الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المگرودان الطبيب والمرور

علاء هادي الحطاب

2020 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يكفي الطبيب فخرا انه من ارقى ابناء مجتمعه "مرتبة دراسية" كونه لم يصل لهذه المرحلة العلمية الا بعد جهد جهيد ودراسة معمقة، فضلا عن مستوى ذكاء واستيعاب وفاعلية تختلف عن الاخرين، بالتالي الطبيب شخص مميز عن الاخرين ويكفيه انه ينقذ ارواحهم ويعالجهم اذا ما مرضت اجسادهم وحتى نفوسهم.
اما رجل المرور فهو " أُسّ" القانون وتطبيقه في الشارع، ويعد نموذجاً لهيبة الدولة ونفاذ سلطتها، وفي الدولة التي يُحترم فيها القانون ووسائل انفاذه نجد المرور "يُطگطگ" منه جميع سائقي المركبات سواء من كان منهم مسؤولا او سياسيا او امنيا او غير ذلك، فهو في نظر تلك المجتمعات المصداق الحقيقي والواضح لانفاذ القانون وسلطته وسلطانه.
شاهدت قبل يومين مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة من الشباب في "عركة" كبيرة مع عدد من رجال المرور وقيام هؤلاء بضرب رجال المرور حتى تمكنوا من ضابط وفي "ولية غمان" انهالوا عليه بالضرب من دون اي احترام او التفات لما يحمله من رتبة على كتفه، وقع هذا التجاوز في محافظة البصرة وبالقرب من عشرات المؤسسات الحكومية، نهارا امام انظار المارة، وعلى الضفة الاخرى انتشر ايضا في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فديو لمجموعة من الشباب وهم ينهالون بالضرب المبرح على طبيب بالعصي والكراسي وكل ما وجدوه امامهم لان مريضهم توفاه الله ولم يستطع هذا الطبيب "المكرود" انقاذه.
حالات التجاوز على رجال المرور والطبيبات والاطباء تتكرر يوميا ليس في بغداد فقط بل في اغلب محافظاتنا من دون رادع حقيقي يتجاوز بوستاً فيسبوكياً هنا او تغريدة تويترية هناك، وبياناً من نقابة هنا وتصريحاً من برلماني هناك، لا يوجد اجراء حقيقي يردع المستهترين المتجاوزين على موظفين اثناء تأديتهم الخدمة العامة، لذا بات الطبيب يحاول قدر الامكان عدم التدخل لانقاذ حياة مريض حالته حرجة خشيةً من تداعيات فيما لو توفاه الله، وكذلك رجل المرور فقد ترك النظام المروري " سفردح"، خصوصا اذا امتلك المخالف هوية تعريفية لجهاز امني او يعمل بمعية سياسي نافذ او غيرها.
ما يحدث هو مصداق واضح لفقدان هيبة الدولة وسلطتها واحتكارها لانفاذ القانون وتحول المجتمع الى غاب تحكمه شريعة البقاء للاقوى، والقوي يأكل الضعيف، وان لم نتدارك ذلك فسنكون جميعنا مساهمين بذلك الخراب والحكومة واجهزتها المعنية في مقدمة تلك المسؤولية، كما ان للمجتمع والفاعلين فيه الدور الاساس في اذكاء ثقافة احترام القانون وادواته.
الردع القانوني الشديد وانزال عقوبات بحق المتجاوزين بعيدا عن " العطوة والفصل" العشائري، وبالمقابل الرفض المجتمعي لهكذا تجاوزات وتثقيفه من خلال وسائل عدة على احترام القانون وتطبيقه من خلال اصحاب النفوذ قبل غيرهم، كل ذلك معالجات يمكنها ان تنهي ظاهرة التجاوز على المگرودين الطبيب والمرور بل وجميع المگاريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة