الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز ..!
هادي فريد التكريتي
2006 / 7 / 14اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
وهج ذكرى ثورة 14 تموز 1958 ، لن يطفئه دخان الحرائق المشتعلة ، في العراق ..! فلثورة تموز ولشهدائها المجد والخلود ، ولبقاياهم الأحياء التحية..!
ما كانت ثورة 14 تموز حدثا عابرا في حياة العراق والعراقيين ، لكونها انطلقت من إرادة موحدة على التغيير ، نتيجة ما أصاب الجميع من ذل في العيش ، وهوان في المعاملة ، مارسه نظام حكم عميل ، رهن العراق وشعبه ، لخدمة الدوائر الأمبريالية البريطانية ، وتحقيق مصالحها السياسية والإقتصادية في العراق والمنطقة كلها . فسرعة نجاح الثورة ، منذ اللحظات الأولى لسماع البيان الأول ، أذهل الأصدقاء قبل الأعداء ، على الرغم من اقتضاب هذا البيان ، واختصاره للأهداف التي يسعى لتحقيقها ، فالتأييد الشعبي العارم للثورة ، كان دليلا على عمق التغيير الذي ستحدثه هذه الثورة في العراق الجديد ، وبنفس الوقت كان عامل إحباط وهزيمة ، أسقط في أيدي الأعداء الداخليين ، شل من قدرات تحركهم في إبداء أية مقاومة ، ولد ردة فعل آنية ومستعجلة ، لدى الدوائر الأمبريالية كافة ،بأن أعلنت وقوفها ضد الثورة والقائمين عليها وفيها ، كما أعلنت إرادتها في التحرك لإعادة القديم إلى قدمه ، قبل أن تعطي الوقت الكافي لدوائرها المختصة في قراءة متأنية للبيان الأول للثورة ، ومعرفة الخلفية الفكرية والسياسية للرجال القائمين بها .
نجاح الثورة ، في بداية إعلانها ، ارتبط بمسارين مهمين ، لا يمكن تجاوزهما عند البحث عن أسباب النجاح أو الفشل .
الأول :ـ المسار الوطني . هذا المسار كان بعيدا" عن أي تأطير فكري أو سياسي ، عنصري أو طائفي ، للثورة أو للرجال القائمين بها ، وما يدعم هذا الرأي ، العلاقة التي كانت قائمة آنذاك ، بين بعض رموز من جبهة الإتحاد الوطني ، المتكونة من كل القوى والتيارات السياسية الوطنية ، الديموقراطية والقومية ، المعارضة لنظام الحكم ، وبين بعض العناصر الفاعلة والمؤثرة في قرارات " منظمة الضباط الأحرار " .
المسار الثاني : ـ المسار الخارجي ، العمل على تحرير العراق ، من دائرة التبعية الأجنبية ، والبدء بتنفيذ سياسة وطنية مستقلة ، في القطاعين الأقتصادي والسياسي .
هذان العاملان كانا وراء نجاح الثورة ، قابلها تصعيد من حالة العداء ، الذي أعلنته الدوائر الأمبريالية على الثورة وقيادتها ، في محاولة لحرف اتجاهاتها ، بالشكل الذي يفرغها من محتواها الوطني ، ويفقدها قاعدتها الشعبية ، ويعزلها عن الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقة في التغيير ، لاستعادة الوضع وفق ما كان عليه قبل الثورة ، أو بإجراء تغييرات شكلية لا تؤثر على جوهر الظلم والإستغلال الذي كانا سائدين ..
في مجرى الصراع الذي استحدثته الثورة ، في الداخل ، وفق المسار الأول ، ولخطورة ما باشرت به الثورة وقيادتها الوطنية ، من تشريع وتنفيذ لقوانين تغير من العلاقات القائمة في المجتمع ، لصالح أكثريته المطلقة ، المتكونة من الفلاحين ، بإصدار قانون الإصلاح الزراعي ، وتشريع قانون الأحوال الشخصية ، حيث أقر حقوقا للمرأة ، تساعد على بناء مجتمع مدني ، والتأسيس لبناء مجتمع ديموقراطي ، تساهم مكوناته في هذا البناء ، وفق نظام علماني ، دفع بالقوى المتضررة من الثورة داخليا ، إلى تعزيز التحالف والتعاون مع المؤسسة الدينية ، بكل طوائفها ، وبقايا الإقطاع .
عمل كل المتحالفين ، باتجاه إيجاد حليف ما داخل قيادة الثورة ، لإجهاضها والقضاء عليها من الداخل ، وهذا ما كان ، ليس بعيدا عن التعاون مع القوى الأمبريالية ، التي تضررت مواقعها من الثورة وتشريعاتها الوطنية ، التي ألحقت ضررا بالغا في كل المجالات التي كانت تمارس فيها وعليها نشاطاتها ، فإلغاء حلف بغداد ، وتحرير العملة العراقية من ارتباطها بالجنيه الإسترليني ، وتشريع قانون شركة النفط الوطنية ، الذي جرد شركات النفط من هيمنتها على 5 , 99 % من أراضي التنقيب والآبار غير المستثمرة ، وعودة إدارتها للسيادة الوطنية ، هذه الإجراءات مجتمعة ، مع أخرى غيرها، حققت لقاء في المصالح والأهداف ، وبالتالي إلى تحالف بين مسارين ، رجعي داخلي ، وأمبريالي خارجي ، أديا في نهاية المطاف إلى إسقاط ثورة 14 تموز ، دون القدرة على إسقاط تأثير أهدافها من واقع الحياة لغالبية الشعب العراقي ، ومن برامج وأهداف الحركة السياسية ، الوطنية والديموقراطية ، رغم وحشية الانقلابيين وإجراءاتهم القمعية ، وعداءهم لكل الإصلاحات التي رسختها ثورة 14 تموز في المجتمع العراقي ، منذ شباط 1963 وحتى سقوط النظام في نيسان 2003 .
الغزو الذي قادته الأمبريالية الأمريكية ، متحالفة مع إنكلترا الأكثر تضررا" من ثورة 14تموز ، وبتعاونهما مع أكثرية القوى الرجعية التي ساهمت في تحالفها السابق ، لإسقاط الثورة وأهدافها ، هي ما سعت وتسعى إلى تنفيذه ، كل هذه القوى مجتمعة ، في الوقت الحاضر ، بغض النظر عن توجهاتها الدينية ـ الطائفية ، والعناصر القومية ـ الفاشية ، المتناقضة في أهدافها السياسية والاجتماعية ، والمتحاربة فيما بينها على أسس طائفية ، تتماها مع مخططات وأهداف قوات الاحتلال القريبة والبعيدة ، ليس على إلغاء المكتسبات الوطنية التي شرعتها ثورة 14 تموز فقط ، وإنما على تدمير وتعطيل كل البنى التحتية ، والمؤسسات الثقافية والمدنية ، التي شرعت لها ورسختها في المجتمع ثورة 14 تموز ، ولإعادة تأسيس وبناء دولة ضعيفة ، متناقضة ومتحاربة طائفيا ، تحقق أهداف قوى الاحتلال ومصالحها بالدرجة الأولى ، وفق رؤية هيمنة القطب الواحد ، لا تتعارض تشريعاتها مع المصالح الأجنبية ، حتى وإن تعارضت مع كل القيم التي أقرتها الأمم المتحدة ومواثيقها في الوقت الحاضر .
خروج العراق من هذا الواقع البائس والمظلم ، مسؤولية كل القوى الوطنية والقومية والديموقراطية ، تتمثل بإعادة بناء الوحدة الوطنية ، التي شوهتها الطائفية والعنصرية ، وضرورة تعزيز سلطة الدولة الوطنية ، بترسيخ التوجهات الديموقراطية في الحكم ، ونبذ الطائفية والعرقية وعنفهما ، المستخدم في تصفية الخصوم ، وحل كل مليشيات الأحزاب ، المساهمة في السلطة بمختلف ألوانها وتشكيلاتها ، أولا" وقبل غيرها ، لتعزيز سلطة الدولة داخليا وإقليميا ، والتوجه الجدي من قبل كل أطراف السلطة ، لدعم مبادرة المالكي في المصالحة الوطنية ، فالأمن هو المدخل الحقيقي والأساس لكل ما يعاني منه العراق والشعب العراقي ، هذه الإجراءات لا بد من تماهيها مع تقليل الظهور المكثف والعلني لقوات الاحتلال ، في المدن وشوارعها ، وتقليص مهام هذه السلطات في معالجة الواقع الأمني الداخلي ، أو التدخل في شؤون الحكم وإدارته ، وهذا لن يتم قبل أن تتحقق وحدة الموقف والقرار الوطني العراقي ...
13 تموز 2006.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة
.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا
.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة
.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-
.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-