الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللص الذكي - حكاية من التراث الصيني

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2020 / 11 / 25
الادب والفن


اللص الذكي
حكاية من التراث الصيني
ترجمها بتصرف: ماجد الحيدر

سرق فقيرٌ غليونا من أحد الأسواق، فألقي القبض عليه وأودع السجن في الحال. كانت تلك أول مرة يدخل فيها سجناً فأحس بغمٍ وانقباضٍ شديدين، وراحت الأفكار تأخذه ذات اليمين وذات الشمال حتى واتته فكرة جهنمية، فصاح بحارس الزنزانة:
- أيها الحارس، أريد أن أقابل الملك. خذني اليه أرجوك.
- وماذا تريد من الملك أيها اللص الحقير؟
- عندي له هدية قيمة.أريد أن أوصلها اليه. وأعدك ألا تندم أبداً. أنت أيضا ستنال نصيبك. صدقني!
قاده الحارس الى مأمور السجن الذي طمع بالنصيب الموعود، فتدبر الأمر حتى أوصله الى بلاط الملك الغاصّ بكبار القادة والأعوان.
نظر اليه الملك باستخفاف وقال له:
- ماذا تريد يا هذا؟
أخرج اللص شيئاً صغيراً من جيبه وأجاب بثقة:
- هذه نواة كمثرى. اسمح لي أن أهديك إياها يا صاحب الجلالة!
غضب الملك وصاح:
- تبا لك أيها الوغد الوقح! كيف تجرؤ؟ أهذه هديتك لمليكك: نواة كمثرى!؟
- لا تتعجل بالحكم يا مولاي. هذه ليست نواة عادية. إنها نواة سحرية.
- كيف؟
- إنها تطرح ثماراً من الذهب الخالص!
- لو صحَّ ما ادعيت لما أهديتنيها ولزرعتها بنفسك وجنيت منها ثروة طائلة.
- سأكون صريحا معك يا مولاي: هذه النواة لا يصلح أن يزرعها إنسان سبق وأن سرق أو أكل حراماً ولو لمرة واحدة، وأنا كما ترى دخلت السجن بسبب ذلك الغليون الحقير. لا أعتقد بأن في طول البلاد وعرضها من يصلح لزراعتها مثل جلالتكم.
- وا أسفاه! لا يمكنني أن أفعل ذلك، فأنا، رغم عظمتي وجلالي، قد سبق أن ارتكبت عدداً من الحماقات في صباي وشبابي وكثيراً ما كنت أفتح خزائن أبي دون علمه لآخذ منها ما أهديه الى صويحباتي!
نظر اللص الى الوزير وقال:
- ما رأيك أن تزرعها أنت يا سيدي الوزير الحكيم!؟
ارتبك الوزير وأجاب:
- كلا كلا. لن تنبت على يدي أيضاً لأنني اعتدت قبض الرشا منذ أن كنت كاتباً صغيرا في البلاط!
ألتفت اللص الى قائد الجيش:
- إذن ازرعها أنت يا سيدي قائد الجيش المقدام.
تلعثم القائد وأجاب:
- كلا، مستحيل! في كل معركة أدخلها كنت أبيع نصف أرزاق الجنود!
توجه اللص الى قاضي القضاة.
- وماذا عنك أيها القاضي النزيه الحاكم بالعدل والشرع؟
- أبداً. لا مجال لذلك! فأنا.. أنا أيضاً قبضت الكثير من الرشا، أقصد الهدايا!
لم يبق غير مأمور السجن. التفت اللص ناحيته لكنه صاح دون أن ينتظر سؤاله:
- لا تطلب مني ذلك! لست مختلفا عن الآخرين. من ينفحني رشوة مناسبة أجعل حياته في السجن نعيما ومن يمتنع.. حسناً، أنت تعرف!
عاد اللص الى الملك وانحنى له وقال:
- أرأيت يا مولاي؟ هؤلاء جميعا سرقوا وارتشوا وأكلوا السحت لكنهم أحرار لم يمسسهم أحد. أما أنا الفقير المسكين فقد ألقيت في السجن لأنني سرقت غليونا تافها لأن غليوني القديم تحطم ولم أملك ما أشتري به واحداً جديدا. أفيرضيك هذا!؟
أجاب الملك:
- لتحرسك الآلهة. اذهب فأنت حر طليق!
ثم التفت الى رجال البلاط الذين تصاغروا كالجرذان:
- أما أنتم فحسابكم معي عسير!
ركع الجميع أمام أقدامه خانعين متوسلين مغلظين الأيمان.
وفي طرف القاعة الكبيرة كان عدد من صغار رجال البلاط يفركون أكفهم في حبور ويهنئون أنفسهم بالثروات التي ستنزل عليهم مع الترقيات الجديدة القادمة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصه صينيه قصيرة جدا وكاءنها تحكي عن واقع العراق ال
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2020 / 11 / 26 - 03:00 )
عن واقع العراق البائس في ايامنا الان-وبعد الشكرللاستاذ ماجد الحيدر اقول -منذ اول حرف في قراءتي للنص شعرت وكاءني اقراء نصا من الادب الروسي الكلاسيكي-تحياتي

اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-