جلده نزيف ، وتركنا جرحه فرجة للكتابة وللاخرين
نحن من يجهز على انفاسه الاخيرة بفيزيقيا الانعاش وهو في نوبة احتضار
نحن من يتلذذ يوميا بالتنظير العابر فوق جثته الغائرة عميقاً في قيعان الكلام
لكننا ايضا .. من يجهز عليه في مهرجان حبنا له ، وهم يجهزون عليه في غزوة كراهيتهم
فنحن بسطاء القول فيه وعنه ، وهم اسياد المصالح الاقوياء ، يسحقون عنقه تحت المنابر ، ويطأون تحت البساطيل مستقبله المُهان
تحاشينا الكذب الابيض ، فكذبنا عليه سراً وعلى احاسيسه والدلالات
وقلنا لانفسنا : هذا الامر يهون ، فالوطن ليس اكثر من إشكالٍ لغوي ، فذهبنا الى ابعد من ارسطو
وقلنا لافلاطون : بان قِدرالجمهورية لايستقر إلا على اطراف ثلاثة ، لتتوازن التجربة الرجراجة ولا تشطح او تنزلق ، فانزلق القِدرُ واندلق الحساء طعما للتراب والسنة الكلاب ، او وجبة شهية للذباب
وكتبنا له عن خطايا المعنى ، ثم تركناه يلهو بحروف تلقنه ابجدية الخوف الرعناء
انتمينا اليه تاريخاً فاصبناه بفقدان الذاكرة
وانتمينا اليه جغرافياً فازدهر فيه اليباب
ورحنا نضلل هندسة الشرائع في جغرافيتهِ والتاريخ ، لاثبات علاقتنا الرجراجة به وباشياءه الجميلة لاغير ، خشية ان يُحكم عليها بالزوال
نَعِد التاريخ باننا سنعلن براءتنا من الغبار
ونقول للجغرافيا : صباح الخير ياحدود السديم المسور بطمأنينة الرياء
حتى لم يعد يسمع او يرى او يصرخ
لكنه يلعثم براءته كلما ندهمه بفوضى القتل الخرساء
وكلما اعلن ثوابته حملناه على غش خواطرنا الى هشاشة الدهشة وهوامش الاقتتال
حتى عاد جوهره جمجمة مفرغة يخونها الحدس الاصيل بقراصنة وقليل من رميم وعظام
وعادت امتثالاتنا لايماناته خروجا على سراطه المستقيم
وما فتيء يغذ السير في ماراثون الجحيم
فمن سيسمع صافرة التنبيه
قبل ان يقتحم بصدره المدمى شريط النهاية ويفوز في سباق الهلاك ويقطع خيط الأمل
وطن يجهل ميثولوجيا الموت غيلةً ، فكيف يطعن في قفاه
بل كيف لهم ان يذبحونه تحت الواجهات والطاولات وفي الخفاء ؟
سيبقى كما يريده الشعراء
الاول دوما في موته والانبعاث
بلى ، ستفيض بالدمع انهاره
فدماء ابنائه ليست زهيدة كماء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية