الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار تأميم قناة السويس

نبيل محمود والى

2006 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في حياة الشعوب والأمم بصندوق التاريخ قرارات مصيرية تحدد حياة ومستقبل تلك الشعوب وهذه الأمم لعقود طويلة على مر الزمان حيث لا يستطيع الباحث أن يتجاهل تلك القرارات ليتعرف على المشهد السياسي والإجتماعى والإقتصادى على الساحة لفهم الحاضر والمستقبل .. وتأتى الذكرى الخمسين لقرار تأميم قناة السويس كأهم وأخطر حدث في حياة المصريين والعرب على حد سواء إلى يومنا هذا .

باسم الأمة قرار من رئيس الجمهورية تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية ؟؟؟ هكذا أعلنها الرئيس جمال عبد الناصر مدوية في 26يوليو 1956 بمدينة الإسكندرية ! لم يكن قرارا اقتصاديا يهدف إلى استرداد إدارة و إيرادات منشأة مصرية من التبعية للشركات الأجنبية بهدف تحسين مستوى حياة المصريين على قدر ما كان قرارا سياسيا مغلفا بروح التحدي ومقارعة الغرب وتلك نقطة البداية لفهم مسببات هذا القرار وما ترتب عليه من نتائج وملابسات لا تزال مصر والأمة العربية تسدد فاتورتها و تتحمل الآثار الجانبية القاتلة والمميتة لهذا القرار .

وفقا لنصوص اتفاقية الجلاء التي وقعها الرئيس جمال عبد الناصر مع بريطانيا العظمى عام 1954 نص أحد بنود الاتفاقية أن للقوات البريطانية الحق في العودة للقناة في حالة استشعار عدم ضمان حرية الملاحة والعبور في قناة السويس باعتبارها ممر ملاحي دولي ! وجاءت حرب وهزيمة أكتوبر 1956 كنتيجة منطقية ومباشرة لانتهاك تلك الاتفاقية بقرار تأميم القناة وعدم تعويض أصحاب الأسهم عن خسارتهم ..

مقابل انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من منطقة القناة وانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق كانت احتلتها في سيناء إبان حرب 1956 وافق الرئيس ناصر في اتفاقية دولية مع الأطراف السابقة على وجود قوات طوارئ دولية في صحراء سيناء وشرم الشيخ وبحرية مرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة ولقد أخفى الإعلام آنذاك عن الشعب المصري بنود هذا الاتفاق طيلة أكثر من عقد من الزمان وأعتبر أن انسحاب المحتل من مصر نصرا عسكريا مؤزرا ولا يزال ..

بدء الإعلام الدولي والعربي المحايد و المضاد لحكم الرئيس جمال عبد الناصر في نشر بنود الاتفاق السابق والتعليق عليه بالتندر والسخرية من بطل العروبة وزعيم الأمة العربية مما أثار حفيظة الرئيس عبد الناصر و دفعه في مايو 1967 وفى مظاهرة عسكرية استعراضية للرد على كل منتقديه في العالم العربي باتخاذ قرار منفرد بطرد قوات الطوارئ الدولية من جانب واحد من صحراء سيناء وشرم الشيخ وغلق خليج العقبة أما مرور السفن الإسرائيلية .. مما أعتبره الغرب وإسرائيل نقضا لاتفاقية شرم الشيخ وإعلانا للحرب على دولة إسرائيل وكانت هزيمة يونيو 1967 وضياع الأرض والكرامة العربية في سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية والقدس القديمة وقطاع غزة ومزارع شبعا اللبنانية.

ورث الرئيس السادات حكم مصر بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وكانت حرب أكتوبر ثم اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وما ترتب عليها واستردت مصر قناة السويس وصحراء سيناء المكبلة بالقيود العسكرية كل تلك القيود التي لم تكن قائمة إبان حكم الملك فاروق الأول .. لقد سأل مناحم بيجن رئيس حكومة إسرائيل الراحل الرئيس السادات إبان توقيع اتفاقية السلام في كامب ديفيد عام 1979 قائلا لقد كانت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت أيديكم أنتم العرب قبل حرب يونيو 1967 فلماذا لم تقيموا عليها الدولة الفلسطينية المستقلة كما تطالبون الآن ! ولم يفتح الرئيس السادات فمه بكلمة واحدة ردا على هذا السؤال ؟

إن إيرادات القناة منذ تأميمها وبعد تمصيرها إلى اليوم لم تغنى شعب مصر عن الجوع والفقر المدقع والبطالة والعشوائيات وإخفاق نظام التعليم وإهدار حقوق الطفل والمرأة وانعدام الرعاية الصحية والنفسية للمواطنين وتأكل دور الدولة وقبول المساعدات والمعونات الدولية والعربية وباقي الأمراض الاقتصادية والاجتماعية بعد أن دفعت مصر والمصريين والعرب ثمنا فادحا ولا يزال العرض مستمرا نتيجة لتبعات قرار تأميم قناة السويس ..

إن الاتفاقية التي تأسست بموجبها القناة كانت تعطى الحق للشركات المؤسسة في الامتيازات الأجنبية مدة 99 عاما من تاريخ التأسيس وكانت ستنهى تلك الامتيازات الأجنبية عام 1968 بانتهاء عقد تأسيس القناة وتعود ملكا خالصا للمصريين مهما كانت حالتها ! بمعنى أثنى عشرة عاما فقط بين تاريخ قرار التأميم وتاريخ انتهاء عقد التأسيس مضافا إليها حب الزعامة والظهور ومعالجة الأخطاء والفشل بفشل أخر كانت سببا في كل ما تعانية مصر والأمة العربية إلى يومنا هذا ..

التاريخ وبعد زوال نظام حكم عسكر يوليو 1952الذي أمم القناة لن يرحم كل أولئك الذين أهانوا مصر والمصريين وعرضوا أمن الوطن والأمة للخطر وأحلوها دار البوار بعد أن أعادوا الامتيازات الأجنبية مرة أخرى للوطن تحت مسميات الانفتاح والخصخصة التي تشدقوا غير مرة بمناهضتها من خلال التأميم والتمصير الذي قاد مصر إلى الهلاك وكتب على شعب مصر أن يدفع الثمن غاليا لإلغاء الامتيازات الأجنبية بالتأميم والتمصير ثم يدفعه مضاعفا لإلغاء التأميم والتمصير وإعادة الامتيازات الأجنبية ولأن الكتاب يقرأ من عنوانه فحكم العسكر لا يفلح أينما حل ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيم اعتصامات الطلبة تتوسع في بريطانيا | #نيوز_بلس


.. أعداد كبيرة تتظاهر في ساحة الجمهورية بباريس تضامنا مع فلسطين




.. حركة حماس: لن نقبل وجود أي قوات للاحتلال في معبر رفح


.. كيف عززت الحروب الحالية أهمية الدفاعات الباليستية؟




.. مفاوضات للهدنة بغزة مع تحشد عسكري إسرائيلي برفح