الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصل الكرونا نعمة ام نقمة؟

محمد مهاجر

2020 / 11 / 20
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


-
أوردت الصحف البريطانية ان التجارب على مصل الكرونا اثبتت انه قادر بنسبة 95% على منع الفيروس من ان يصيب الانسان. وبالفعل تحمست بعض الشركات والدول لشراء المنتج وحجز بعضها كميات كبيرة. ومن المتوقع ان يبدأ الاستخدام فى نهاية ديسمبر او بدايات العام القادم. وبرغم التفاؤل الكبير فان الجدل احتدم في وقت مبكر حول الضوابط والمحاذير الأخلاقية المتعلقة بالقيم والمبادئ والسلوكيات التي تتعلق بشراء المنتج واستخدامة.

ان النقاش الحالي حول مصل كرونا يذكرنا بما دار حين تم انزال علاج مرض الايدز الى الأسواق. فالذى حدث هو ان الأغنياء هم الذين استفادوا من الدواء اكثر من غيرهم نسبة لغلاء سعره. وحين انتجت جنوب افريقيا عقارا رخيص الثمن متجاوزة بعض ضوابط حقوق الملكية الفكرية, احتجت الشركات الكبرى, وهى شركات غربية, على سلوك الدولة الافريقية. وقد كانت حجة الشركات قوية لانها استثمرت عشرات الملايين من الدولارات في البحث والتجريب, لذلك فهى تسعى أولا الى تغطية تكاليف الإنتاج الباهظة ثم تحقيق أرباحا تضمن لها الاستمرارية. هذه الحجة قد تجد سندا اخلاقيا يغض الطرف عن حقيقة متاجرة بعض الشركات بالأوبئة والامراض والكوارث المهددة للبشرية جمعاء. وحين يكون الوباء عالميا فان الاستجابة يجب ان تكون على قدر المصيبة.

ان الخسائر الكبيرة في الأنفس والأموال والخراب الذى مس النظام الاجتماعى في العالم اثر تفشى فيروس كرونا جعلت منه جائحة تهدد الجنس البشرى كله, لذا تضافرت الجهود لتقليل الخسائر الى الحد الأدنى قبل القضاء عليه تماما. ومع ذلك فان عقلية التربح من معاناة الفقراء ومتوسطى الدخل موجودة في كل زمان ومكان. وقبل اشهر اتهم كيزان السودان وزير الصحة السابق الدكتور اكرم التوم بتضليل الراى العام وشنوا حملة شرسة على سياساته وتدابيرة التي قام بها للتصدى لجائحة الكرونا, بل انكروا اى وجود للمرض ونظموا المسيرات التي تدعم حججهم, لكن الذى يقرا تلك الاحداث جنبا الى جنب مع حقيقة تحكم الكثير من اغنياء التنظيم على سوق الدواء, لا يصيبه العجب.

هنالك معضلة أخلاقية تتعلق بعدم تمكن الفقراء من شراء مصل الكرونا, والذى تكلف الجرعة منه 30 دولارا, اذا عجزت بعض الدول الفقيرة عن توفيره مجانا لمواطنيها. وفى هذه الحالة قد يحدث مثل الذى حدث ابان تفشى الايدز, حين عجز الفقراء عن الشراء لغلاء السعر فانبرى بعض الدجالين للترويج لفكرة ان خطر الايدز يقل كلما زادت الممارسة الجنسية وتعددت العشيقات. وفى كل الأحوال سيدبر الدجالين حيلا لتفادى الدعوة لتكاتف المجتمع كله من اجل القضاء على مرض كرونا. والمعضلة الثانية هي إيجاد السند الاخلاقى لسن تشريعات تلزم الجميع بأخذ المصل نسبة لسهولة انتقال المرض من شخص لاخر.

ان اجبار جميع المواطنين على اخذ مصل الكرونا لهو امر بالغ التعقيد على الرغم من انه الخيار الأفضل. فقد يرفض البعض سياسات الحكومة بحجة عدم قناعته بفعالية اللقاح او عدم قدرته على دفع التكاليف او غير ذلك من الحجج. والحكومة لا تستطيع ان تجبر مواطنيها على قبول القوانين الا اذا وضعت عقوبات مناسبة لكل من يخالف القانون مثل الغرامة اوالسجن. واذا دفع المخالف الغرامة فما الذى يمنعه من نقل المرض لغيره؟ وما هي خسارة المجتمع في هذه الحالة؟ ان الخيار الأمثل هو قبول الجميع بمبدأ الزامية اللقاح لان جائحة كرونا تختلف عن سابقاتها بقدرتها على الانتشار السريع وبالتالي مضاعفة الخسائر المادية والبشرية.

ان الجهل والجشع لمتكاتفان في هذه الأيام. فالجهلاء في السودان ما انفكوا يقدمون الخدمات الجليلة للدجالين والمخاتلين من السياسيين الذى اصبحوا يستخدمون مختلف الوسائل غير الأخلاقية لاسقاط الحكم المدنى بما في ذلك الكذب والتدليس. اما التجار الجشعين فلا يهمهم سوى زيادة ارصدتهم البنكية حتى لو مات السواد الأعظم من الشعب السودانى بسبب جائحة كرونا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل