الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: الاحتجاجات الاجتماعية تتصاعد والانفجار ليس ببعيد

حزب الكادحين

2020 / 11 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يتواصل اعتصام المعطلين عن العمل في قابس والذي ادّى إلى غلق مصنع الغاز ‏المسيل في المنطقة الصناعية بقابس. وفي معتمدية الصخيرة من ولاية صفاقس ‏قام اليوم الاثنين 23 نوفمبر 2020 عدد من الغاضبين بغلق مستودعات توزيع ‏المحروقات الموجودة بالمنطقة‎.‎
‎ ‎أمّا في القصرين، التي تشهد اعتصاما ينفّذه المعطّلون عن العمل حول حقل ‏نفط الدّولاب بالجهة، فقد قام المعتصمون اليوم باقتحام مقرّ شركة البترول ‏القريبة من مقرّ الاعتصام وأغلقوا "الفانة" في حركة تصعيديّة موجّهين رسالة ‏إلى السلطات الرسمية للاصغاء الى مطالبهم، ثمّ غادروا مقرّ الشركة وعادوا إلى ‏مقرّ اعتصامهم‎.‎
‎ ‎وفي باجة، يتوجّه السكان على تنفيذ إضراب عام بكامل الجهة يوم الارباء ‏القادم بسبب اللامبالاة التامة التي واجهت بها السلطات مطالبهم وتحرّكاتهم ‏السّابقة‎.‎
‎ ‎كلّ هذه التحرّكات الاحتجاجيّة المنتشرة في جهات عديدة من البلاد تأتي في إطار ‏المطالبة بالتشغيل والتنمية والحق في الثروة، وفي إطار مواجهة سياسة التفقير ‏وإنتاج البطالة والتجويع التي دأبت الحكومات المتعاقبة على انتهاجها، وهي نفس ‏المطالب التي انتفض من أجلها الشعب في ديسمبر 2010 وانتظر طويلا تحقيقها ‏لكن لا شيء منها تحقّق‎.‎
‎ ‎لقد سئمت الطبقات المسحوقة الوعود الكاذبة، فازدادت أعداد المعطّلين عن ‏العمل، وارتفعت نسبة الفقر وتدنّى مستوى المقدرة الشّرائية لدى فئات واسعة ‏من المجتمع لم تصبح بمفعوله قادرة على مجاراة الارتفاع السريع في الأسعار، ‏واكتشف سكّان الجهات المحرومة والمهمّشة أنّ ما قيل حول التنمية العادلة ‏والتمييز الإيجابي ليس إلاّ ذرّا للرّماد في العيون وأنّ الإرادة في التغيير والإصلاح ‏غائبة تماما لدى الحكّام وأنّ الانتخابات ليست إلاّ مسكّنات يراد بها إسكات ‏أصوات المطالبين بالتنمية والتشغيل والثروة في الوقت الذي يرون حفنة من ‏الأثرياء تزداد ثراءً ويستمعون إلى أخبار‎ ‎الفساد الذي استفحل في كلّ الأجهزة.. ‏لقد فضح الزّمن فشل هؤلاء الحكّام ورياءهم، ولذلك ليس امام الشعب سوى ‏البحث عن طريق آخر‎ ‎لتحقيق مطالبه وها أنّ الوضع ينبئ بانفجار اجتماعيّ ‏وسياسيّ قريب ولن تنجح أساليب المخاتلة والالتفاف وتحويل الوجهة في إلهاء ‏الجماهير الغاضبة عن مطالبها الرئيسيّة‎.‎
‎ ‎وتتصاعد هذه الاحتجاجات الشعبيّة رافعة مطالبها الاجتماعيّة في ظلّ ازمة ‏شاملة لا تمسّ المحكومين فحسب بل تمسّ الحكّام أيضا، حيث لا يكاد يمرّ‎ ‎يوم ‏واحد دون أن تنتشر‎ ‎أنباء‎ ‎المؤامرات التي تحاك داخل مؤسسات الدّولة ‏بمختلف سلطاتها وهذا يدلّ على محاولة المسؤولين إيجاد حلول للمآزق التي ‏صارت تضيّق عليهم الخناق بفعل الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة التي أدّت إليها ‏سياساتهم الموروثة عن العهود السّابقة والتي لم تنتج سوى الازمات المتعاقبة ‏وهذه الازمات لن يقدروا على حلّها باتّباع نفس السياسات التي ادّت إليها، لقد ‏وصل النّظام إلى طريق مسدودة وهو يتخبّط الآن في حلول ارتجاليّة في محاولة ‏منه لتأجيل الانهيار الذي ينتظره، لذلك يحاول اطراف سياسيّة منه الضّغط ‏على البنك المركزي لسدّ الفجوة الكبيرة في الميزانيّة بعد ان جرّبت كلّ الطرق ‏الأخرى ويطلع علينا رئيس الحكومة بوعود تعلم الاغلبيّة انّها لن تتحقّق ويهلّل ‏آخرون لحوار مرتقب أو لخطة إنقاذ قد يطرحها اتّحاد الشغل وتروّج اطراف ‏سياسيّة أخرى لتحوير‎ ‎مرتقب في التشكيلة الوزاريّة.. الخ، غير‎ ‎انّ كلّ ذلك لن ‏يحلّ مآزق هذا النّظام وإن مكّنه من تأجيل لحظة الانهيار‎.‎
‎ ‎إنّ النّظام القائم يترنّح، ولذلك هو يلجأ إلى حلّ جديد بتصدير الأزمة الخانقة ‏التي تضيق حول عنقه إلى صفوف الشّعب الذي هو بدوره يئنّ من ثقل الأزمة ‏الاقتصادية الاجتماعية ومن الكارثة الصحيّة ومن تدهور مختلف الخدمات ‏وذلك من خلال محاولته إثـــارة النّعرات الجهويّة بين الولايات والأقاليم بعد ‏غمضاء اتفاقية الكامور والتي كانت الشرارة التي اطلقت موجة من الاعتصامات ‏وأشكالا أخرى من الاحتجاجات في جهات ومناطق أخرى ترى الطّبقات الشعبيّة ‏المتضرّرة فيها بأنّ من حقّها الحصول على ما حصل عليه محتجّو الكامور وجهتهم ‏من تنمية وتشغيل. ويلعب النّظام، من خلال هذا الشّكل من الحلول، على بثّ ‏التفرقة وإعادة نشر الصّراعات بين الجهات وخصوصا تلك التي تعاني من ‏ضعف التنمية فيها أو غيابها، وبالتّالي إلى تحويل وجهة الصّراع والتناقض ‏الاجتماعي إلى صراع جهويّ وقبليّ وعشائريّ. وستجد هذه السياسة من يغذّيها ‏من بين ضيّقي الأفق ومن بين زارعي الفتن وكذلك من ذوي الوعي المحدود وهو ما ‏قد يساهم في إنجاح تلك السياسة من أجل أن تنجح الطّبقات السّائدة ‏والحاكمة في تخفيف حدّة الخناق من حول عنقها. وزيادة عن هذه العوامل التي ‏قد تغذّي سياسة بثّ الصّراعات الجهويّة، يسعى النّظام، في نفس الوقت الذي ‏صرّح فيه بأحقيّة كلّ جهة وولاية في التمتّع بالتنمية والتشغيل، إلى تأليب فئات ‏من المجتمع ضدّ المحتجّين بدعوى تعطيلهم للمرفق العام وللمؤسسات ولمصادر ‏الإنتاج والتّوزيع. وفي هذا الإطار لا يتأخّر في توظيف ترسانته الإعلامية وأبواقه ‏ومرتزقته التي شرعت في تشويه هذه الاحتجاجات وفي تجريمها، وهذا من اجل ‏ان يتمكّن من إحداث تناقض آخر بين أبناء الجهة الــواحدة -زيادة على ‏التناقضات بين الجهات- وقد ينجح في بلوغ هذا الهدف إذا ما وجدت دعايته ‏آذانا صاغية‎.‎
‎ ‎إنّ النّظام القائم يترنّح، وما الصّراعات التي تشقّه الآن إلا دليل على عمق الأزمة ‏التي يتخبّط فيها، وستتقدّم قوى رجعيّة عربية وإقليميّة وعالميّة لإنقاذه من ‏جديد إذا ما شعرت بأنّه أوشك على السّقوط إذا ما هبّت الجماهير المقهورة إلى ‏القضاء عليه بالضّربة القاضية. وهاته الرّجعيّات التي تراقب وتتربّص من الخارج ‏لديها بدائلها في الدّاخل ولن تتأخّر في الدّفع بها إلى سدّة الحكم، وهذه البدائل ‏جاهزة للّحظة الحاسمة ويتمّ التّرويج لها من قبل داعميها من الخارج. مقابل ‏هذه اللّوحة، وهذا الاستعداد في صفوف الرّجعية، تظلّ القوى الثّوريّة مشتّتة ‏ومتباعدة وصوتها خافت وشبه مغيّبة عن المشهد، فهذه القوى تعيش أيضا أزمة ‏لا مثيل لها، ويمثّل تشتتها أبرز عوامل ضعفها، في الوقت الذي يفرض عليها ‏الواقع الموضوعي المتحرّك وواقع أزمة النظام مزيدا من التنسيق والترابط ‏ودراسة الوضع من اجل الالتقاء على برنامج نضاليّ يقدّم بنضال الجماهير ‏الغاضبة ويؤيّد مطالبها المشروعة ويمهّد الطّريق أمام الشّعب ‏للسّير نحو الانتصار تحقيقا للشعارات التي رفعها طيلة انتفاضاته السّابقة ‏والتي وقع الالتفاف عليها وفي مقدّمتها إسقاط النّظام. إنّ الجماهير تحتجّ رافعة ‏مطالب اجتماعيّة وسياسيّة ثوريّة، وما على الثوريين إلاّ مساندتها بدل خيانتها ‏ونعتها بالجهوية ورميها في خندق الأعداء والمرتزقة.. فعلى عاتق هذه القوى ‏يتوقّف مصير تلك النضالات ومصير الشّعب، فإمّا أن نسير معه إلى ‏الانتصار وإمّا أن نترك قيود الاضطهاد والاستغلال حول معصميه تكبّله لعقود ‏أخرى من الزّمن‎.‎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طفلة تروي كيف استهدفها الاحتلال وهي نائمة في مدرسة نازحين غر


.. قائد الجيش الإيراني: قواتنا يقظة وأسقطت أجساما طائرة صغيرة ف




.. وسائل إعلام تكشف أسباب تركز الهجوم الإسرائيلي على أصفهان


.. مصادر إسرائيلية: تل أبيب لن تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على إير




.. الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يشيد بهجوم بلاده على إسرائيل و