الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران والخليج ..(مواجهة ام تخفيف التوتر ) :

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2020 / 11 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


هناك اشكالية معقدة في تراكماتها وتفاعلاتها بين العرب وايران بصفة عامة وبين ايران والخليج بصفة خاصة ..والتوجس والريبة تشكل صفة في علاقة الطرفين خاصة وان ايران اصبحت فاعلة ومؤثرة كطرف اقليمي في عموم المنطقة العربية ليس من خلال جماعات تابعة لها في اربع عواصم عربية بل أيضا من خلال تفوقها العسكري والديموجرافي على جيرانها من دول الخليج ناهيك ان خبراتها القتالية تم تجريبها لمدة ثمان سنوات سابقة وهي ايضا تتمدد مذهبيا وعبر اجهزتها المعنية اضافة الى جماعات البيزنس ذات النفوذ المالي في الامارات وغيرها من دول الخليج ..
وفوق هذا كله ايران في صورتها الراهنة اليوم تتحرك وفق نزعة قومية وهي تستحضر الماضي الفارسي ومعه النزعة الصفوية المؤسسة للدولة ونظام ولاية الفقيه الذي تبلور اولا في بداية القرن العشرين ثم مع نظام الخميني و منظوراته الدينية والسياسية –ولاعيب في ذلك فهذا حقها -.. ويخطئ الكثير ممن يتصور ان ايران تحركها نزعة الأسلمة بل على العكس من ذلك نزعتها التاريخية القومية هي الناظمة للفكر السياسي لنخبة القيادة والمعممين تحديدا و حتى في كتابات المعتدلين من قادتها مثل محمد خاتمي ..فمن يقرأ بعضا من كتبه مثل مطالعات في الدولة والدين يجد غالبية الكتاب فخر بالموروث الايراني ومحاولة استعادته او احيائه بطرق جديدة ..
من هنا فدول الخليج يجب ان تنظر الى ايران وفق المنظور الجيو- سياسي والجيو - ستراتيجي وهما معا (ايران والخليج) في حيز جغرافي يواجهان بعضهما البعض دون القدرة على تغيير الجغرافيا ولا التاريخ .. ومن ثم فما يمكن تغييره هو السياسة والاقتصاد وفق متغيرات عدة في انماط التفاعلات والعلاقات ووفق بناء قدرات محلية مدعومة اقليميا ودوليا بشرط ان لا يكون هذا الدعم مخلا بالتوازن كما هو اليوم .. حيث لعبت امريكا دورا كبيرا في تأسيس المنصة النووية الايرانية منذ العام 68 وادخلت السعودية ومعها دول الخليج ضمن معارك جانبية في سياق المنطقة ذاتها وفق ثنائية النظم الجمهورية والملكية ،الرجعية والتقدمية ، ثم الإسلاموية والاشتراكية والقومية ..ولم تستفد الدول الخليجية شيئا مما جرى فقد استفادت ايران التي بنت جيشها وتطورها التكنولوجي وتفوقت على السعودية ..فكلتا الدولتين دخلتا في صراع معلن وفق افضلية واولية القيادة للعالم الاسلامي ..
ولما كانت السعودية تتميز بوجود الاماكن المقدسة الاسلامية وتزايد قدراتها النفطية وعوائدها المالية الا انها تفتقد لمنظور استراتيجي في بناء الدولة التي لاتزال تقليدية في غالبية نظمها وصورها ومظاهرها ومعها تقليدية المجتمع ايضا دونما القدرة على تأسيس هوية سياسية وطنية وتعبيراتها في النظم والمؤسسات والخطاب والثقافة ودونما قدرة في خلق ثقة وتقبل في المحيط العربي والإقليمي ... في حين نجحت ايران في اعادة بناء هوية سياسية تتداخل وتتقاطع مع موروثها التاريخي الفارسي وتاريخها الاسلامي ..
في هذا السياق ووفق منطق الجوار الجغرافي يتطلب الامر منظورات جديدة في العلاقات وفق مصالح معلنة معها خطوط حمراء في مجال التمذهب والتدخلات في شؤون الاخر ،، لكن المجال مفتوح للعلاقات الاقتصادية وفق منطق السوق والياته الليبرالية كما عبرت عنها منظمة التجارة العالمية .. ولا يمكن لدول الخليج ان تكون فاعلة تجاه ايران الا بوحدة الموقف الخليجي وهذا الامر يتطلب انهاء الاشكالية القائمة حاليا وعودة الجميع الى مجلس التعاون وفق رؤية جديدة للمجلس لامجال معها لدولة كبيرة واخرى صغيرة بل دول متساوية العضوية وذات سيادة .. ومن ثم اعداد اجندة تعزز الثقة بين دول المجلس في اول انعقاد لقمته ومعها يتم ضم اليمن وفق المتغيرات السياسية التي تراكمت خلال السنوات الخمس ونظرا لحاجة المجلس لليمن من اجل تعزيز القدرات الديموجرافية والعسكرية وكمجال للاستثمار وفق منطق السوق والياته الرأسمالية وليس هبة او عطاء ، هذا من شأنه ان يعكس رؤية استراتيجية جديدة للمجلس لانهل ايمكن إعادة العمل بالمجلس وهيئاته وخطابه وحتى ميثاقه التأسيسي كما كان قبل الازمة الراهنة وما نجم عنها من تعقيدات جمة ..
هذه الرؤية تشكل منظورا متطورا للمشهد السياسي وفق متغيرات اللعبة اقليميا ودوليا ،، من هنا لا يجب الاكتفاء بعلاقات خاصة مع امريكا لمخاطر الارتباط الاحادي معها بل لابد من الانفتاح الخليجي مع الصين وروسيا والمانيا وفرنسا كما الهند واليابان وغيرها . هنا يستفيد الخليج في خلق توازن لمصادر قوته اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ..وللعلم الصين والهند قوتان كبيرتان في المجال الاقتصادي والتكنولوجي تشكل قطبا منافسا لأمريكا ، ومعها الصين وروسيا قطبا اخر منافسا في المجال العسكري والسياسي ..ومع تعزيز علاقة الثقة بين دول المجلس السبع وفق تجديده وانهاء الازمة الطارئة بين الاخوة في البيت الخليجي لابد من تعزيز علاقات السعودية مع دول عربية كثيرة وهي ذات مستوى سيئ او ضعيف فيه من الشك وعدم الثقة اكثر ما فيه من التعاون والتكامل ..
السؤاااااال هل تمتلك السعودية منظورا استراتيجيا وسياسيا خلال الفترة 20-30 كخطوة في منظور اشمل للفترة 20-50 وتحديد موقعها الاقليمي والدولي وتحديد عناصر القوة لديها او تشكيلها خلال هذه الفترة ومن ثم تحديد علاقاتها مع ايران والعمل لخلق توازن معقول بينهما في بعض المجالات او الكثير منها ..
لا تنتظر السعودية من امريكا ان تدخل في حرب مع ايران من اجلها فهذا لن يحصل ..وعليها اخذ الدرس من ارمينيا التي صكت علاقات اعتبرتها جيدة مع امريكا واسرائيل وذهبت للعداء نحو روسيا فكان ان اظهرت الحرب الاخيرة تحيز امريكا واسرائيل للأذربيجان وهزمت ارمينيا وفقدت الحليف الوحيد لها رغم بعض الاتفاقيات التي لاتزال تربطهما معا ..الخليج عليه اعادة بناء نظمه السياسية وتجمعه وفق علاقات ثقة وتكامل اقتصادي والاسراع بتوحيد العملة والجواز الموحد حتى تزداد علاقات الثقة والتكامل لان استمرار تشظي البيت الخليجي وانقسامه لن يكون في صالحهم على المدى الاني والمنظور ..
فترتيب البيت الخليجي في مجلس قوامه سبع دول واعتماد منظور استراتيجي طويل الأمد يرتكز على تعزيز القوة اقتصاديا (تنوع وتعدد القاعدة الاقتصادية ) وتجديد كبير في منظومة التعليم وتشجيع البحث العلمي ..وتعزيز القدرات العسكرية في اطار دبلوماسية فعالة إقليميا ودوليا تدرس متغيرات الإقليم والعالم أولا بأول ومعها يكون مراجعة لأهداف واجندة المنطقة ومعها اهداف مجلس التعاون بصورته الجديدة ..
الجدير بالذكر ان السنوات الأربع القادمة ستكون هامة ومصيرية في استقرار المنطقة كلها او تدخل في آتون فوضى سياسية وامنية وفق متغيرات الاستقطاب الدولي وتصاعد الخلاف الأمريكي الصيني والروسي او التنافس مع اوروبا ..ومع تغير الإدارة الامريكية وتفاؤل البعض بقدومها ،، وهنا لا اعتقد ان هناك تجديد في التناول الأمريكي سياسيا وامنيا تجاه المنطقة العربية والخليج خصوصا ..
وللعلم أمريكا قد ترضى بإيران النووية مقابل تهذيب سلوكها السياسي تجاه إسرائيل وبعض المصالح الامريكية في المنطقة وهذا الامر سيكون على حساب مصالح الخليج حاضرا ومستقبلا ومن ثم فالحوار الإيراني الخليجي مطلوب ولامجال للهروب والاختباء وراء شعارات لا تتحقق بل المواجهة بدءا من الحوارات المباشرة سياسيا وامنيا واقتصاديا لاستكشاف الواقع دون اقنعة ولا اقول استكشاف النوايا فحسب ..فالسياسية لها مؤشرات امبيريقية لا تقبل الأوهام او الظن بل حقائق يجب ان تكون محل نقاش في اكثر من جولة ثم اتخاذ ما يلزم بعد ذلك من قرارات ومواقف سلبا او إيجابا ...
ولهذا فالبناء السياسي داخل المنطقة –وداخل البيت العربي هو الخطوة الأساسية والهامة في تعزيز الاستقرار وخلق انسجام اجتماعي داخل المجتمع .. والعقبة الكبرى امام بناء مجلس خليجي تتمثل في محاولة السعودية احتواء ما تعتبره دول صغيرة مشاغبة لها ظنا انها تستطيع ان تخضع اصواتها وهنا مكمن الخطر لان مجلس التعاون يجب ان يكون مبني على أساس الثقة والاحترام المتبادل لتحقيق إنجازات كبيرة في الداخل وفي الخارج ..
من هنا يجب اعداد تصور أولى لتحديد نمط العلاقة مع ايران وطبيعتها وحدودها ومع أمريكا أيضا فهذه الأخيرة لم تكن في صف الخليج مائة بالمائة ولابد لدول الخليج ان تتجه لتعدد علاقاتها الدولية وتعدد قاعدتها الاقتصادية وحتى تعدد مصادر السلاح أيضا .واخيرا ان يكون لدول المجلس رؤية تحديثية في الداخل الخليجي على مستويات الاقتصاد والسياسية والتعليم والثقافة مما يعزز من اكمال مسار التحول الحداثي الذي اعتبره بعض أبنائها وبعض المراقبين تحول غير مكتمل وحداثة ممتنعة لأسباب ترتبط ببنية المجتمع وبنية الدولة ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو