الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الأمريكي يعيد الثقة بالديمقراطية السياسية المهزوزة هذه الأيام

كامل عباس

2020 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بيان سياسي
الشعب الأمريكي يعيد الثقة بالديمقراطية السياسية المهزوزة هذه الأيام
يظهر مكر التاريخ بشكل خاص في لحظات معينة من التطور الاجتماعي عندما يشتد الصراع فيها بين جهتين :
- جهة تنشد التقدم الاجتماعي ووراءها حشد من القوى .
- وجهة أخرى محافظة تقف بقوة ضد الاطروحات التقدمية الديمقراطية .
يشتد التوتر عندما نصل الى لحظة تتوازى فيها الكفتان في الشارع والمجتمع بين أنصار الفريقين . في هذه اللحظة بالذات ينبري رجال يتمتعون بمهارات فائقة في فنون تقديم الذات والتلاعب العاطفي ليستخدمون مهاراتهم في الفوز بعقول وقلوب البشر ويقدمون أنفسهم كمخلصين من الأزمة التي تعصف في المجتمع .الأمثلة عديدة في التاريخ المعاصر من هتلر الى ترامب
نعتقد كهيئة ان ظهور ترامب في فضاء أمريكا يخضع لهذه الخلفية النظرية .
لقد سئم الشعب الأمريكي على مدى عقود من ديمقراطية سياسية يقدَمها له حزبان هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي أوصلته الى انقسام غير مسبوق في أمريكا شهدناها فترة الانتخابات التي تعادل فيها بوش وألغور حيث لم يكن الفارق بينهما أكثر من خمسمائة صوت, وقد استمر ذلك الانقسام وسط تحشيد كل من الحزبين لأنصاره من اليمين المتطرف واليسار المتطرف حتى وصلنا الى الانتخابات التي فاز فيها ترامب على هيلري كلينتون لأنه بدا وكأنه بأسلوبه واستقلاله وكثير من سماته الشخصية بعيدا عن البيرقراطية المتمثلة في الحزبين وهو سر انتخابه الى الرئاسة .
ان الانتخابات الأخيرة وان بدت وكأنها استفتاء على شخصية ترامب وبايدن لكنها في الحقيقة تؤشر الى ما هو أبعد من ذلك وهو التغيير الذي ينشده الأمريكيون ويتمنى ان يتم على يد المستقلين من خارج الحزبين, لقد ظهرت مؤشرات عديدة لتبني التغيير في العقود الأخيرة بدأت تُعبر عن نفسها في الشارع الأمريكي , يقودها مثقفون من الحزبين ومن خارجهما لدرجة يمكن وصفها بتيار جديد كان له دور ولو ضئيل في الانتخابات الأخيرة , على سبيل المثال لا الحصر مقالات عدة نشرت في صحف أمريكية عريقة وواسعة الانتشار طالب كتابها وسياسيوها وصحافيوها بالخلاص من ذلك الانقسام عبر سياسة جديدة تدعو الى تنمية عريضة داخل وخارج امريكا تجمع بين المصالح والقيم. وقد ذهب بعضهم الى الدعوة صراحة للرئيس القادم وفريقه الحكومي على عدم الجلوس على رأس الطاولة كما تعودوا, بل كأي وفد دولي آخر للوصول الى تفاهمات بين الدول حول مشاكل العالم الكثيرة البيئية والصحية والاقتصادية والسياسية . أي اننا نحتاج الى حوار الحضارات وليس تصادمها لنتقدم الى الأمام .
كمنت قوة هذا التيار بتناغمه مع ما يتطلبه التطور الاجتماعي على صعيد العالم وليس على صعيد أمريكا فقط بعد أن أصبح عالمنا قرية كونية لها سوق واحدة نتحرك فيه جميعا بوصفنا بشر بغض النظر عن لون بشرتنا أو جنسنا أو ديننا او قوميتنا. ومع قاعتنا بأن السنوات الأربعة الآتية ستكون بجوهرها العودة الى الصراع بين الحزبين قبل مجيء ترامب الا ان أهميتها تجّلت في ذلك الإقبال من المواطنين الذي لم يشهده التاريخ في امريكا على صناديق الاقتراع وتدخلهم لحسم المعركة وهو ما سيسند ويساند تيار حوار الحضارات بدلا من صدامها ليس في امريكا بل وفي العالم اجمع مما يجعل وصول رئيس قادم - بعد حملة انتخابية او حملتين من خارج الحزبين - أمرا محتملا .
نحاول ان نستخلص هنا بعض النتائج التي أفرزتها الانتخابات الأمريكية الأخيرة .
1- تلميع صورة الديمقراطية السياسية بعد ان بهتت مع تقدم نجم الصين الاقتصادي على أرضية دكتاتورية فجة ووقحة من جهة وظهور التيارات الفاشية الشعبوية في اوروبا من جهة اخرى. بكل أسف ومرارة نقول : بدت الصين الديكتاتورية وكأنها متقدمة على الغرب الديمقراطي في تأمين حاجات الناس مما جعل كثير من الحكام الديكتاتوريين يحلمون بأمبرطوريات عفا عنها الزمن , والانتخابات الأخيرة ستجعلهم يتلمسون رؤوسهم .
2- اذا كانت المعارك السابقة في التاريخ قد تمّت بين دول ودول من اجل اقتسام خيرات العالم كان آخرها حربان عالميتان أُزهقت فيهما ملايين الأرواح البريئة, فان المعركة القادمة هي بين دول وشعوب وحسم المعركة الحالية في امريكا سلما لا حربا له أهمية كبرى في هذه اللحظة.
3- سيكون لتلك الانتخابات صدى ايجابيا ولا شك في منطقتنا العربية تحديدا حيث نزلت الجماهير في السودان والجزائر ولبنان والعراق ودفعت تمنا باهظا من حياة أبنائها ومن لقمة عيشها وكادت ان تيأس لكن الانتخابات ستحيي في نفوسها الأمل من جديد وستلهم شعوب ساحات عديدة للنزول ضد الحكام العرب الطغاة ومن حولهم من الفاسدين .
لهذا الأسباب ولغيرها نعتقد كهيئة ان الانتخابات الأمريكية خطوة الى الأمام على طريق شاق ووعر سنشهد فيه معارك كثيرة بين الديمقراطيين دعاة الغد الأفضل للبشر وبين الديكتاتوريين والشعبويين الذين يضعون العصي والحجارة أمام دواليب عجلة التطور الاجتماعي .
هيئة العمل اللبرالي في اللاذقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه