الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرف .. سرد قصصي

عبد الرحيم الرزقي

2020 / 12 / 5
الادب والفن


ــــــ الخرف ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




كالدخان ... يتسرب من بين أصابعك الزمان .. ندفا متزاحمة متدافعة تغالي في الصدام .. وتتخذ أشكالها وهي تروم الإرتفاع .
لاحاد لفعل الزمان بالأشياء ..؟! .. تقول هذا وأنت تنظر ميكانيكيا إلى وجهك في المرآة .. وإلى بياض مشتعل فوق أذنيك .. شيبات تنصلت كما يبدو من قماط الكاسكيطة .. الزمان لم يرحم شعرك .. ولاحتى جلدك ! .. إذ التجاعيد بدأت تغزو جوانب وجهك .. لاعليك فحتى المرآة التي تحمل معك ما حملت من تذكار رسا فوقها وعلى الحيطان التي تحملها بصمات التوحد .. فلعلك فارقت المكان لدهور !؟..
المدينة خارج الدار سمفونية من الضجيج وخليط باذخ بما يجود به اللسان .. سهلها ممدود يحرسه الجبل .
... سنابل كيفك داخل صفحة جريدة .. سبسيك *وشقوفك والمطوي * .. تبعات جمعها كلها الكيس البلاستيك .. وأنت تتأبطه حتى تيشعر بالأمان لترنو مارقا صوب الخارج تنظر لمرة أخرى إلى المرآة الحزينة قائلا :
ـــ لن أتغيب ..:! سأغيب .
حتى بهجتك يامدينة لعب فيها الزمان .. فأرداها حزينة ..زهرها ماعاد أقحوانا ولا شقائق نعمان .. حلته غشاها البلاستيك !!..
وأنت الماشي ..صافق باب دارك .. متأبط دوزان انسطالك .. سعادتك المنشودة .. يختارك الشك والوجس حتى في وجود الأسوار والنخيل .و لا الأبواب الحومات والدروب .
الشك يتفاقم حتى لأنه يصل الحبيب الصاد والخليل .. والأولاد ! حتى الأولاد .. كل هذا طالته يد الشك .. والشك جارف .. خلقه هذا الزمان . .تأبطه وسال به بين الدروب والمراتع .. يتوقف حينا فحينا يلاطف تجاعيده وشيباته .. ينفت دخانا مثقلا بالأحاديث والأوجاع .. وذكريات جليلة عن ناس مضت .. وحينا آخر يدب دبيب الدم البارد في الشريان نحو الأحلام .. حتى هذه طلاها الزمان المشكاك بمسحة الريبة ..فأضحت بكرة من الروتين لاتنفك يلاحقها التلف والخبل .
صاحبنا يلفه الصمت بعد انسطال بارد .. خطواته القافلة باردة .. أفكاره باردة ..كلماته صامتة داخل صدره .. يتيهيء للدخول إلى كهفه ..يندفع به الباب إلى الداخل .. يسمع ارتطام وجهه مع الزليج البارد .. ينظر إلى أعلى .. هناك وعلى مرأى العين وجه بشوش يكاد يطلق ابتسامة ..تبصمه المرآة ..
ابتسامة هي الاخرى رماها الزمان شآبيب شماتة ...جسد يتهيأ للهمود ..لغط يقترب .

ــــ سرد قصصي : عبد الرحيم الرزقي ــ مراكش المغرب.
دجنبر 2020

* السبسي والمطوي والشقوف : أدوات تستعمل في تدخين الكيف أي القنب الهندي بالمغرب .


..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي