الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الفساد والإفساد

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 11 / 24
الصحافة والاعلام


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: لطالما شكوت من سطحية اللغة المستخدمة في الإعلام العربي، وضعف قدرتها الاختراقية لكشف الحقيقة للفئات الاجتماعية الشعبية في المجتمعات العربية، فما هو برأيك المسوغ لتلك الشكوى السرمدية؟

مصعب قاسم عزاوي: إن اللغة حامل ووسيط لتخليق الأفكار عقلياً، ومنبع قدرتها على تحقيق ورسم صورة معرفية واضحة مرتبطة جوهرياً بشفافيتها ووضوحها البنيوي والوظيفي. وفعلياً يصعب على كل عاقل التعرف واكتشاف الحقيقة في حال عدم امتلاكه للمفاتيح المعرفية لذلك. فمثلاً لا تستطيع المطالبة بالحرية الفكرية والعقيدية والتعبيرية إذا لم يكن لديك وضوح منهجي للمدلول اللغوي المعرفي والفكري والتصوري والمفهومي لمعنى الحرية في سياقها التاريخي والحضاري، وفي علاقتها المتآثرة في الظرف التاريخي الذي تعتقد بضرورة توطنها فيه وتحققها في سياقه بشكل عياني ملموس مشخص.

وهنا يأتي دور الإعلام الموجه من قبل الفئات المسيطرة في المجتمعات العربية، بما يتفق مع مشروعها المتمترس حول كيفية السيطرة الاستبدادية الشمولية على المجتمع بكليته وكل مفاصله عمقاً وسطحاً، لخلق وعي ضبابي مشوش حول مفهوم الحرية، بحيث لا تصبح الحرية تحرراً وانعتاقاً للطاقات الإبداعية للفرد تمكنه من إغناء قدرته على تحقيق ذاته متآثراً ومتفاعلاً مع طبيعته العضوية ككائن اجتماعي يحركه هدفه في الحفاظ على وجوده البيولوجي، وصياغة معنى حقيقي وهدف من ذلك الوجود البيولوجي يمكنه من إطلاق العنان لفطرته الغريزية في الاكتشاف والإبداع، و تلمس هدف يسعى لتحقيقه في حياته ككائن بيولوجي اجتماعي عاقل، ولكنها تصبح في منظومات الفساد و الإفساد و الاستبداد ضباباً مشوشاً عصياً على تكشف الغث من السمين فيه.

فقد تصبح الحرية في منظار ماكينة الدعاية الإعلامية للنظم الشمولية الأمنية تحرراً من الاستعمار وحرية في اتباع نهج القائد الفذ الملهم الذي بقدرته الشمشونية وحدها سوف يستطيع المواطن المسحوق ومجتمعه المتشظي المهشم التخلص رواسب الاستعمار التي يحركها في المجتمعات، وكأن النظم العسكرية الأمنية ليست منها أو استطالات وظيفية لها. وقد تصبح الحرية في النظم الريعية النفطية حرية في شراء كل ما يتيح لك نظام السوق الحر شراؤه، حتى لو كان حرية وحياة كائن بشري آخر، باستبعاده مستغلاً حاجته المادية الملحة، كما هو الحال في الملايين من العمال الآسيويين المقهورين المظلومين الذي قام على أكتافهم عمران الكثير من الحواضر العربية على شكل قصور عن رخام بين كثبان تيه الصحاري العربية.

أو تصبح في النظم الكمبرادورية الانفتاحية حرية في العمل لمشغل غير الدولة التي لم تعد مسؤولة عن حماية الفئات المستضعفة فيها بأي شكل كان، حيث تقتضي الحرية أن يصبح الإنسان سلعة معروضة للإيجار بقوة عملها أو حتى جسدها لمن يستطيع ويرغب باستئجارها كعامل مؤقت ليس له أي حقوق في دولة تخلت عنه كلياً، حتى لو تمخض عن ذلك تحول الرهط الأعظم من قوة العمل في المجتمعات العربية إلى عاطلين عن العمل يتحينون فرصة تأجير أنفسهم، أو غارقين في تلابيب الاقتصادات السوداء وتجاراتها غير الشرعية بكل أشكالها التي لا بد من غض النظر عنها فهي تقع في إطار الحفاظ على الحريات في مجتمعات حطامية مضناة أصبحت أقرب إلى هشيم غابة محروقة تتكالب فيها وحوش على البقايا من أجساد الوحوش الأخرى التي تتشارك معها في الحظ العاثر في الوجود في نفس الزمان والمكان الذي كان يدعى في سالف الزمان «مجتمعاً».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر