الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقال بعنوان/ اختفاء الإخاء الإنساني

هيثم نافل والي

2020 / 11 / 20
الادب والفن


بنظرة تحدٍ للعالم مسكونة بالثقة طفرت إلى ذهني المأساة البشرية التي استولت عليهم بمساعدة دينية طواعية حسب ترجمتي للواقع من أجل تحطيم الإخاء الإنساني بين الناس أجمعين وبالتالي إلى انحساره، ثم اختفائه من حياتنا بعد أن أوصى الله به في كل مناسبة دعت للتذكير والناس لا يدركون!
ترى ما السبب وراء ذلك؟
هل العلم هو الذي كسر أواصر الارتباط الأخوي الإنساني بين البشر، أم الأديان؟!
من يقرأ التاريخ المحايد يرجح كفة الدين كعلة، ومن ينظر إلى مستجدات الأحداث التي يرزخ تحت نيرها البشر يقول العلم هو السبب! فمن نصدق، ولمن ننحاز ونؤثر؟!
كما معروف بأن الدين بدأ يعرفه الإنسان منذ القدم وقبل أن يحضر بعضهم ويؤسس أديان سماوية بقرون لا تحصى؛ فالصياد الذي لا يجيد اللغة، ولا يعرف معنى الصوت، ناهيك عن الكتابة كان ينتظر صيده بصبر لا يوصف، وبطاقة تحمل لا تنضب من أجل الحصول على ما يرم به عظمه. من ساعات الانتظار تلك الطويلة كان يدعو إلى شيء ما يساعده على إيجاد طريدته واقتناصها، يتأمل، يسرح، ينظر، يتربص ويردد في سره أشياء لا تعني أكثر من أنه كان يصلي فيها ويدعو الكائن المجهول الذي يخاطبه بصمت مسكون بالرجفة بأن يجد ما يصبو إليه لسد رمقه.. منذ ذلك التاريخ عرف الإنسان الدين بأبسط صوره. ولو صادف وأن وجد منافس له في نفس المكان لبدأ الصراع من أجل البقاء!
العلم هنا وفي ذلك الزمان مبهم، نكرة، غير موجود، والدين كما ذكرنا قائماً عند البشر بطريقة بدائية فطرية دون مسميات..
عندما يبدأ النزاع على القوت، يتراجع الإخاء الإنساني؛ تكثر الجريمة، ويزداد الانحطاط البشري!
قانون الطبيعة يقول ذلك: الخبز أولاً وبأي طريقة..
جاءت الأديان وظهرت تباعاً وبكل ما تحمل في جعبتها: أحلام، روى، تخيلات، واقع، موعظة، أسطورة، ترهيب، ترغيب، ثم يوم الحساب الذي يسمونه يوم الدين! فالدين إذن هو القيامة، يوم يلاقي البشر ربهم وعلى أعمالهم يحاسبون..
هكذا تخبرنا الأديان التي قسمت العالم إلى بريء ومتهم، صالح وطالح، مؤمن وكافر، خير وشر، جنة ونار.. أليس كذلك؟!
من حقنا هنا أن نتساءل:
ماذا يفرز التنافس أعلاه؟ الحرب أم السلام؟ الكرة أم الحب؟ التقارب أم التباعد؟ وعلينا أن لا ننسى، بأننا كلنا بشر خلقنا من غير خطايا، أو ذنوب! الطفل أو الطفلة( الطفولة ) كلها جميلة لأنها بريئة، لا شائبة قد لطختها بعد! من غير تاريخ، وقبل التاريخ عالم مجهول لا يعلم من أمره شيئاً غير خالقه. الأطفال هكذا، بلا معرفة، أو لغة، مجرد كائنات نقية صافية فطرية كالطبيعة، وعندما يتم الفرز الذي تحدثنا عنه، أقصد، الذي أتت به الأديان تبدأ المنافسة، الحرب، البغضاء، الحسد، الغيرة، من هو الأحسن، ومن هو الأردأ، من هو الأفضل، ومن هو الأتعس، من النظيف، ومن هو الوسخ كالتميز العنصري بين السود والبيض! وكل تميز يحمل ضغينة في داخله حتى لو كذب صاحبه بتصريحه وقال غير ما يردده في خيلائه!..
ووقتما تنتهي مرحلة الطفولة تبدأ التربية؛ دور الأسرة، قوانين المجتمع المدنية، ودين السلطان الذي هو دين الدولة! لتبدأ مرحلة جديدة في حياة الناس دون أن يكون لهم دور يلعبونه، أو يقررون بشأنه، وغالباً ما يكون المرسوم قسمة ندعوها بالقدر المحتوم الذي لا يقبل التجزئة..
نأتي على العلم الذي يجهل مراسيم القلوب وطقوسه! لا يفكر كما يفكر الدين!
الأول يتعامل حتى مع الشيطان من أجل مصلحته الخاصة، والآخر يحد ويرفض ويقرر لائحة من المحرمات قبل الخوض في التفاصيل اليومية والتعاملات الحياتية ولنأخذ مثالاً على ما نريد الوصول إليه: مسألة العرب وإسرائيل، أو السنة والشيعة، أو الكاثوليك والبروتستانت..
ماذا نحصل من نتائج بعد تجارب وخبرات هؤلاء جميعاً في كل تعاملاتهم الإنسانية بغض النظر ا عن التفاصيل والأحداث التي مرت عليهم لأن أغلبها من صنع الدين وتمت بسواعد البشر البيضاء والسمراء؟ نحصل بلا ريب على ابتعاد، كره، موت، واختفاء الإخاء الإنساني بالكامل عنهم إلا ما ندر وشذ!
ترى ما موقف العلم إزاء كل ما يحدث من تفسخ في جسد الإخاء الإنساني؟!
الضحك!
نعم، الضحك وملأ الجيوب بالأصفر الرنان! العلم لا ينظر إلا لكيس المال الذي يطمح بأن يكون دائماً مملوءا؛ كيس المال هو الثورة، القوة، التحدي، السيطرة والاستعمار..
العلم يلعب بالبيضة والحجر من أجل البقاء مسيطرا، يقول لأبناء جنسه، أنتم أخوة لي وأبناء أبي، وأبناء عمومتي، نتزوج منكم وننجب من نساءكم، نسرح ونمرح معكم بشرط بسيط جداً، أن عندما تشترون منا وتبيعون لنا! وهذا يوصلنا إلى نتيجة حتمية بأنه لا يأبه للإخاء الإنساني ولا يفكر به، بل أن قيمته الثمينة غير موجودة في قاموسه التجاري، هي لا تباع ولا تشترى، فإذن غير لازمه له، عمله لا يتم التعامل بها! وعليه فهو بريء من جريمة التفتيت والاختفاء لتلك الجوهرة النادرة التي نسميها" الإخاء الإنساني" بين البشر.
لا يبقى أمامنا سوى الدين؛ وكما أسلفنا فهو مستبد وأناني بطبعه، يحب الانتشار والتوسع بأقصى بسرعة ممكنة بغض النظر عما سيسببه لجنس البشر من جراء تلك السرعة التي ينطلق بها! يسحب، يضعف، يأخذ ثم يشير إلى الله بأنه الواحد القهار، وكما لا يخفى، الدين غير الله، والوطنية مجرد طقوس دينية، خدعة من أجل البقاء في السلطة!
لا أحد يفكر اليوم بقيمة وأهمية توافر الإخاء الإنساني البشري، ومن يقول غير ذلك واهم. أعراف تعارفنا عليها بلا تنقيح أو تصويب منذ فجر التاريخ وإلى يومنا هذا، والعلم عند الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته