الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار باقٍ مادام التناقض قائما...

عزالدين بوروى

2020 / 12 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


سعيدة يا زروال**دهكون يا رحال
مواكب الأبطال** بالوعد تتصل(1)

بالأمس القريب كان الرفاق قد شيَّعوا جثمان الرفيقة سعيدة المنبهي،بالأمس القريب جدا كان رفاق "إلى الأمام" يصدحون ملء أفواههم "على طريق زروال،زروال ورفاقو،الجماهير غدا حاملين علامو"...البارحة فقط ودعنا المهدي بنبركة وبن جلون وشباضة. البارح،وليس اليوم، راح الدريدي وبلهواري والمعطي وبن عيسى والبوعبيد والحسناوي والمزياني. نعم أيها الرفاق، بالأمس القريب ودعنا السرفاتي الوداع الأخير .
لم يكن يعلم رفاقنا أن اليسار الذي سالت عليه أنهار من الدماء وحُصدت من أجله أرواحٌ ليلة البارحة،سيصبح هذا اليوم "نكتة" تتضاحك عليها أبواق اليمين من جهة ،وأبواق "اليسار المزيف" من جهة أخرى.
إن العدو الأساسي لليسار هو اليسار نفسه،فعندما نجد رفاق الأمس يتغنون بالماضي المجيد ليسار السبعينات والثمانينات،مدافعين عن تجربتهم بكل شجاعة،لنتساءل مرة أخرى مع رفاق الأمس/بيادق اليوم ،هل اليسار في كليته تجربة أم مسار؟
فنقول لهؤلاء اليساريين ما يلي: إذا كان اليسار بالنسبة إليكم تجربة انتهت بتحطيم جدار برلين ،فسنرفع لكم آلافا مؤلفة من تحايا المجد ،لكن اليسار مسار أيها الرفاق. مسار لم ينتهِ باغتيال المهدي و عمر، ولم ينتهِ كذلك باستشهاد سعيدة وزبيدة وزوال ورحال وشباضة والمعطي وبنعيسى والبوعبيد ومصطفى...إن اليسار مسار لن ينتهي مادامت التناقضات قائمة وكائنة. أكرر مرة أخرى، أعداء اليسار في المرحلة هم اليساريون أنفسهم،أولئك الذين رأوا أن التغيير مستحيل فقط لأن زمن النضال ولى ،وأن حاملي المشعل لا وجود لهم،وأن من الأفضل "حيد غي على راسي وشقف"!! . لم يسبق أن قرأت أو سمعت من قبل عن عدمية اليسار حتى استنتجت هذا التعبير واقتفيته من خطاب بعض المحسوبين زورا وبهتانا عن اليسار،أولئك الذين بات يرعبهم خط بيان تنديدي أو بالأحرى الدلو بدلوهم في قضايا العصر. هؤلاء اليساريون الجدد/القدماء الذين رأى بعضهم أن تأسيس حزب يساري جديد كفيل بإعادة اليسار إلى السكة الصحيحة...إننا بحاجة إلى يسارييون لا بحاجة إلى أحزاب يسارية جديدة.
رغم أنني وليد جيل التسعينات ولم يسعفني القدر في أن أعيش في حقبة أوج عطاء اليسار،لكنني صراحة وأنا أكتب هذه الأسطر وأنا حزين لكوني أرى المسار الذي ضحى من أجله شهداؤنا الأبرار يخطف منا ونحن لا نستطيع الحفاظ عليه. ماذا سنخبر المهدي وسعيدة وزروال ورحال؟ هل سنخبرهم أن ما ناضلتم من أجله وضحيتم من أجله راح؟ هل سيغفر لنا التاريخ هذا التخاذل،لم نعد قادرين حتى على التنديد بالانتهاكات التي يتعرض لها أبناء الشعب،فبالإحرى الدفاع عن القضايا المصيرية!!
تركنا المكان فارغا حتى مُلِئَ من طرف أصحاب "الوعي المقلوب" بتعبير المهدي عامل، حتى عاد من هب ودب يبخس من مناضلينا الشرفاء،الذين هم في آخر المطاف مناضلو الشعب المغربي ككل وليس اليسار وحده.
إننا بحاجة إلى نخبة سياسية يسارية واعية مؤمنة بالشعب وقضاياه،وقادرة على حمل همومه والدفاع عنه،والعمل على تحريره من الجهل والأمية والإستغلال الرأسمالي والفوارق الطبقية . بتعبير أدق، إنه لا يمكن لجماهير الشعب أن تتحرر من الأمية،والجهل،والفقر،والاستغلال الرأسمالي،والغش،والإستبداد،والفوارق الطبقية الواسعة، إذا لم تبذل "النخب" مجهودات مضنية،وتضحيات متواصلة ،بهدف رفع مستوى عقل الجماهير وأدائها"(2).
خلاصة القول، إننا بحاجة لمن ينتقد،يبني،يقدم إجابات لأزمات المرحلة،لا لمن يهدم كل ما يحاول الآخرون بناءه.
إن مسار اليسار لم يبدأ لينتهي بانتهاء حقبة فلان أو علان،وإنما هو مسار مستمر ،تتخلله بعض الأزمات من فترة لأخرى،لكنه لن يقف عند أي كان ولو كان جيفارا نفسه. مادامت التناقضات قائمة بين من يملك وسائل الإنتاج وبين من لا يملكها ،فهناك يسار. ما نحتاجه في المرحلة: رجال قادرون ونساء قادرات على المضي قدما وحمل أعباء وهموم الشعب.


#عزالدين_بوروى

(1): مقتطف من نشيد ذكرى انتفاضة 20 يونيو 1981
(2):ع.الرحمان النوضة،نقد النخب.

#اليسار#السرفاتي#المنبهي#الأزمة#النخب#المعطي#








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شرطة نيويورك تعتقل عددا من الطلاب المتظاهرين في جامعة كولومب


.. الشرطة في جورجيا تشتبك مع متظاهرين خرجوا ضد مشروع قانون -الع




.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطيني


.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية القادمة




.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو