الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذا توقفت عن التفكير توقفت عن التطور عارف دليلة

حسن دليلة

2006 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


إذا توقّفت عن التفكير توقّفت عن التطوّر
عارف دليلة

لوحات الكترونية كهربائية معلّقة على أسطح كثير من البنايات العالية وعلى مفارق طرقات وشوارع مدن الإمارات العربية المتحدة في " أبو ظبي , دبي , الشارقة , وغيرها " . دعوة للجميع بأن يفكّروا ويغكّروا وأن لا يتوقّفوا عن التفكير , وكنت كلّما قرأتها أتوقّف متمعّناً فيها مشدوداً إليها أحاول أن أجد لها موقعاً في عالمنا العربي , وهل نجد لها إسقاطاً في أقطارنا العربية , هل صحيح أنّ المواطنين العرب وفي كافة أقطارهم يفكّرون بحريّة وهل هذه المقولة تعني إطلاق حريّة التفكير للمواطن العربي , أم أنها مقولة استهلاكيّة دعائيّة تظهرها شاشات التلفزيون عبر تصوير مراسليها في شوارع مدن الإمارات فقط للتدليل على حريّة التفكير في هذه الدولة الحديثة التكوين أم أنهاهي السبب الأهم في الوصول بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه الإنطلاقة السريعة في ركب الحضارة المتسارع والتي ساهمت في تطويرها في كافة المجالات .
اسكت أيّها الفيلسوف , أغلق عقلك أيّها المفكّر , أوقف نشاطك أيّها الكاتب , سلسلة أوامر يجب عليك تنفيذها بدقّة وإلاّ .. ؟ افتح عقلك إلى الحد الذي نريد , فكّر كما نحب , ثمّ وقّع على كل ما نكنتبه لك , عندئذ سنقول عنك أنّك مفكّر وكاتب وطني تحب وطنك , ليس المهم أن يتطوّر الوطن ليأتي العدو ويبتلعه متطوّراً فيكون مرتاحاً في ابتلاعه , يجب إبقاءه متخلّفاً لأن ّ ذلك يصعب على العدو هضمه , هل فهمت أيّها الكاتب والمفكّر الذكي لماذا أبقينا أوطاننا في حالة تخلّف مستمر طيلة العقود الماضية , هل فهمت أيّها الفيلسوف , أيّها المفكّر الذي أرسلناك في بعثة خارجية للحصول على الدكتوراه في الفلسفة والاقتصاد والأدب والذرّة لماذا نوقف البحث العلمي في جامعاتنا ونحولّها إلى مدارس ابتدائية أو مراكز لمحو الأميّة , هل تريد أيّها المفكّر الذكي المتذاكي أن نسلّم بلادنا لأعدائنا متطوّرة غنيّة كالبستان الجميل المخضوضرة الباسقة أشجاره عالية مكتملة النمو والحياة فيأتي لقطف ثمارها بدون عناء أو تعب , ألا ترى معي وتوافقني الرأي أنّنا إذا سلّمنا بلادنا إلى عدوّنا ولو بقوّة السلاح فعلينا تسليمها خالية من كل شيء مهم فيها , وإذا ما تركناها فلنتركها أحجاراً جرداء قاحلة لا نبات فيها ولا شجر ولا بشر اللهم إلاّ من أناس يمكن تشغيلهم عبيداً عند القادمين الجدد من الغزاة , أليس ذلك أفضل ألف مرّة من تسليمها أرضاً خضراء ومصانع منتجة وجامعات مزدهرة وشعباً متعلّماً يمكن للقادم الجديد الاستفادة منه في البحث والتطوير والاختراع , إذا كنت معي في هذا الرأي فتعال وادعم خططنا هذه نحو المستقبل المنشود بكتاباتك ومقالاتك وأفكارك , وبرهن بعد ذلك بأنّك كاتب ومفكّر ومثقّف , وسنعتبرك بما أنجزت بأنّك مفكّر ومثقّف وطني .
إذا كنت عالماً في الاقتصاد فيجب أن تتركّز كل أبحاثك وآرائك ومقترحاتك لتحسين وتطوير الاقتصاد الوطني الذي يجعل كل مقدّرات ومدّخرات وثروات الوطن من مناجم ذهب وألماس ونفط وزراعة وصناعة وتجارة أن تجعلها كلّها تصبّ في جيوب أولي الأمر ليقوموا هم بتوزيع ما يريدون منها وبالطريقة التي يريدون على المواطنين منحاً وهبات وعطايا تتكلّم عنها فيما بعد الإذاعة والتلفزيون وكافة وسائل الإعلام مطلقة المديح لأولي الأمر شاكرة لهم كرمهم وجودهم وعطائهم وحسن قيادتهم لأوطانهم .
وإذا كنت عالماً في الفيزياء فابحث في تحويل ذرّات التراب إلى حبّات ألماس نضعها في خزاناتنا للأيام السوداء القادمة أو نعلّقها عقوداً في رقبات نسائنا تبهوراً نكيد بها أعدائنا , وإذا كنت عالماً في الاجتماع فابحث في كيفية أن يعمل الشعب جميعه تحت امرة أولي الأمر تنفيذاً للوصايا الإلهية والنبويّة الآمرة بإطاعة أولياء الأمور " وأطيعوا أولي الأمر منكم " .
وإذا كنت عالماً في الشعر والأدب فابحث في الشعر والأدب القديم " المعلّقات السبع " ربّما قد يصل بك البحث إلى جعلها عشرة أو أكثر , واكتب قصائد المديح في أولي الأمر وقصائد الهجاء في أعدائهم فقد تنتصر بذلك لوطنك وترفع سمعته عالياً بين الأوطان فيشتهر وينتشر صيته بقدر اشتهار شعرك وانتشاره , وبقدر ما يتيسّر لك ذلك فإنّك تصبح مثقّفاً ومفكّراً وطنيّاً وسنعتبرك كذلك .
من أنت أيّها الفيلسوف , أيّها المثقّف , أيّها المفكّر الوطني حتى تبحث وتفكّر وتطالب بما قد تراه مناسباً لإخراج وطنك من الظلمة إلى النور , من أنت حتى تستخدم تفميرك وتطرح نظرياتك التي ربّما قد تقود إلى تطوير بلدك , أليس التطوير والتحديث هي من مهمّات أولي الأمر وهم وحدهم المخوّلون بهذه الأمور وهم وحدهم القادرون على تحمّل هذه المسؤولية , وما مهمّتك أنت أيّها المفكّر والمثقّف إلاّ تسويق ما يرونه تطويراً وتحديثاً أمام الشعب وأمام العالم الخارجي بما تملك من ثقافة وخبرة تعلّمتها من الجامعات التي أرسلناك نحن بإرادتنا إليها , وهل كنت ستملك هذه الثقافة بدون إرادتنا , هذه ليست منّة نمنّنك بها ولكن عليك أن تحفظ جميلنا وتقابلنا بنفس الجميل , فهل عرفت نفسك ومن أنت أيّها المثقّف والمفكّر , إذا كنت نسيت أو تناسيت من أنت فنحن على استعداد لتنبيهك أوّلاً وربّما أكثر من مرّة لكن لا بد في النهاية وفي حال لم تفهم رغم التنبيهات المتكرّرة فلا بد من إعادتك إلى وضعك الطبيعي قبل تحصيلك العلمي , إعادتك إلى قريتك إلى أبقارك وحجارتك القديمة لتبدأ المشوار من جديد , أو إعادتك إلى بيت خالتك حيث تقضي ما تبقّى من عمرك وحيداً في البحث والتفكير .
من أجل ذلك كنت أطالبك يا أخي بالسكوت , من أجل ذلك كنت أطالبك يا أخي بأن تتوقّف عن الكلام في وقت أصبح الكلام فيه جريمة يعاقب بأقسى العقوبات الجنائية , ولو كان هذا الكلام فيه مصلحة أكيدة للأمّة وللشعب وللوطن , لكنّني كنت أطالبك دائماً بالإستمرار في التفكير , في أن لا تتوقّف عن التفكير حتى وأنت في سجنك الإنفرادي من أجل أن تتطوّر وتطوّرنا معك من أجل أن تتطوّر وتُطور المجتمع الذي تعيش فيه , فالسجن هو سجن الجسد سجن المادة ولا يمكن أن يكون سجناً للعقل لأن العقل قادر على الخروج من الزنزانة في أي وقت خاصّة إذا كان من يحمل هذا العقل هو مفكّر وطني ومفكّر اقتصادي مثلك يا أخي سيكون لنظرياته وأفكاره دور مستقبلي حتى بعد غيابه في تصحيح الأوضاع السيئة والمعيشية لهذا الشعب وسيكون لها أيضاً دور أساسي في تطوير هذا الوطن .
إن حالتك الصحية السيئة التي أوصلك إليها هذا السجن السيء لن توقفك عن التفكير والبحث لهذا أدعوك يا أخي أن تستمر في التفكير وأنت في سجنك , أدعوك للبحث عن مستقبل أفضل لنا جميعاً فكم من سجين كان لفكره دور مهم في مستقبل وطنه لا بل في مستقبل أفضل للعالم أجمع فالمفكّرون والعلماء لن يكونوا ملكاً لأنفسهم فقط وإنّما ملكاً للعالم أجمع . أنا واثق من اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح