الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقلم الدكتور علاء العبادي/ قراءة في قصيدة(شمسه َ) للشاعر مقداد مسعود

مقداد مسعود

2020 / 11 / 19
الادب والفن


قراءة في قصيدة (شمسة) للناقد والشاعر مقداد مسعود
د. علاء العبادي
يمتاز نص (شمسة) للشاعر والناقد مقداد مسعود والمنشور على منصة(الحوار المتمدن) بأنه يستثمر السرد أو (الحكي) لأنه الطريق الأسرع في نقل صورة دافئة تسكن عقله. ويبدو أنه أراد أن ينقل تفاصيل تلك الصورة كما رسخت في ذهنه، إذ تكمن قيمتها في تفاصيلها، ولاينطبق عليها القول أن الشيطان يكمن في التفاصيل لأن تفاصيل هذا النص تمنحه قيمته الحقيقية، ولايمكن لفيضٍ من الصور الشعرية والمحسنات البديعية أن تنقل حقيقة تلك الصورة كما نبتت في وجدان الشاعر. لكن النص لم يخلو من تلك الجماليات، بل هي في صلب التفاصيل التي تروي لنا حكاية امرأة بصيرة تمتلك البساطة والعظمة معاً، وتحكي أيضاً عن كرمها وثقتها بنفسها وبالآخرين. وكما يفعل الشاعر في كثيرٍ من نصوصه، فقد قسّمَ نصّه إلى جزئين غير متساويين في الطول. فالجزء الأول سردي وصفي، وأشبه مايكون قصة قصيرة مختزلة إلى قصيدة نثر. وبعد أن يُطلعنا الشاعر على أسرار حياة شمسة في هذا الجزء يُعطينا استراحة قصيرة متمثلة بفاصل خطي، ولنشعر بأن سرده انتقل إلى مرحلة أخرى مختلفة، وليدهمنا بعد ذلك بالجزء الثاني المراوغ، والذي ربما يتمثل الشيطان في تفاصيله؛ فهنا شمسة مختلفة و أكثر حميمية مع ذاتها، وأكثر صدقا مع كينونتها الإنسانية. وتكمن براعة الشاعر هنا في إظهار تلك الحميمية بطريقة مواربة، حيث نقلنا من السكون الوصفي لجزئه الأول إلى حركة كبيرة وطاغية في الجزء الثاني، إذ لم تعد شمسة مجرد بائعة أعشاب، بل ثمة شيء آخر يجوس في داخلها وهو حاجة إلى الرحيل، ليس لمجرد الرغبة فيه، بل يبدو أنه حاجة ملحّة كحاجة السندباد إلى الرحيل مثلاً. لكن الأكثر ترجيحا أنها الحاجة إلى الرحيل النهائي المقدّر على الإنسان، إذ أنها "تبسّمت وهي ترى بأصابعها/ لوازم سفرتها الناصعة". واختيار الشاعر لمفردة الناصعة اختيار ناصعٌ، إذ تغشى عينينا تلك الرحلة الناصعة كنصوع براءة شمسة، أو نصوع عينيها اللتين لم تريا سواد العالم، أو نصوع إدراكها العميق بأن الرحلة قريبة لاريب فيها.


________________________________________
( شمسهَ)
مقداد مسعود
صانعة ُ بَخور عمياءُ، تبتكرُ أحياناً بخوراً جديداً
تُهدينا ُصنعَ يديها
: ماي الورد. سبع مايات . ماي لكّاح
شمسه : بِلا عمر ٍ لا مسرات لها ولا دموع
تقويمُها : أعشاب ٌ يبيسة
في علبٍ وصررٍ
أو مفروشة ٍ في صوانٍ من فضة
: بزرنكوش. ورد لسان الثور. قرن الغزال. خروب
سعِد. مسحوق جوز بوى. حبة سوده: أصابع كركم
رشّاد البر. ظفر البغل.. سناوين .
جمب ورد.جعدة.. بلنكو
كلنُا نحتاج ُ (شمسه َ)
هي طبيبتُنا النباتية ُ
تشافي أمراضَنا وأوهامَنا
كلنُّا على مختلف ِ الأعمار
شمسه َ..
تعرفُ فصولَ السنة ِ بأنفِها المقوّسِ كالخنجر.
تبعثُ جاراتَها للتبضعِ الموسمي.
تزن ُ موادَها المشتراة بكفِها اليمنى وتلعن المطففين
تستروحُ المواد : وتلعنهم ثانية ً.
شمسه : جعلتنا نجهلُ الصيدلياتِ والأطباءَ
دائما تزجرنا ثم تبتسم : صدقة ٌ جارية ٌ
وهذا يعني : أعيدوا فلوسَكم إلى جيوبكم
وجهُها نحيل حنطواي، صوتُها الخفيضُ
زادها مهابة ً: ها هي الآن أمامي، أرى صوتَها
يُسعد طفلاً ما زال في الأوّلِ الأبتدائي
وهو يتجرعُ
إستكانة ً كبيرة ً
من السناوين الممزوج بالورد الجوري
يتجرع ُ..
يتجرعُ
فيصير وجهه كقميص ٍ مبلول ومكوّر
..................................
حين ضجرتْ (شمسه ) مِن قبضِ وقبصِ الأعشاب
وغير الأعشاب.
توجهتْ نحو خزانةٍ من خشبٍ بلون السماق
فتحتها: تبسمتْ وهي ترى بأصابعها
لوازم سفرتها الناصعة
قبضت حافة َ بابِ خزانتها
تبسمت ْ
وهي تلامسُ بأنفها يبيس الرازقي يغمر
غرفتَها ...
فراشَها ...
البابَ ...
الستارة َ...
والقبقاب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح