الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان: ماذا يخبيء لك حزب الله؟

جوزيف بشارة

2006 / 7 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


مرة اخرى أطلت على اللبنانيين أجواء الحرب البغيضة، ومرة اخرى يستبدل الهدوء والسلام والأمن في شوراع وسماء لبنان بدوي القنابل وأزيز الطائرات وصفارات أجهزة الإنذار وعويل سيارات الإسعاف. تنذر الأوضاع الخطيرة المترتبة على العمليات المتبادلة بين حزب "الله" وإسرائيل بعواقب وخيمة لا يحمد عقباها. من المتوقع أن تخلف الهجمات الإسرائيلية آثاراً قاسية ومدمرة على البنية الأساسية اللبنانية التي تم الشروع في أعادة إصلاح بعضها بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها وبعد أن أنهت إسرائيل احتلالها للشريط الحدودي بجنوب لبنان. فقد كثفت إسرائيل هجماتها خلال اليومين الماضيين على الجسور والطرق والمطارات وشبكات الاتصال والكهرباء والمياه، كعادتها في حروبها مع الدول العربية، وهو ما ينبيء بجولة جديدة من المصاعب والمعاناة والآلام للشعب اللبناني. أجواء الحرب هذه المرة أشعلتها قوات ما يسمى بجماعة "حزب الله" المحسوبة خطأً ضمن القوى الوطنية اللبنانية، رغم أن ولاءها بالمقام الأول يكون دائماً للنظامين السوري والإيراني اللذين ترتبط بهما الجماعة بعلاقات مصالح سياسية أو عسكرية أو عقائدية أو دينية.

من غير المفهوم مغزى عملية "المغامرة الباهظة التكاليف" التي شنتها قوات جماعة "حزب الله" وأسرت من خلالها جنديين إسرائيليين. الشكوك تدور حول محاولة "حزب الله" استفزاز إسرائيل لجرها إلى شن حرب على لبنان بغرض تحويل أنظار المجتمع الدولي عن الاخطاء المتتالية للنظامين السوريي والإيراني، حيث تشير الدلائل إلى أن "حزب الله"، الذي يستخدمه بشار الأسد وخامنيئي لتحقيق مصالحهما المباشرة وغير المباشرة في المنطقة، قد أراد التخفيف من الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على نظامي سوريا وإيران. من المؤكد أن يسعى "حزب الله" لمساعدة النظام السوري للخروج من ورطته بسبب دوره المفضوح في سلسلة الاغتيالات التي شهدها لبنان وعلى رأسها الراحل رفيق الحريري، فضلاً عن مخططاته الخبيثة لإفشال كل محاولات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين،ذلك الدور الذي كان أشار إليه ضمناً الرئيس المصري حسني مبارك قبل يومين. كما أنه من المؤكد أن يحاول "حزب الله" تجنيب النظام الإيراني عقوبات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية محتملة، بعدما أحال المجتمع الدولي إيران إلى مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات صارمة حيالها بعدما ماطلت في الرد على المقترحات الأوروبية بشأن التعاون في المجال النووي.

على جانب أخر، قد تكون العملية محاولة من "حزب الله" لتبرير تسليح رجاله، ولتكريس موقعه المتميز الذي يحظى به في وجدان بعض المجموعات وبخاصة المعادية منها لإسرائيل داخلياً وخارجياً. فمن المؤكد أن زعماء جماعة "حزب الله" يخشون الدعوات المتزايدة المطالبة بنزع سلاح الجماعة. لقد رفض السيد حسن نصرالله كثيراً المطالب بنزع سلاح جماعته بدعوى الحاجة الدائمة لمقاومة ما يقول بأنه "الخطر الصهيوني" القادم من الجنوب، زاعماً أن وجود الجماعة المسلحة في الجنوب اللبناني يضمن للبنان أمنه وسيادته فوق أراضيه. لم يزل المجتمع اللبناني منقسماً حول مصير قوات "حزب الله"، وتزل جلسات الحوار الوطني اللبناني تبحث السبل المواتية لتجريد هذه القوات من سلاحها أو دمجها في الجيش اللبناني، ولكن السيد حسن نصرالله رأى استباق كل الاجراءات لإشعال المنطقة عبر اعتداء غير محسوبة عواقبه على إسرائيل لضمان موقعه المتفرد كقائد للجماعة الوحيدة المسلحة في لبنان.

وقد خرج علينا بالأمس زعيم جماعة حزب الله السيد حسن نصرالله ليبرر عملية جماعته التي أطلق عليها لقب الوعد الصادق، وليبشر اتباعه بنصر مواز لـ "نصر" آيار 2000، وليتوعد الإسرائيليين الـ"صهاينة" بحرب طويلة مفتوحة تصل إلى حيفا وما بعد حيفا. الغريب والمثير والمؤلم أنه في الوقت الذي خاطب فيه السيد نصرالله اللبنانيين قائلاً أن "لبنان دولة وشعبا وجيشا ومقاومة وقوى سياسية أمام خيارين، إما أن نخضع اليوم للشروط التي يريد العدو الصهيوني إملاءها علينا جميعا وبضغط وتأييد ودعم اميركي ودولي وللأسف عربي، إما أن نخضع لشروطه الكاملة التي تعني إدخال لبنان في العصر الاسرائيلي وفي الهيمنة الاسرائيلية"، فإنه عاد ليخاطب الإسرائيليين الـ"صهاينة" قائلاً "أنتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون، أنتم تقاتلون أبناء محمد وعلي والحسن والحسين وأهل بيت رسول الله وصحابة رسول الله. أنتم تقاتلون قوما يملكون ايمانا لا يملكه أحد على وجه الكرة الأرضية." لعل هذه التصريحات يعطي مؤشراً لرؤية السيد نصرالله للدور المستقبلي للمسيحيين في لبنان، فهو بإشارته إلى قتال المسلمين للإسرائيليين الـ"صهاينة" أعداء لبنان قد تغافل تماماً وجود المسيحيين كمواطنين لبنانيين، منكراً عليهم وجودهم ضمن النسيج الوطني اللبناني الواحد، وجاعلاً من لبنان وطناً للمسلمين فحسب.

لقد استمرأ حزب "الله" سياسة المهادنة والنفاق التي اتبعها الساسة اللبنانيون معه حين سمحوا له، استثناءً، بالتسليح رغم علمهم بأن حمل الحزب للسلاح يشكل خطراً داهماً على وحدة واستقرار ومستقبل لبنان، كما استمرأ الحزب سياسة التغافل والتغاضي التي انتهجها الساسة اللبنانيين طوال المرحلة الماضية وحتى بعد أن انتفت صفة المقاومة المقدسة التي صبغها بها البعض، تلك السياسية التي أهملت المخاطر المحدقة التي تنتظر الوطن اللبناني جراء وجود حزب خارج عن الشرعية الوطنية اللبنانية. لم يدرك الساسة اللبنانيون أن وجود جماعة مسلحة خارج نطاق الجيش والشرطة يعد تعدياً على مكانة وسلطة الحكومة اللبنانية. بل لقد منح البعض ومنهم الرئيس غير الشرعي أميل لحود حزب "الله" مجداً ومنزلة لا يستحقهما، فتحول رجال الحزب إلى تابوهات لا يمكن نقدها وطواغيت لا يمكن منازعتها. ولقد تنازل الساسة اللبنانيون عن كرامة وطنهم حين صوروا حزب "الله" على انه حامي حمى لبنان والمدافع عن أراضيه ضد المخاطر الخارجية التي تهدده. لقد كانت التوابع مرة على لبنان، فقد دفع اللبنانيون ثمن من استقرارهم وسلامتهم ومنشآتهم ومصالحهم وسيادة وطنهم.

لا شك في أن عملية حزب "الله" الرعناء لا تعطي لإسرائيل الحق في تدمير لبنان واقتصاده وبنيته الأساسية. ولكن كيف نطلب من إسرائيل أن تكون رحيمة باللبنانيين في الوقت الذي لا يكف حزب الله بتعليمات مباشرة من النظامين الداعمين له على خيانة لبنان صباحاً ومساءً. السياسة العسكرية الإسرائيلية الغشيمة لم تكن ولن تكون يوماً برحيمة أو حنونة على لبنان، لأن كل ما يهم الساسة الإسرائيليون هو استعراض القوى أمام النظامين الجبانين في سوريا وإيران اللذين يستخدمان لبنان وأراضيه كجبهة حرب ضد الدولة العبرية. إسرائيل تعلم تماماً أن لا ذنب للبنانيين في ما يجري، ولكنها تستمر في عقاب الشعب اللبناني جماعياً على ذنوب عملاء نظامي طهران ودمشق. لقد استمر لبنان في دفع ثمن أخطاء القادة العرب منذ حرب 1948 وما تبعها من حروب، والت كان من نتائجها المباشرة غزو القوات الإسرائيلية لبنان عام 1982 بغرض طرد القيادة الفلسطينية من الدولة اللبنانية. وها هو لبنان يدفع اليوم ثمن ذنوب أعدائه الحقيقيين؛ ذنوب نظامي سوريا وإيران اللذين لا يجرؤان على مواجهة إسرائيل عسكرياً أو دبلوماسياً وجهاً لوجه، وإنما يزرعان قوات "حزب الله" في الأراضي اللبنانية كشوكة في حلق استقرار لبنان. لقد حان وقت المصارحة اللبنانية وحان وقت تحييد قوات حزب الله ونزع سلاحها قبل أن يتحول الحزب إلى دولة غير شرعية داخل الدولة اللبنانية الشرعية، فسلاح حزب الله تهديد لاستقرار لبنان قبل أن يكون تهديداً لأمن إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني