الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحكمة الاتحادية العليا مستقلة مالياً وإدارياً بموجب الدستور

سالم روضان الموسوي

2020 / 12 / 4
دراسات وابحاث قانونية


يدور الجدل بين الحين والآخر حول مدى استقلالية المحكمة الاتحادية العليا من الناحيتين الإدارية والمالية ، وفي مادة نشرها الزميل القاضي السابق الأستاذ زهير المالكي في موقع كتابات المؤرخ في 4/12/2020 قد أشار إلى وجود اختلاف في الرؤى تجاه هذا الاستقلال، لكن الواقع الدستوري والفعلي يؤكد على إنها مستقلة مالياً وإدارياً، كما أرى بان السند الدستوري لهذا الاستقلال ما ورد في المادة (92/أولا) من الدستور التي جاء فيها الآتي (المحكمة الاتحادية العليا هيئةٌ قضائيةٌ مستقلة مالياً وإدارياً) وهذا النص واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ولا جدال فيه أو نحوه، لكن توجد آراء وأفكار لدى بعض المختصين في القانون والقضاء بان هذا الاستقلال ليس فصلاً نهائياً عن سائر مكونات السلطة القضائية، لأنها وردت ضمن نص المادة (89) من الدستور التي جاء فيها الآتي (تتكون السلطة القضائية الاتحادية، من مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الإشراف القضائي، والمحاكم الاتحادية الأخرى التي تنظم وفقاً للقانون)، لكن هذا النص الدستوري قد عدد المكونات في الفصل الثالث الخاص بالسلطة القضائية ولم يقرر تبعية أي جهة لأخرى حيث قام لاحقاً بتفصيل ذلك عندما قسم ذلك الباب إلى فروع مستقلً بعضها عن البعض الآخر، حيث افرد الفرع الثاني من ذلك الفصل إلى مجلس القضاء الأعلى في المادتين (90و 91) من الدستور والفرع الثاني جعله إلى المحكمة الاتحادية العليا في ثلاثة مواد (92, 93 و94 ) من الدستور، وكل فرع مستقل عن الفرع الآخر، وبهذا يتضح قصد كاتب الدستور إلى أن تكون المحكمة الاتحادية العليا مستقلة تماماً عن غيرها من المحاكم حتى من حيث شكلية الترتيب في الأحكام الدستورية، أما عن الرأي الذي يتعلل بنص المادة (90) من الدستور التي جاء فيها الآتي (يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية، وينظم القانون، طريقة تكوينه، واختصاصاته، وقواعد سير العمل فيه.( فان هذه الإدارة هي للمكونات الواردة في الفرع الخاص بمجلس القضاء الأعلى ولا يجوز إن يقفز إلى غيره، بدليل انه لم يحدد اختصاصات مجلس القضاء في الدستور، وإنما تركها لمشيئة المشرع لاحقاً عندما يصدر التشريع الخاص بالمجلس أعلاه، وهو خيار اقل قوة من الإلزام الدستوري، بمعنى انه قابل للتعديل لاحقاً بمجرد صدور قانون يعدل من طريقة تكوينه أو يحدد أو يقلل أو يزيد من اختصاصاته وكذلك آليات العمل التي يسير بموجبها، وهذا ما جاء في صريح النص أعلاه ، لكنه قد حدد مهام دستورية في المادة (90) من الدستور ومنها إعداد الموازنة للسلطة القضائية الاتحادية، وهذه المهمة قد اتفق مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا على أن تكون الموازنة التي تقدمها المحكمة الاتحادية العليا مستقلة عن ميزانية مجلس القضاء الأعلى، وقد جاء ذلك على لسان مجلس القضاء الأعلى في عريضة الدعوى التي أقامها أمام المحكمة الاتحادية العليا بالعدد 19/اتحادية/2017 حيث ورد في ديباجة القرار الصادر في تلك الدعوى المؤرخ في 11/4/2017 بان المدعي السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى إضافة لوظيفته وبواسطة وكيله الموظف الحقوقي عصام فاضل حلواص، قد طلب من المحكمة الاتحادية العليا الحكم بعدم دستورية المادة (3/ثانياً) من قانون مجلس القضاء الأعلى المرقم 45 لسنة 2017 التي كانت على النحو الآتي (ثانيا : اقتراح مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية الاتحادية و عرضها على مجلس النواب للموافقة عليها .) وجاء في سبب ذلك الطلب وعلى وفق ما ورد في عريضة الدعوى الآتي (بان مجلس القضاء الأعلى يرى بان قانون مجلس القضاء الأعلى (45) لسنة 2017 النافذ قد فصل بين المحكمة الاتحادية العليا و مجلس القضاء الأعلى بموجب المادة (1) من القانون أعلاه وبالتالي لا يجوز لمجلس القضاء الأعلى أن يضع ميزانية تخص المحكمة الاتحادية العليا، وإنما يجب أن تختص بوضع هذه الميزانية المحكمة نفسها، سيما وان المادة (92/أولاً) من الدستور نصت على إن المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا وإدارياً، لذا لا يجوز لمجلس القضاء الأعلى التدخل في وضع ميزانية المحكمة الاتحادية العليا) وهذا مقتبس من ديباجة قرار الحكم الذي استند إلى عريضة الدعوى المرفوعة من مجلس القضاء الأعلى في الدعوى العدد 19/اتحادية/2017، وبذلك فان مجلس القضاء الأعلى ذاته قد أوضح موقفه تجاه وضع ميزانية المحكمة الاتحادية العليا، كما إن المجلس وفي دعوى أخرى نظرتها المحكمة الاتحادية العليا بالعدد 136 وموحدتها 137/ اتحادية/2017 ، وفي هذه الدعوى قدم السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى بواسطة وكيله الموظف الحقوقي فاضل علوان حلواص لائحة أرفقت طي الدعوى يوضح فيها بان التعداد لذي أوردته المادة (89) من الدستور بخصوص مكونات السلطة القضائية قصد المشرع منه بيان مكونات تلك السلطة من الهيئات القضائية التي تولى الإشراف عليها مجلس القضاء الأعلى (عدا المحكمة الاتحادية العليا) التي ورد لها نص خاص في المادة (92) من الدستور) ، ثم يكرر القول مرة أخرى في لائحته المنوه عنها على وفق الآتي ( ومن النصوص المتقدمة يتضح ان الهيئات الوارد ذكرها في المادة (89) من الدستور (عدا المحكمة الاتحادية العليا) المخصوص ذكرها في المادة (92) من الدستور...) وهذا ما أعلن عنه مجلس القضاء الأعلى بشكل رسمي وموثق في الدعاوى الدستورية التي أقامها للطعن بقانونه العدد 45 لسنة 2017 أو التي دخل فيها شخصاً ثالثاً واكد على ان ليس لمجلس القضاء الأعلى حق الإشراف أو إعداد ميزانية المحكمة الاتحادية العليا ويستند في ذلك الى النصوص الدستورية المشار إليها في أعلاه، أما عن المحكمة الاتحادية العليا فإنها قد أعلنت وبشكل رسمي بموجب قراراتها في الدعاوى (الأولى العدد 19/اتحادية/2017 في 11/4/2017 والثانية العدد 136 وموحداتها 137/اتحادية/2017 في 5/2/2018) بان استقلالها ماليا وإداريا ثابت بموجب الدستور لا يجوز مخالفته من السلطة التشريعية عند إصدارها لقانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 ، وبذلك فان جناحي السلطة القضائية قد اتفقوا بشكل تام على إن المحكمة الاتحادية العليا مستقلة ماليا وإدارياً وليس لأي جهةٍ سواها أن تعد ميزانيتها وهذا فعلاً ما سار عليه العمل منذ عام 2017 ولغاية الآن.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية