الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مذكرات امرأة متحرّرة -8-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 12 / 4
الادب والفن


إنني الآن عضوة مهمّة في الدفاع عن تكريم المرأة وفق مفهوم " أبو القضية ، وفضيلة". تكريم المرأة عن طريق إخضاعها، وهذا المفهوم هو الذي هربت منه ،وهو الذي جعلني أقلّ من عبد، لكن يبدو أن " الغاية تبرّر الوسيلة" وهذه الغاية جعلتني أقبل، مع أن كلمة قبول هي كلمة عبثيّة ، هنا لا شيء اسمه قبول. هنا مبدأ :"نفّذ، ولا تعترض " مع أنني أقوم بمهمة وضيعة، لكنّني لأول مرة في حياتي أشعر أنّ ذهني بدأ ينفتح، فالحياة مريحة، ولدي هاتف نقال حديث أعطوني إياه من أجل مهمتي ، و أنا لا أرفع نظري عنه. أقرأ المقالات، و الأخبار ، حتى أنني أتعلم اللغة. كنت أقرأ قبل قليل عن القديسة آندال ، وهي قديسة من التاميل ، حوالي القرن السابع أو الثامن هي معروفة بكتابتها، ألهمت أندال مجموعات نسائية مثل غودا ماندالي. ينظر البعض إلى زواجها الإلهي من فيشنو على أنه عمل نسوي ، لأنه سمح لها بتجنب الواجبات المعتادة لكونها زوجة والحصول على الاستقلال الذاتي.
قرأت عن الحركات النسائية في بلادنا. لم أفهم ماذا قالت النساء ، الكل متحمسات للصراخ ، أسميت تلك الحركات " حركات التّصويص" تشبيهاً الصوص .
في مقابلة مع إحدى النسويات قالت: أشكر زوجي الذي يدعم نشاطي ، فلولاه لما استطعت أن أتبنى قضية المرأة. بحثت عن اسمها . رأيت أنها ابنة وزير العدل، وزوجها ابن حاجب الوزير .
بدأت أقرأ باللغة الإنكليزية ، قرأت عن الحركة النسائية في السبعينات ، وكيف أفشلها الرجال .
أمور ضبابية. لا أفهم ما أقرأ كثيراً ، لكن ودون أن أدري كلما قرأت عن حركة نسائية عربية أقلب الصفحة ، حيث أننا في هذه البلاد كلّ حركاتنا، وتحركاتنا يجب أن تكون في خدمة الوطن، و الوطن هو القائد الملهم، أو أمير مؤمني العصر، نحن نساء ورجالاً ننشئ الحركات ،ولا نتجاوز ما يرسمه لنا ، ودون أن نتجاوز ، وقد ننادي بنفس ما ينادي فيكون مصيرنا السّجن إلى الأبد، تخرجتْ أجيال من السّجن، ولا زالت تحمل أفكار القائد حول الوطن ، لكن المرأة في الدرك الأسفل من هذه الحركات.
هذا المونولوج لا يفارقني ، لكنّني لا أبوح به. مضى عليّ عدة أعوام في هذه المزرعة ، لم أفعل شيئاً.
أشعر بالمرض ، علي أن أراجع طبيب المقبرة-أعني المزرعة-
عندما جاء دوري دخلت الغرفة . سلّمت . لم يردّ الطبيب السّلام. جلس خلف طاولته، ودون أن يكلّف نفسه عناء أن يقول لي اجلسي . سألني من ماذا تشكين؟ قلت له ألم في البطن ، ووجع في الرأس . أجاب غير مكترث بشكواي : النساء في هذا السن يصبن بالتهاب الكولون العصبي ، وعلاجه نفسي.
هل أفهم أكثر من الطبيب؟
لقد فهمت منه أنّني مجنونة، حتى أنّه لم يعاين مكان الألم. هل أنا مجنونة؟
هذا يعني أن جميع النساء اللواتي تخلى عنهن أزواجهن مصابات بالجنون، فأم سعد قال لها زوجها أنها مختلة، و أم وفيق قال لها زوجها: استشرت الطبيب فقال لي كيف تسمح لامرأة شريرة أن تربي أولادك. الطبيب يقول أنه شيء طبيعي أن تكون المرأة في الأربعين مجنونة بسبب الهرمونات.
سوف أبحث عن الكولون العصبي باللغة الإنكليزية .
لا يوجد شيء اسمه كولون عصبي ، وكل عرض عصبي سببه مرض جسدي ، قد لا يكون في نفس المكان ، فمثلاً ضمور الغدة الدرقية يتسبب في مشاكل في الهضم.
إذن أنا لست مجنونة. اعتقدت لزمن طويل أنّني لست طبيعية. فهمت ذلك من عائلتي، من زوجي، ومن الطبيب . لم يبق أحد لم يقل لي ذلك.
لن أنجح إن لم أعالج نفسي من هذا الخوف . كل الدّروس الدينيّة التي تعلّمتها تقول لي عليك أن تخضعي ، و إلا فإن العقوبة كبيرة في الآخرة. هل تعتقدون أنّني يمكن أن أقتلعها بسهولة؟ لا زلت أعتقد أنّني زانية تستحق الرّجم، و أخفي الموضوع عن نفسي ، ثم أحتجّ عليّ. لا زلت مقتنعة أنّني مختلّة، فمنذ أربعين عام و الناس تدّرسني هذه القناعة، حتى الطبيب أكدها.
إما أن أقتنع أنّني مختلّة ، أو أثبت أنّني إنسان طبيعي .
هل يمكن أن أثبت ذلك؟
الكثير من النساء اللواتي لم ينتمين للحركات النسائية حاولن ، و انتهى بهن المطاف إلى الفشل. الآن فقط عرفت أن المهندسة رباب ليست مجنونة. تزوجت بعد قصة حب ، وكما تعلمون قصة الحب تعني قصّة حبّ الرجل، لا علاقة للمرأة بها إلا بتمثيل الدّور الحديث. كيف يمكن للمرأة أن تحبّ، وفي النصوص الإلهية ليست سوى أداة ؟
أصبحت رباب بدينة بعد الزواج، وبعد إنجابها لثلاثة أطفال ، فطلب منها زوجها أن تصبح" باربي "، أدركت أنها في ورطة، أرادت أن تحافظ على الزواج فخسرت عشرين كيلو غرام إرضاء لزوجها ، لم يكفّ عن تعنيفها لفظياً إلى أن تصاب بنوبة ذعر فتبدو مجنونة ، في نهاية المطاف أغلق عليها الغرفة وسجنها ، وادعى أنها اختفت دون أن تعلمه، وتعاون مع عائلتها كي يقتلها عندما تعود ، وفي يوم من الأيام أودعها مستشفى المجانين، ولا زالت عائلتها متعاطفة معه، لأنّه حافظ على شرفهم، ولم ليتحدث عنها للمجتمع.
هل أبحث عن نهايتي كما رباب؟
هل سوف أحترم نفسي ؟
هل سوف أصبح إنساناً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود


.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا




.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب