الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبْشُ أُسْتِ الميّت

توفيق بوشري
كاتب

(Taoufik Bouchari)

2020 / 12 / 5
كتابات ساخرة


أنا عاجز تماما. لا، لاتفهموا قولي على هوى ثقافتكم الضيقة. إغراءات كثيرة يفرضها عليكم كبت اختياري في النهاية. لا يوجد عاقل غير مسؤول بشكل ما عن عجزه. ها نلتقي في العجز يا سادة. عمّي المعطي دائما يقول لي: الرجا فالله. إنه لا يعي ما يقول. لا يعي أنه يسوغ عجزه أو عجز الجماعة برد الأمر برمته إلى الله. مع أن الاستخلاف يقتضي الفعل أيتها الأمة الشبيهة بالهرة تعض ذيلها وتتألم في مشهد مثير للشفقة لا يخلو من قهقهات مؤسفة. وأما عجزي إذا أردتم أن نرجع إلى حكايتي فيتعلق بهذه التي بين يدي، أشعر بمغص يصل بين روح مترنحة في قدرها كمدمنة على عشق وجسد يفكر بطريقة شوبنهاورية بئيسة، يتجرأ على العمى والحمق دون أن يكون متأكدا من قابلية تلك الروح للإذعان والمصالحة أو أنها تستغل مكرها لتكبته. هو الكبت اللعين يخلقه العالم بوحشيته وهشاشتنا ليحرمنا من الجنون كلما اغتنمنا لحظة منفلتة للانطلاق. مفارقة هذا الجسد مثيرة، يضاجع العالم خفية ثم يأتي بعد شهوة منطفئا ليراوغ الأحلام ويهدئ من روعها بعد استفزاز ناقص مشوش. أنا عاجز عن القبول بأية إمكانية لا تمتثل لقواعد مبهمة أراها ضرورية حتى أنتج ما يطابقها في مستوى حلة نهائية غير نهائية بيأس واضح. مع أن هذا الانفتاح على غياب النموذج هو مبرر للعبة تجتث ذاتها من ذاتها لتؤسس حكاية آنية تحايث لحظاتها وهي تتحرك صوب اكتمال ما. يستعصي ذلك من حيث هو ممكن نظريا أو فكريا. لطالما وجدت كمتفرج أن الطريقة المثلى لتسجيل هدف أو أهداف هو الخطة التي في مخيلتي، لأحكم على مدرب محترف بالفشل وعلى اللاعبين بالرعونة والضعف. لا شيء حقيقي من كل ذلك. لكني غير قادر إلا على التصور. لهذا أنا عاجز، مثلكم تماما. ليس كل تفكير جيدا. أحيانا نحن نمارس نوعا من الذرائعية لإخفاء الجهل بمتطلبات الجرأة والفعل وتحمل مسؤولية الاعتراف القائمة على الدوام إثر هزيمة هي جزء من هذه الحياة وليست وصمة عار كما لوثنا بقعتنا سواء كأرض أو كوجود أو ثقافة. لنقل كما يهمس لنا مثقف منغلق على وجعه: نحن عار على التاريخ. مع ذلك نستمر بيسر في ممارسة العيش كـ: لا فن طبعا. كاستمرار في استنشاق غير مستحق لهواء ملوث، كل نساء الحي تكررن نفس الكلام ونفس النميمة دون إدراك أنهن في حاجة إلى تجديد، اللهم صالونات بيوتهن الزجاجية بكل وقاحة، حتى لا تتقِنّ القيام بتعديلات تنم عن ذوق يساير متطلبات الحياة كحياة فعلية، بل تهتهتن فحسب مثل آلة تتوهم أنها تنتج منتوجا مختلفا في كل مرة تتمخض عن نفس النمط من شيء مبتذل جدا. حتى الموضة تشعر كأنها مشمئزة من حضورها المقزز على جثت مفرغة من الحيوية، منقوشة بتمائم علاها غبار مزمن. تشعر أن كل مظهر هو محض ثقل يرزح على وجود منعدم. نعم، يحق لي أن أكون عاجزا في النهاية، إني ابن هذا الفراغ في هوة تفتقد إلى كونيتها دون نية، بل بغباء فاضح. كلما اقتربت من حرف لاح لي شاحبا يفر من بين أناملي يئن تحت وطأة تعسف يزيد من الاستلاب القاتل، هيام في حلم مقتطع من إنسانية غريبة عن جسدي وروحي يتوكأ على مسوغات إبداع محتشم. تقول زوجتي: لا يمكن.. أعجز عن المواجهة: لماذا لا يمكن.. أصمت: أكتب، لا يمكن.. كل شيء مغلق لاشعوريا. لا يوجد أي كابوس أسوأ من هذا ليحكي حكاية لا وجود لها بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال