الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعود بايدن الاقتصادية!

فهد المضحكي

2020 / 12 / 5
الادارة و الاقتصاد


هل لدى جو بايدن سياسة اقتصادية واقعية ومقنعة؟ هذا السؤال طرحه الكاتب نيك مارتن الذي يعتقد في تحليل له نشر على موقع (DW) أن المهارة والكفاءة الاقتصادية كانت تحسب من نقاط قوة الرئيس دونالد ترامب مقابل منافسة جو بايدن، والآن بعد فوز بايدن في الانتخابات عليه أن يثبت أن لديه الكفاءة والخطط اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.

قبل أربع سنوات وعد دونالد ترامب العمال الامريكيين بما هو خيالي: عودة مواطن العمل من الخارج إلى امريكا، فموطن العمل هذه ظلت لقرابة 100 عام العمود الفقري للنجاح الاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية، وفي السنوات الـ20 الأخيرة انتقلت إلى بلدان مثل الصين والمكسيك.

وبغض النظر عن النتائج المثيرة للتساؤل بشأن محاولة إحياء حركة الانتاج الداخلية، وجدت السياسة الحمائية لترامب وشعاراته مثل «أمريكا أولاً» صدى كبيرًا في الوسط العمالي، ولذلك لم يكن مثيرًا للعجب أن يعد منافسة الديمقراطي في الحملة الانتخابية باستعادة الموقع الصناعي المتقدم لامريكا وأن تكون هناك منتوجات أكثر تنتج في امريكا، والآن بما أن فوزه تحقق على جو بايدن العمل على الوفاء بوعوده.

ورغم أن مكافحة وباء كورونا لها الاولوية لدى بايدن، كما جاء في خطابه بعد فوزه في الانتخابات، فإنه كما ذكر مارتن سيوسع حملة «اشتروا ما هو أمريكي» لدعم الانتاج المحلي ومن ثم ايجاد ملايين فرص العمل الجديدة، بينها مليون فرصة في قطاع صناعة السيارات، لكن دون مكافحة ناجحة لجائحة كورونا لا يمكن إصلاح الاقتصاد.

ومن بين الخطط الاقتصادية للرئيس المنتخب توجد ايضًا ضريبة عشرة في المائة على الشركات التي تنقل مواطن العمل إلى الخارج، وبهذا سيتم سد ثغرات تتهرب من خلالها الشركات الامريكية العاملة دوليًا دون دفع ضرائب على أرباحها المحققة في الخارج والمشاريع التي تقود الانتاج المحلي، وستستفيد في المقابل من إعفاء ضريبي بعشرة في المائة.

يقول مارك زاندي الخبير الاقتصادي إن هذا الجانب من «الجزرة والعصا» في خطة بايدن له تأثير على اختيار الشركات الامريكية أين تحدد موقع انتاجها.

ولكن إذا ظل مجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين، فإنه سيكون من الصعب على بايدن تنفيذ مشاريعه، وهذا ينطبق على مشروع «صنع في أمريكا».

اقتصاديون آخرون يشككون في وعود بايدن الاقتصادية على غرار تلك التي أطلقها ترامب؛ لأن الشركات العاملة دوليًا (العابرة للقارات) تحول إنتاجها في الغالب إلى الخارج للاستفادة أكثر من الاسواق الجديدة مثل الصين والبرازيل، وهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من الانتاج الامريكي في بلدان أخرى هو للأسواق أو المناطق التي توجد فيها المصانع، وسيعود منها القليل جدًا إلى الولايات المتحدة الامريكية.

وعلى هذا الأساس لدى بايدن خطط لزيادات كبيرة في الضرائب على أصحاب الرواتب العالية؛ لسد النقص في التسهيلات الضريبية للسنوات الأربع الماضية بحجم 1.5 تريليون دولار. محللون آخرون يشيرون في المقابل إلى رفع كبير في ضريبة الأرباح الرأسمالية التي تقود إلى عملية بيع كبرى في أسواق السندات.

من التحديات التي سيواجهها بايدن أنه سيخضع لضغط كبير للتراجع عن الكثير من السياسات التجارية العدائية لترامب التي الحقت الضرر بالعلاقات مع أهم الحلفاء، مثل المكسيك والاتحاد الأوروبي.

في حين يرى المحلل الأمريكي نوح سميث في تحليل نشرته وكالة بلومبيرغ للأنباء «ان الرئيس المنتخب جو بايدن قد يتمكن من تمرير سياسات اقتصادية موجهة تستهدف قطاعات محددة بشكل مباشر، إذا لم يتمكن من تمرير حزم التحفيز والإنقاذ الاقتصادي التقليدية الكبيرة».

ورغم التحسن السريع الذي يسجله الاقتصاد الامريكي، فإنه لا يزال جزئيًا، فالتوظيف عاد بالكاد إلى نصف مستواه قبل الجائحة، والعمال ذوو الأجر المنخفض الذين يعمل أغلبهم في شركات الخدمات المحلية الصغيرة، وهم الأشد تضررًا من الجائحة، يعانون.

من وجهة نظر سميث، يعاني الاقتصاد الامريكي من مرضين متزامنين؛ الأول هو الخوف المستمر من الفيروس، فهذا الخوف أدى بشكل أكبر من اجراءات الاغلاق إلى منع الكثيرين من الامريكيين من الخروج من منازلهم للتسوق أو لتناول الطعام، وهو ما أدى إلى العلة الثانية التي يعاني منها الاقتصاد وهي تراجع الطلب الاستهلاكي المحلي، والذي تفشّى في كل قطاعات الاقتصاد.

ورغم أن الخوف من فيروس كورونا المستجد سيتراجع خلال الفترة المقبلة مع ظهور اللقاحات المضادة، فإن احتمالات استمرار تراجع الاقتصاد تظل قوية.

ومن غير المتحمل أن يمرر بايدن حزم تحفيز اقتصادية كبيرة مثل ترامب، والتي ساهمت في تخفيف المعاناة الاقتصادية في بدايات الجائحة؛ بسبب سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ واعتزامهم تبني اجراءات تقشفيه.

نفهم من ذلك أن التحدي يتمثل في قدرة بايدن على وضع استراتيجية آنية لمكافحة كورونا بعدما فشل ترامب في مواجهتها والاستخفاف بها بوصفه لها بأنها «فيروس صيني»، إذ قال بايدن إن عمله يبدأ بـ«السيطرة على انتشار كوفيد-19، وانه لن يدخر جهدًا من أجل احتواء هذه الجائحة، وسيقوم بتعيين مجموعة من العلماء للعمل كمستشارين انتقاليين لتنفيذ خطته الخاصة بفيروس كورونا».

تذهب بعض التحليلات إلى انه حتى لو كان بايدن قادرًا على التعامل بشكل كافٍ مع الجائحة لتجنب فرض عمليات الإغلاق، فإن الأمريكيين سيحتاجون إلى الوسائل والرغبة في الإنفاق.

في مقابل ذلك، يرى سام ستوفال كبير محللي الاستثمار أن تأمين المزيد من الحوافز خطوة مهمة، وان التركيز على التحفيز على الفور لتوفير اكبر عدد ممكن من الوظائف؛ نظرًا لأن الإنفاق الاستهلاكي هو المساهم الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي.

باختصار، يواجه بايدن إرثًا ثقيلاً من التحديات الاقتصادية الداخلية كانتشار وباء كورونا وتبعاته الاقتصادية والبطالة وغيرها، لكن محللين يعتبرون أن السياسات التي يقترحها بايدن لإصلاح شبكة الأمان الاجتماعية الامريكية، وتنظيم قطاع الأعمال، وتعزيز دور الدولة أكثر في الاقتصاد في شكل عام، سيساعد نمو الانتاجية الامريكية بعيدة الأجل ولن يعرقله.

تبقى حقيقة مهمة أن الأزمات المالية والاقتصادية التي يمر بها النظام الرأسمالي الامريكي ليست من صنع جائحة كورونا طبعًا، ما فعلته الجائحة كشف عيوب الرأسمالية التي تعاني من أزمات اجتماعية وسياسة وبيئية، واختلالات اقتصادية متجذرة في عمق بنية المجتمع الامريكي والنظام الرأسمالي عامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي