الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل وتمجيد الارهاب

عصمت منصور

2020 / 11 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


إسرائيل وتمجيد الإرهاب
لطالما كان العنف ظاهرة ملازمة للاحتلال الإسرائيلي منذ بداية عهده، وسمة من السمات اللصيقة به وأحد تعبيراته، إلا أنه ورغم كثافته، والشكل الممنهج الذي يتم استخدامه به واللجوء اليه على مدى عقود من عمر الاحتلال، يبقى ظاهرة منبوذة ظاهريا، ووصمة يحاول المجتمع الإسرائيلي ومنظومته السياسية والقضائية التنصل منها وتبريرها وتصويرها على انها تأتي في سياق الأساليب الدفاعية التي تمارس بشكل (معقول) بعد استنفاذ كافة الوسائل الاخرى في مواجهة "الإرهاب" الفلسطيني.
الرواية الرسمية التي تروجها إسرائيل في العالم، حول العنف الفردي والجماعي الذي يمارسه جيشها ومنظوماتها الأمنية المختلفة والجماعات الاستيطانية ضد الفلسطينيين تجهد لأن تكون منسقة ومتماسكة ومعززة بشواهد انتقائية، حيث تتكاتف الاذرع المختلفة في الترويج لها داخليا وخارجيا، هذه الرواية بدأت تتآكل بشكل متسارع على ضوء اتساع نفوذ وقوة وحضور جمعيات ومنظمات يمينية متطرفة وعنيفة لا تبذل أي جهد في التستر على هويتها وطبيعتها الفاشية وتبنيها للوسائل العنيفة بشكل علني (خارج إطار القانون) بهدف الانتقام والردع وبدوافع عنصرية.
تبرز من بين هذه الجماعات في العقدين الأخيرين منظمة "حنانو" المتطرفة، التي وان كانت لا تمارس العنف بشكل مباشر(رغم ماضي القائمين عليها العريق في العنف) كما تفعل جماعات مثل تدفيع الثمن وشبيبة التلال وغيرها، إلا أنها أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن هذه الجماعات وأفرادها وتحولت إلى الذراع القانوني لها كما وصفها موقع يديعوت احرونوت.
الخلفية والتأسيس
تعرف المنظمة نفسها على موقعها الالكتروني بلغة مثيرة للعواطف، حيث تستهل تقديمها لنفسها وتبرير وجودها بمقاطع من رسالة-وصية والدة أحد الجنود الذين قتلوا في عملية عسكرية على حاجز عسكري قرب قرية عين عريك المحاذية لمدينة رام الله إبان الانتفاضة الثانية، توصيه فيها أن يحافظ على نفسه بأن" يسمح لنفسه (أو هي تسمح له) أن يطلق النار حتى لو خالف في هذا الاوامر العسكرية الخاصة بالحالات المسموح فيها بإطلاق النار" لأن حياته أهم من قتل أي شخص آخر من بين صفوف الاعداء.
فلسفة المنظمة التي تقدم نفسها على أنها منظمة غير حكومية وجزء من المجتمع المدني الاسرائيلي والتي يقتصر عملها على الدفاع عن اليهود "وحلفائهم فقط"، قائمة بكليتها على هذا المقطع من الرسالة التي بقيت كلماتها يتيمة ومهملة الى ان جاءت هذه المنظمة وحولتها الى دعوة "لإصلاح روح" المجتمع الاسرائيلي وباتت تساق كمسوغ لتبرير اللجوء الى العنف، طالما ان المستهدف غير يهودي.
المنظمة اذ تشجع على هذا السلوك، اعتبرت ان وظيفتها الاساسية منذ تأسيسها في العام 2001 هي"الدفاع عن الجنود والمدنيين "اليهود" الذين يحاكمون او يتم ايقافهم لأسباب لها علاقة بالوضع الأمني".
الوضع الأمني الذي يدور الحديث عنه وتجري محاولة تمييع الصبغة العدوانية العنصرية التي تتبناها المنظمة يمكن التعرف عليه من خلال سيرة المنظمة والحالات التي تمثلها من جهة، ومن خلال التصنيف الواضح الذي تقوم به بين الإرهاب (المقتصر على الفلسطينيين حصرا) وبين ردة الفعل الانتقامية النابعة من عجز الدولة والإحباط الذي يقابله على شكل عمليات قتل او انتقام، ومن خلال الأمثلة التي تستشهد بها وتعتبرها النموذج المثالي الذي تناضل من اجل تبنيه في دوائر الجيش والنيابة وصناع القرار في اسرائيل من جهة اخرى.
مؤسس منظمة حنانو شموئيل ميداد يعتبر أن مساهمته الشخصية ما قبل تأسيس المنظمة تعد جزءا من تاريخ حنانو وإرثها، وأنها امتداد للحملات التي قام بها لإطلاق سراح أعضاء التنظيم السري اليهودي الذي يصنف على انه تنظيم إرهابي تشكل في العام 79 ونفذ عمليات إرهابية شهيرة مثل تفجير سيارات رؤساء بلديات الضفة في الثمانينات ومؤامرة تفجير قبة الصخرة والهجوم على الجامعة الإسلامية في الخليل، وخلية الاخوة كهلاني من كريات اربع التي حاولت قتل شاب عربي في بداية التسعينات.
الروح التي يذكرها ميداد في تعريف منظمته لنفسها على موقعها الرسمي ويريد للمجتمع الإسرائيلي تمثلها والتماهي معها تتجسد في نماذج مثل الوحدة 101 وهي وحدة الكوماندو الإسرائيلية التي أسسها ارئيل شارون في العام 1953 للرد والانتقام على العمليات الفدائية التي تستهدف الإسرائيليين وكانت أبرز عملياتها التي نفذتها خارج حدود اسرائيل في نفس العام الذي تأسست به، هي مجزرة قبية التي قتلت فيها الوحدة 60 مدنيا فلسطينيا من أهالي القرية الآمنة وقامت بهدم ما لا يقل عن 45 منزلا.
خريج آخر وأحد مؤسسي الوحدة 101 يعتبر الرمز المثالي الاّخر الذي يجسد النموذج الذي تريد منظمة حنانو تعميمه وهو مائير هار تسيون الذي قاد عملية انتقامية ضد تجمعات عرب العزازمة والجهالين البدوية في العام 1955 ردا على مقتل شقيقته وصديقها.
هارتسيون نفذ العملية بروحية وطريقة العصابات الصهيونية عشية النكبة التي تعتبر ذكرى مجازرها لازالت طازجة، حيث اختطف خمسة من ابناء القبيلتين، قتل اربعة بالسكاكين مع التمثيل بجثثهم وترك الخامس ليفر الى قبيلته ليخبرها بما شاهده من فظائع والسبب الذي قتل أبنائها من أجله ليعتبروا ويرتدعوا.
هارتسيون لم يسجن رغم أن الجريمة التي ارتكبها أثارت جدلا واسعا، حيث قرر موشي ديان رئيس الأركان في تلك الفترة ووزير الدفاع بن غوريون عدم محاكمته "لعدم كفاية الأدلة" وبدل ذلك نال وسام الشجاعة مرتين في العام 55 والعام 73.
نشاط منظمة حنانو
الروح العنيفة القائمة على الارهاب وغريزة الانتقام التي تستلهمها منظمة حنانو من الأعمال التي تخلدها في برنامجها وهويتها التي تعرف بها نفسها، تتجسد بشكل عملي في نشاطها والدور الذي اخذت على عاتقها تأديته في سياق تمثيل والدفاع عن وتمويل الجنود والمستوطنين الذين يجدون أنفسهم متهمين بسبب أعمال نفذوها ضد عرب وفلسطينيين إما بشكل مباشر أثناء المواجهة وتأدية الخدمة العسكرية أو على شكل رد فعل نابع "من الإحباط وعجز الدولة والرغبة في الانتقام".
أول الملفات التي تولت المنظمة الدفاع عنها ونظمت حملات رأي عام لصالحها كانت في الدفاع عن أربعة جنود من حرس الحدود نفذوا عملية انتقام في مدينة الخليل ردا على مقتل أحد زملائهم، ثم تلتها خلية "بت عين" التي نفذت عمليات انتقام وزرع عبوات أمام مدرسة في الطور في العام 2002 وصولا الى قتلة الطفل محمد أبو خضير، ومنفذي عملية حرق عائلة دوابشة والجندي ازاريا قاتل الشهيد الشريف في الخليل، وعشرات الحالات التي يتم ملاحقتها واعتقالها من منفذي عمليات تدفيع الثمن وشبيبة التلال مثل قتلة الشهيدة عائشة الرابي في حوارة قرب نابلس.
كل هذه النماذج تعتبر في نظر منظمة حنانو ومديرها أبطالا وليسوا مجرمين، لان "العمل لا يجب ان يفصل عن 100 عام من الصراع" وفق تعبيره، ولا الظروف التي قادت اليه.
التمويل وتورط الحكومة الاسرائيلية
عمليات الدفاع عن المتهمين أمام المحاكم، وتنظيم حملات دعائية، ورفع عرائض وجمع تواقيع للإفراج عن المعتقلين اليهود على خلفية أمنية/ إرهابية هي الجزء العلني والظاهر لنشاط المنظمة الذي تتباهى به.
الجزء الأقل علنية هو المتعلق بنشاطها المالي حيث كشف تقرير نشرته القناة العاشرة في العام 2015 أن منظمة حنانو قدمت منحا مالية مباشرة حوالي 200 ألف شيكل لمعتقلين يهود أدينوا بعمليات إرهابية ضد فلسطينيين على خلفية أمنية قومية، وبدوافع عنصرية مثل عامي بوبير المعتقل على خلفية قتل سبعة فلسطينيين وإصابة أحد عشر ببندقيته في ريشون لتسيون إبان الانتفاضة الأولى، كما تلقت زوجته مساعدات مالية من المنظمة تحت عنوان "مساعدات معيشية".
القناة كشفت أسماء أخرى تلقت مساعدات مالية مثل يوسف حاييم بن دافيد المحكوم بالمؤبد و20 عاما لقيادته الخلية التي اعدمت الطفل محمد ابو خضير، بالإضافة إلى مائير اتينجر الذي يعتبر أحد اخطر الشخصيات الخاضعة للمراقبة من قبل القسم اليهودي في جهاز الشاباك، وأيضا يعقوب سيلع وهو جندي أدين بنقل معلومات أثناء خدمته في الجيش لمجموعات إرهابية يهودية، وأيضا جاك تايتل المدان بقتل فلسطينيين اثنين في نهاية التسعينات ومحاولتي قتل.
تمويل المنظمة يتم من خلال جمع التبرعات من قبل منظمات وجماعات يهودية في إسرائيل والعالم ، إلا أن مساهمة الحكومة الإسرائيلية تكمن فيما كشفت عنه القناة العاشرة من أنها تحظى بإعفاء ضريبي من قبل الحكومة على الأموال والتبرعات التي تصلها.
هذا الكشف دفع عضو الكنيست في المعسكر الصهيوني(حزب العمل وكاديما سابقا) منوئيلترخيتنبرج إلى الطلب من وزير المالية موشي كحلون في العام 2015 بوقف هذه التسهيلات خاصة بعد الكشف عن أنها جندت أموالا لصالح يغال عمير قاتل رئيس الوزراء الاسبق اسحاق رابين.

تثير نشاطات المنظمة قلقا متزايدا في أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية ولدى قيادة الجيش على ضوء تزايد نشاطها في اوساط الجنود حيث قامت بتوزيع عشرين الف منشور داخل معسكرات الجيش مع ارقام هاتف خاص بها ودعوة للجوء إليها إبان حملة الجرف الصامد على قطاع غزة في العام 2014.
موقع "واللا" الإخباري كشف في العام 2015 ان عشرات الجنود المتهمين بمخالفات ضد الفلسطينيين تتعلق بأوامر اطلاق النار وجدوا في المنظمة عنوانا لهم بديلا عن النيابة العسكرية والاطر التابعة للجيش والتي تهتم بمتابعة هذا النوع من القضايا ما يجعلها تشكل جسما موازيا لها.
التقرير اشار الى ان هذا التوجه اصبح ظاهرة تقلق قادة الجيش خاصة على ضوء الشعار الذي تحمله حملات المنظمة تحت عنوان " الجيش لن يحميني" وهو ما يهدد روح الانضباط في اوساط الجنود وافراد الشرطة وحرس الحدود.
لا يكاد يمر أسبوع دون أن تنشر وسائل الإعلام الإسرائيلية خبرا أو تقريرا عن منظمة حنانو ونشاطها وهو ما يسير بالتوازي مع تعاظم قوة وحضور اليمين الفاشي الاستيطاني وافكاره ومؤسساته في المجتمع الإسرائيلي وقوته الآخذة في التعاظم في مفاصل الدولة والجيش ومنظومة إنفاذ القانون ، وصدور أحكام قضائية تشكل أرضية خصبة لنمو هذه الجماعات ومرجعياتها كما حدث في فتوى الحاخام شموئيل الياهو، حاخام صفد التي نصت على ان"كل من يرفع يده على يهودي يجب قتله، ويجب الانتقام منه، حتى لو أنه لم يقتل، بل فقط ضرب أو أراد أن يقتل" حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بشأن تلك الفتوى، انها تقع في حدود "حرية تعبير الحاخامية" المشروعة ، وهي تأتي من منظور ديني قومي .
تسفي بارئيل قال في صحيفة هآرتس تعقيبا على هذه الفتوى انها " تذكر بتصريح الحاخام الياهو وقرار حكم الحاخام اسحق يوسف الذي قرر في 2016 بأنه "يجب اطلاق النار على كل من أسماهم (مخربين) من اجل قتله، ولا يهم ماذا تقول المحكمة العليا" وتذكر ايضا بما قاله وزير الامن الداخلي السابق، اسحق اهارونوفيتش، بأن " (المخرب) الذي يمس بالمدنيين فان حكمه هو القتل". وبأقوال الوزير في حينه نفتالي بينيت في 2013 بأنه "اذا تم القاء القبض على (مخربين) يجب ببساطة قتلهم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور