الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الأرض المسطحة والتسطيح

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2020 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الأرض المسطحة
في السبعينات كنا أطفالاً نحضر درس الخميس في المساجد، فيتكلم المشايخ في الغالب عن الموعظة والسيرة النبوية ومنهم من يجتهد ويتكلم في علوم الدنيا. مرة كنا متحلقين حول الشيخ في إحدى دروس رمضان، قال: "الأرض مسطحة ومن يعتقد بكرويتها هو كافر ومن لايكفره كافر أيضاً."
قال أحد الأولاد متسآئلاً: يا شيخ هذه الدروس نأخذها في مادة الجغرافيا. فقال الشيخ : "هذه علوم دنيوية كافرة تليهينا عن طاعة الله". الإعتقاد بكروية الأرض أو بتسطيحها لن يجعل من الإنسان متدين أو غير متدين، جيد أو سيء. وحتى لانظلم الشيخ، فقد أعتقدت البشرية منذ النشأة وحتى عصور ليست بعيدة أن الأرض مسطحة، فقد رأوها قرص مستدير عائم على الماء والسماء فوقه وعاء مقعر مقلوب. هي كانت تبدو لهم هكذا. وحتى هناك فيلم لإسماعيل ياسين عندما علق أحدهم على كروية الأرض، فرد عليه : يعني بيتنا اللي في هذه الحارة سيكون في الحارة الثانية بكرا. الحواس كثيراً ماتخدعنا ، وقد تسآءل الكثير بأنه لو كانت كروية لوقع من كان في أسفلها. غير مدركين لقوانين الوجود من جاذبية ومعها السرعة والضغط الجوي.
هذه النظرة حول الأرض المسطحة يناضل من أجلها الكثير من البشر كي تتفق مع معتقداتهم. ففي الولايات المتحدة التي تعد أرقى دولة في العلم يجادل فيها أناس محاولين دحض الأرض الكروية، وقد أسسوا عام 1965 جمعية والتفوا حولها وقد كان أول هؤلاء رجل أنكليزي اسمه (ساموئيل سنتون). وهذه المجموعة تؤمن بنظرية المرامرة التي تقول أن كل هذه العلوم مزيفة وكاذبة. حتى أن الصين لم تغير نظرتها حول الأرض المسطحة إلا في القرن السابع عشر.
إلا أن الإنسانية قد أنتجت عقول نيرة أولهم اليونان حيث أدركوا أن الأرض يجب أن تكون كرواية بعد الملاحظات الدقيقية ، فقد آمن فيثاغورث في القرن السادس قبل الميلاد بكروية الأرض وبعده سقراط حوالي عام 330 قبل الميلاد، فقد حاول إثبات كرويتها بالتجربة. فقد كانت الأرض قبل ذلك كتلة من معادن وغازات سائلة ( حوالي 4,5 بليون سنة) تعرضت لعوامل الجاذبية والضغط حتى وصلت إلى ماهي عليه الآن.
أنشأت في بريطانيا هيئة مايسى بالجمعية التاريخية عام 1945 وقالت أن هناك معتقدات بشرية خاطئة منها تسطيح الأرض. ومن المسلمين، كان الخوارزمي والبيروني وحتى أبن تيمية قد أعتقدوا بكروية الأرض، فقد قال أبن تيمية في أحد كتبه: "الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل كرة. وقد أثبت الملاح كولومبس بالتجربة كروية الأرض دون أن يدري في رحلته إلى الأمركيتين، لكنه كان يعتقد أنه في الهند.
والآن الفرق بين جمعية الأرض المسطحة الأمريكية ومعتقد الشيخ فارق كبير، وهو أن الشيخ يكفر من يعتقد بكروية الأرض ويخرجه عن الملة كي ينتقل به للمرحلة الأخرى في تصفيته من بعض الاتباع كما حصل مع فرج فوده، أما المجموعة الامريكية، فهم لا يجبرون أحد على معتقداتهم الخرافية ولا أحد من المؤسسات العلمية يأخذهم على محمل الجد. سألني شاب يحمل شهادة جامعية ويؤمن بالأرض المسسطحة قائلاً: " لو كانت الأرض كروية لوصلت الطائرة إلى المكان المبتغى دون أن تتحرك" وهذا يذكرنا بسخرية إسماعيل ياسين التي نوهنا عليها سابقاً. وقد نسي الجاذبية الأرضية والغلاف الجوي. وكي لاتتسطح العقول عندنا، علينا أن نزيّن أنفسنا بالعقل الذي طلب منا الله أن نعمل به بآيات متكررة " أفلا تعقلون".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا