الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى تموز

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2006 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



تمرّ علينا، هذه الأيام، الذكرى الثامنة والأربعون للثورة العراقية، ثورة الرابع عشر من تموز من عام1958 والعراق في أسوأ حال، يعيش انحطاطا قيميا وأخلاقيا يعف القلم عن وصفه،هذا الانحطاط الذي يقود يوما بعد يوم إلى وأد السلم الاجتماعي بين أبنائه وبين شرائحه ويستهدف نسيجه المتجانس.
قبل ثمانية وأربعين عاما وجدت القوى القومية والتقدمية وقوى اليسار عموما نفسها في مواجهة مع اليمين المحلي والعالمي بعد إسقاط الجيش العراقي الوطني قلعة من قلاع الرجعية وركيزة من ركائز الاستعمار بشكليه التقليدي الآفل والجديد الصاعد، وكان الأحرى بتلك القوى مواجهة التحدي بروح بعيدة عن الأنانية والأثرة وببرنامج عمل موحد،إلا أن بعض تلك القوى اعتقد أن بإمكانه وحده مجابهة تلك الهجمة استئثارا منه بالمواقع التي حصل عليها ووفاء منه لمقولات نظرية أثبتت الأحداث أنها لم تكن تنطبق في كل الأحوال.
وبدلا من مواجهة هذا الاستئثار من قبل الأطراف الأخرى بالروية والحوار وإعطاء فرصة مناسبة لمراجعة الذات أو إفساح المجال لتبرير ما حدث بغية التراجع، تمكنت القوى الرجعية اليمينية مستغلة الفرصة الثمينة السانحة من جر بعض القوى التقدمية المتصارعة إلى مجالها وضمها إلى جبهتها العريضة التي قبلت ان يكون فيها الجميع على اختلاف توجهاتهم وعقائدهم ما داموا يواجهون(عدوا) واحدا، في أحط ما تكون عليه الانتهازية من حال. وللأسف فقد استجابت بعض تلك القوى إلى هذه الدعوة وكان ما كان مما يعرف الجميع نتائجه ويضيق المقام عن ذكر تفاصيله.
لقد خسرت القوى التقدمية في العراق الكثير من مواقعها نتيجة لتلك(المعركة)، وأيضا نتيجة لأسباب أُخَر، بعضها بفعل عوامل خارجية والكثير منها كان بفعل عوامل داخلية دفع إليها الإصرار على عدم رؤية ما يجري من متغيرات في العالم على مدى أكثر من نصف قرن.
إن ما يجري اليوم في العراق ما هو إلا نتيجة طبيعية للخلل الحاصل في ميزان القوى الداخلية وغياب دور القوى التقدمية شعبيا ورسميا. وفيما قوى اليمين تشكل ما يشبه الجبهة في تقاسمها للأدوار واقتسامها للمواقع، نجد القوى التقدمية وكأنها غير معنية بما يجري على الساحة العراقية من قتل للأنفس، وتخريب للبنى التحتية، ونهب للثروات الوطنية، بل ربما تكون هذه القوى قد شاركت، دون وعي منها لمخاطر تلك المشاركة، في ما آلت إليه الأوضاع حين قبلت المشاركة في مجلس الحكم والحكومات التالية وحين ارتضت المحاصصة الطائفية مبدأً في تشكيل تلك الكيانات، وقبولها أيضا أن تعد ضمن هذا الطرف أو ذاك.
ومع كل الذي جرى فإن الأمل كبير في عودة القوى التقدمية الى واجهة الساحة السياسية العراقية وقيادة الجماهير نحو بر الأمان، وانتزاع فرصتها من قوى اليمين بعد ان ثبت عجز تلك القوى ليس فقط في قيادة الجماهير بل وحتى في الحفاظ على وحدتها ووحدة التراب العراقي، بل وبات واضحا من خلال سير الأحداث أنها كانت المسؤولة عن ما آلت إليه الأوضاع من اقتتال وتشرذم.
ان أولى الخطوات لتوحيد جهود جميع القوى التقدمية في العراق ولمّ شعثها في جبهة عريضة،هو تجاوز ما جرى، وطيّ صفحة الماضي والكفّ عن تدبيج المراثي التي لا تؤدي إلا إلى المزيد من الفرقة والتمزق وفتح صفحة جديدة،خاصة وان ما جرى أصبح في ذمة التاريخ.
أما الخطوة الثانية فهي في قراءة واعية لنتائج ما حدث، وإعادة النظر بكل الأسباب والدوافع التي أدت إلى تلك النتيجة المأساوية، ونقدها بجرأة كافية حتى لا يتكرر ذلك في المستقبل.
أما ثالثا:فهو التنسيق مع كافة القوى التقدمية في المنطقة بغية توحيد الجهود، لأن بعض ما يجري في العراق هو انعكاس لمخاضات عسيرة تعاني منها المنطقة، وأن تطورات ما يجري اليوم في العراق ونتائجه ستنعكس حتماً على جميع شعوب المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت