الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد تتحول الى بيروت والعراق الى ساحة للمواجهات الاقليمة

ابراهيم علاء الدين

2006 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


قبل ثلاثة اعوام وبعد الغزو الامريكي للعراق توقعت ان تتحول العراق الى ضفة غربية و غزة ، واستندت في توقعي ذاك الى ان الشعب العراقي لا يمكن الا وان يكون قد تأثر بتجرية الشعب الفلسطيني في مكافحة الاحتلال ، وانه لا يمكن لأي شعب من شعوب الدنيا ان يتصالح مع الاحتلال ويستسلم له.

و لايمكن لأي مراقب لما يجري في العراق منذ اكثر من ثلاث سنوات الا وان يشاهد ويلمس دون التباس كيف ان بغداد والمدن العراقية الاخرى تحولت الى ما هو اكثر من ضفة وغزة ، بل ان البعض يشبه ما يحصل هناك بما حصل في فيتنام ، او كوريا .

لكن الذي لم اكن اتوقعه على الاطلاق ان تتحول بغداد الى بيروت" الحرب الاهلية"، رغم ان لقاءا باحد رجال الاعمال العراقيين ، واحد المسؤولين في اتحاد الصناعيين العراقيين جرى منذ سنتين حذر من ان تتحول العراق الى ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الاقليمية والدولية.

فالذي تشهده العراق من حروب طائفية وتصفيات واقتتال بين الطوائف وسيطرة نزعة الهيمنة والتسلط من طائفة على اخرى تشكل اقلية في هذه المنطقة او هذه المدينة او تلك يقول بوضوح ان بغداد اصبحت بيروت ، بالاضافة الى مؤشرات اخرى تقول ان العراق كله اصبح ساحة لتصفية الحسابات والحروب الاقليمية ، وهذا ما حذر منه المسؤول العراقي الذي التقيناه قبل ثلاثة سنوات .

فبالامس أكد كبير القادة الاميركيين في العراق، أن الدعم الإيراني للمتطرفين زاد "زيادة ملحوظة" هذا العام، وان القوات الخاصة الايرانية تقدم الاسلحة والتدريب للمسلحين. وأوضح كيسي في مؤتمر صحافي في البنتاغون ان النفوذ الايراني يمثل أحد المشاكل الأربع التي يواجهها في العراق.

وتابع "نحن على ثقة من ان الايرانيين، عبر القوات الخاصة، يقدمون الاسلحة والعبوات الناسفة والتدريب للجماعات المتطرفة الشيعية في العراق، ويجري التدريب في ايران، وربما في بعض الأحيان في لبنان عبر عناصرهم"..

وحتى لو جاء هذا الاعتراف من كبير قادة القوات العسكرية الامريكية المحتلة فانه لايقبل الشك لان هناك العشرات من المصادر الاخرى التي تؤكد هذه الحقيقة ، وهذا الامر يشكوا منه قادة الطائفة السنية ف يالعراق يوميا. الامر الذي يعني تحول العراق الى ساحة لتصفية الحسابات ، وام كان لهذا الدعم الايراني للشيعة ف يالعراق اهدافا اخرى في طليعتها تعزيز نفوذها وترسيخ اقدامها ف يهذا البلدج العربي، وهذا ما اشتكى منه الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي اكثر من مرة.

اما بغداد بيروت فقد تجسدت امس الاول الجمعة بشكل واضح باحداث اقرب هي الى تلك الاحداث التي شهدتها بيوت في عام 1975 وما بعده ، من تقسيم مناطقي بين مسلحي الطوائف ، والاشتباكات المسلحة بين المناطق وعمليات القصف والخطف والقتل على الهوية.

فيوم الجمعة شهد مقتل وجرح العشرات في هجمات دامية بمدن عراقية ، واشتبكت ميليشيات شيعية مع قوات عراقية وامريكية في بغداد. وفي الوقت نفسه وشهدت "اختبار قوة" واشتباكات شوارع عنيفة بين "مقاتلين سنة" وميليشيا "جيش المهدي" التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر في شوارع عدة من العاصمة دفعت رئيس الوزراء الى إعلان حالة الطوارئ وحظر للتجول استمر لساعات.

وطغت الصورة البيروتية على بغداد التي عاشت حالة وقفت معها حافة "حرب اهلية" عندما تفجرت مواجهات ذات ابعاد طائفية بعد ان شهدت شوارع العاصمة حضورا لا سابق له، لعناصر "جيش المهدي" فيما خرج "مسلحون" في احياء سنية لمواجهة قوى الجيش والشرطة ما استدعى حكومة المالكي، الى اعلان حظر شامل للتجول للسيطرة على الموقف.

وانتشر المئات من عناصر الميليشيا الشيعية في ساعات مبكرة من الصباح في شوارع بغداد بحجة تأمين طريق وصول آلاف المصلين من مدينة الصدر الى جامع براثا الى الشمال الغربي، منها استجابة لدعوة اطلقها الصدر يوم الخميس لصلاة جماعية للسنة والشيعة في الجامع الشيعي الذي تعرض قبل اسبوع لهجوم انتحاري اودى بحياة العشرات من المصلين.

واثار هذا الوجود الكثيف للمسلحين الشيعة من جيش المهدي حفيظة سكان الاحياء السنية مما ادى الى قيام بعض المسلحين السنة بمهاجمة جيش المهدي انطلاقا من منطقة الفضل وسط بغداد وامتدت لاحقاً الى شارع حيفا والرحمانية.

ولم تكن احداث شارع حيفا الوحيدة في بغداد. اذ اشتبك مسلحون مع وحدة للحرس الوطني في منطقة السفينة في الاعظمية بعد رواج اشاعات تتحدث عن نزول "جيش المهدي" الى شوارع بغداد بينما هاجم مسلحون آخرون دوريات لقوات حفظ النظام في منطقة الدورة جنوب بغداد ما ادى الى مقتل احد عناصر الشرطة واصابة آخرين بجروح.

وتمت السيطرة على الموقف بعد اتصالات اجراها رجال دين سنة وشيعة هدفت الى تجنب تفاقم الاحداث، كما اتصل رئيس الوزراء العراقي مع عدد من القيادات السياسية السنية والشيعية للغرض نفسه.

وبعد ان تمت الاستجابة الى شروط القوى السنية التي اشترطت انسحاب ميليشيا جيش المهدي التي انتشرت بكثافة منذ الصباح في احياء شارع فلسطين والمستنصرية والقاهرة والشعب والوزيرية وباب المعظم والطالبية وجميعها في جانب الرصافة، كشرط لانسحاب المسلحين السنة الذين كانوا يهدفون الى مهاجمة جيش المهدي.

اليست هذه بيروت ، وكم من مرة في بيروت تمت التهدئة ، وتدخلت المرجعيات، وتم اعلان وقف اطلاق النار، اهذا ما سوف تشهده بغدا ف يما هو مقبل من الايام ، ربما هذا الذي سيحدث مهما كانت امنياتنا عكس ذلك، ولكن هذه هي النتيجة المنطقية والطبيعية ، للصراع القبلي والطائفي ، الداخلي، وهو الامر المنطقي عندما تبيع اطرافا داخلية ولاءاتها لجهات خارجية اي كانت هذه الجهات سواء قوات محتلة (كالقوات الامريكية) او قوات معادية للقوات المحتلة في العلن على الاقل (نقصد بذلك ايران على وجه الخصوص).

والله اننا لا نتمنى لبغداد ان تمر بتجرية ما مرت وتمر به بيروت ، ولكن يبدو ان ليس كل ما يتمنى المرء يدركه هي الحقيقة المقدرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزة.. ماذا بعد؟ | المعارضة الإسرائيلية تمنح نتنياهو -الأمان-


.. فيضانات في الهند توقع أضراراً طالت ملايين الأشخاص




.. مواجهة مرتقبة بين إسبانيا وفرنسا في نصف نهائي يورو 2024


.. الاستقرار المالي يثير هلع الفرنسيين




.. تفاعلكم | مذيعة أميركية تخسر وظيفتها بسبب مقابلة مع بايدن!