الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين نزار قباني العاشق

سمر يزبك

2006 / 7 / 15
الادب والفن


في العرض الأخير للدراما المسلسلة «نزار قباني» على شاشة الفضائية السورية، والذي تزامن مع عروض عدة على الشاشات العربية، تحضر الإشكالية التي تعاني منها الكاميرا في تحويل المكتوب والحياتي المعاش، إلى صورة. هي كذلك إشكالية مقدار النزاهة في إعادة كتابة التاريخ، وما يمكن أن يُحاسب عليه يوماً أصحاب العمل الفني بسبب أيّ سوء يلحق بشخصيات أساسية ذات صدارة في التراث الثقافي للأمم.

الجدال الساخن، الذي رافق عرض المسلسل للمرة الأولى، دار عموماً حول اعتراض أفراد العائلة على صدقية النص المكتوب، وتغيير مواقف الشاعر السياسية، وتغييب مرحلة كانت ستحرج الشركة المنتجة أمام مقص الرقيب. لكن كل هذه الإشكاليات كانت في كفة، وفي الكفة الثانية كانت تقف إشكالية من نوع آخر، تخصّ الأداء تحديداً، تتجلى في العلاقة الغائبة بين وجه الممثل الشاب تيم حسن، الذي أدى دور الشاعر، وصورة الشاعر العاشق.

وعلى رغم عدد النساء الكثيرات والجميلات، اللواتي تابعن حلقات المسلسل، فشل تيم حسن فشلاً ذريعاً في تصوير حال العشق التي استقرت في الذهن الجمعي لقراء العربية باعتبارها المجاز الأكثر بلاغة عن الشاعر، وربما المرادف الثاني لاسم نزار قباني. وهنالك رأي يرجح أن هذه السجية كانت المروج الأكبر لشعره، وهي التي حوّلته من شاعر نخبوي إلى شاعر شعبي، تردد اسمه عامة الناس، و تحفظ قصائده مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية.

لكن الكاميرا، التي ظلت تجوس حول وجه الشاعر ـ الممثل، وتحاول رصد ما يرتسم عليه من انفعالات ولهفة وصبابة ولوعة، فشلت في جرّ وجه تيم حسن إلى بقعة مضاءة بروح العشق، لأنها لم تجد ثغرة في تفاصيل وجهه تنفذ منها علائم العشق. وكانت غالبية محاولات الممثل في الانفعال أمام نسائه، أو الإشراق بحال ما، تنتهي إلى حركات باردة أو دونجوانية متكلفة، شوّهت في قناعتي صورة الشاعر العاشق، وحوّلته إلى مجرد صياد للنساء. صياد فاعل لا منفعل، بارد الأعصاب، ثقيل الإيماءة، وجامد الوجه أمام عدسة الكاميرا. وأما تظاهره بالعشق اعتماداً على العيون الذابلة والصوت الهامس، فإنه فشل في أن يجعل الكاميرا واسطة حقيقية لتحويل قصائد الغزل البديعة إلى مادة تستدر تعاطف المشاهد مع العشق والعشاق.

والواقع أن السبب لا ينحصر في ضعف أداء نجم المسلسل، لأن تصوير حال العشق ليس بالأمر الهيّن، وجودة الممثل تنبع من قدرته أولاً على التماهي مع الشخصية في النصّ، كما تتعلق بشخصية الممثل نفسها، وما إذا كانت قادرة على التنوع والتلوين، وهو ما افتقده تيم حسن. لذلك فإن الكاميرا التي رصدت أعمق تفاصيل وجه الممثل، وبالتالي كشفت ما لا يمكن إخفاؤه، أي غياب مظاهر العشق الحقيقية، كان محتماً لها أن ترسم صورة سطحية وهابطة لعلاقة المرأة بالرجل، ولفكرة الحبّ ذاتها.

وهكذا نجح التلفزيون، «ساحر العالم الجديد» بحسب تعبير المفكر الفرنسي الراحل بيير بورديو، في تزويدنا بصورة واقعية ناجحة عن صياد النساء، ولكنه فشل في إعادة رسم صورة نزار قباني الشاعر العاشق. والنتيجة التي نجمت عن ذلك النجاح وهذا الفشل هي حرماننا نحن المشاهدين من معايشة أنبل ما في العشق من مشاعر إنسانية وروحية، خصوصاً إذا تجسدت هذه في حياة شاعر غزل من طراز رفيع وقصائده








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب