الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة على تاريخ المسرح العربي في مصر

محيي الدين ابراهيم

2020 / 12 / 1
الادب والفن


قبل أن أشرع في كتابة هذا المقال طرأ في ذهني سؤال:
هل يتم تأريخ حدوث مسألة كمسألة المسرح العربي في مصر على أساس كونه ذلك المسرح الذي ترعاه الدولة مادياً وتفتح له مسارحها أم أنه المسرح بشكل عام سواء كان مسرحاً ترعاه الدولة أو مسرحاً على نفقة أصحاب الفرق الخاصة؟
فلو كان التأريخ يتم فقط على أساس المسرح الذي ترعاه الدولة ويتمتع بكل أشكال وبناء المسارح بالعالم من خشبة مسرح وصالة متفرجين وديكور وأضواء ونصوص مكتوبة لا تسمح بالارتجال، فلا يجوز لبعض المؤرخين - في توثيق هذه المسألة - التطرق لفرق القطاع الخاص من مثل فرقة "يعقوب صنوع" على سبيل المثال في أنها أول فرقة مسرحية بمصر ( 1871م – 1872م ) لكونها فرقة خاصة لا ترعاها الدولة بل واعتمدت في المقام الأول على الارتجال وعلى الحد الأدنى من القواعد المسرحية المتعارف عليها فنياً، كما يقول "صنوع" نفسه عن مسرحه أنه مسرح "بدائي" في فقرة ذكرها الدكتور على الراعي" في كتابه مسرح الشعب ص28 معلقاً على ملقن الفرقة الذي يدخل إلى خشبة المسرح ويهزأ بالممثل بسبب إلقاء دوره بسرعة وينهره بشده ثم يخرج، يقول:
"لو حدث مثل هذا في مسرح أوروبي لكان فضيحة، إلا أنه في ( مسرحي الذي كان لا يزال في دور الطفولة ) صادف نجاحاً كبيراً".
ومن ثم يستوجب التأريخ من بعض هؤلاء المؤرخين أن يتطرق فقط لفرقة "سليم نقاش" لكونها الفرقة التي نالت عطف "الخديوي إسماعيل" ومنحها من رعايته ورعاية الدولة ما جعلها تعرض عرضها الأول في مصر عام 1877م على مسارح الدولة، بل أن ذلك الأمر سيدفعنا أيضا لاحتساب أن أول مؤلف مسرحي مصري هو الأستاذ "إسماعيل عاصم" المحامي الذي تم تقديم مسرحيته ( هناء المحبين ) على مسرح دار الأوبرا الخديوية وبرعاية الدولة حيث قدمتها فرقة "اسكندر فرح" عام 1893م، وتجاهل وغض الطرف عن الطالب الأزهري الشيخ "محمد عبد الفتاح" الذي ألف تراجيديا تاريخيه قدمها "يعقوب صنوع" عام 1871م، أي قبل "إسماعيل عاصم" بحوالي ( 22 عاماً ) لكونه نص تم تقديمه في فرقة قطاع خاص لا ترعاها الدولة ولم تقدم على مسرح الدولة كمسرح دار الأوبرا الخديوية !
بل أن هناك من البعض من يؤرخ للمسرح العربي في مصر بزمن الحملة الفرنسية التي انشأت بعض النوادي الترفيهية وقدمت فيها بعض المسرحيات للترفيه عن جنودها كما ذكر الجبرتي في تاريخه بلغة لا يفهمها المصريين، مما يجعلنا نتساءل:
ما علاقة ما كانت تقدمه الحملة الفرنسية من مسرحيات فرنسية باللغة الفرنسية للترفيه بها عن الجنود الفرنسيين بتاريخ المسرح العربي في مصر؟
في الحقيقة لم أجد اروع من المستشرق الألماني "كارستين نيبور" الذي زار مصر في رحلة علمية للوقوف على الحالة الاجتماعية والسياسية والدينية في مصر عام 1762م ومكث بها ما يقرب من تسعة أشهر وكان ذلك في عهد "المماليك" وقبل الحملة الفرنسية على مصر بحوالي ( 37 عاماً ) إذ يقول منصفاً من منظور غربي وأوروبي لا يفرق فيه بين ما هو برعاية الدولة أو برعاية الأهالي:
"شاهدت في مصر ما يقرب من 178مسرحية باللغة العربية، وكنت لا أتوقع ولا أي إنسان أن يكون في مصر تمثيليات، والحق أن القاهرة فيها فرق تمثيلية كبيرة تتكون من مسلمين ومسيحيين ويهود، يأتون إلى بيت من يستطيع دفع أجورهم ويتخذون من الفناء الواسع ( مسرحاً ) ويصنعون في ركن منه ستاراً يغيرون فيه ملابسهم !"
يقول هذا الكلام قبل مسرح مارون النقاش ( 1853م ) بحوالي ( 55 عاماً ) مما يدفع بالأستاذ "مارون النقاش" في ريادة المسرح العربي والذي نقله إلى مصر إبن أخيه "سليم النقاش" ( 55 ) خطوة للوراء إذ أن المسرح في مصر ممتد بها وله جذور لم تنقطع أو تتحلل، ولولا مؤرخاً أوربياً قام بتوثيق هذا الحدث بالتفصيل ما عرفنا في وقتنا الحالي ( ريادة مصر ) في فن المسرح على وجه الخصوص، وأنه فن أصيل أصالة التاريخ، حتى وإن كنا لا ندري أسماء من حملوا على عاتقهم قديماً مهمة وجود واستمرارية فن المسرح في مصر منذ القدم، وأنه ربما لم ينقطع للحظة واحدة منذ أن أنشأ المصريون مسارحهم الرومانية بمئات السنين قبل الميلاد وحتى يومنا هذا، وإن كنا لا ننكر جهود من حمل على عاتقه دراسة فنون المسرح المعاصرة واللجوء لمصر ليقوموا بتقديم الجديد – في زمنهم – على خشبات المسرح المصري وعلى رأسهم "سليم نقاش" عام 1876م، و"يوسف الخياط" عام 1877م، و"سليمان حداد" عام 1881م، وسليمان قرداحي" عام 1882م، و"أبو خليل القباني" عام 1884م، و"أسكندر فرح" عام 1891م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري