الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي الثورة الدائمة... وهل حان الوقت لوعي حدود العفوية...

عمران مختار حاضري

2020 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هل هي الثورة الدائمة ... و هل حان الوقت لوعي حدود العفوية :

الثورة مستمرة رغم الانتكاس و التعثر و السكون الذي راكم مسارها لبعض الوقت و هذا أمر عادي في كل الثورات تقريباً والثورة تسرق و هذا أمر عادي أيضا في سوسيولوجيا الثورات... لكنها ابدأ لن تموت طالما أن أسباب اندلاعها قائمة و طالما لم تدرك أهدافها ولن يكون هناك استقرار و لن يهدأ الشعب إلا بتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً ، لأن الشعب لما ينزل إلى الشوارع و يحتج و ينتفض ليس في نزهة و لا يملك ترف النزول إلى الشارع ، بل تحركه أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي لم يعد يحتمل التعايش مع هكذا أوضاع و هكذا أزمة طاحنة ... !
الثورة لم تنجح في تحقيق مطالبها فقط لأنه لم تتوفر شروط نجاحها لعدة عوامل ذاتية و موضوعية، أهمها عدم الجاهزية لقيادتها لأن الأحزاب اليسارية جلها تفاجأت باندلاعها و لم تكن مستعدة لها فكرياً و سياسياً و تنظيميا و ربما أسقطت الثورة من اهتمامها و تلبرلت حتى النخاع و صارت تنشط في حدود المربع المسموح به كما اصبح سقف مطالبها لا يتجاوز المطالبة بالحريات على أهميتها طبعاً و الانحسار في الجانب السياسي و إهمال الجانب الاقتصادي والاجتماعي و هذا ما يفسر ربما انعزاليتها و انحسار قاعدتها الشعبية و القدرة على الانغراس في الأوساط الشعبية و تلمس مشاغلها و درجة احتقانها و انضغاطها و إدراك وعيها... و من ثمة عدم الحرص الواعي على نقل الديموقراطية البرجوازية من طابعها الشكلي إلى جوهرها الاجتماعي حيث يكون النضال من أجل الحرية جنبا إلى جنب مع النضال من أجل المساواة و تكافؤ الفرص و التوزيع العادل للثروة و العدالة الاجتماعية المنشودة... ! كما ساهمت إدارة أوباما آنذاك في التآمر على الثورة بالتعاون مع بعض رموز الولاء للثورة المضادة من خلال الإسراع بالعملية الانتخابية التي ضربت الثورة في المقتل عبر سيناريو إسناد الاسلام السياسي و بقايا المنظومة القديمة للوصول إلى الحكم عبر انتخابات مشبوهة ...! خوفاً على مصالحها من متغيرات جذرية قد تفرضها الثورة و بالتالي كسر إرادة الشعب المنتفض في التقدم نحو إنجاز مطالبه التي ثار من أجلها وحرمانه من مراكمة وعيه و تمتين صلاته بأصدقائه المنتصرين له و لانتظاراته و بلورة البدائل من قبل الأطياف التقدمية الناهضة و الديموقراطية الثورية التي شاركت في الثورة من مواقع أمامية و طورت الشعارات لكنها لم تكن جاهزة لقيادتها و رسم أهدافها الاستراتيجية ... ! لكن رغم هذا أفضت الثورة التي يستكثرون و يبخسون، من إسقاط راس النظام و إنجاز حيز هام من الحرية تمكن من خلاله الشعب من كسر اغلال الخوف و إرساء ثقافة "الشعب يريد" عوضا عن ثقافة التهليل و التمجيد للحكم الفردي المافيوي المطلق... و هي ربما تعد أهم إنجاز تاريخي منذ دستور قرطاج ... ! و فتحت هذا الفيض من الانتفاضات و الحراك الثوري في عدة بلدان عربية... ! وهي مستمرة رغم التعثر و لم تنته بل بدأت للتو... !
و لن يكون هناك إستقرار طالما ان الأسباب التي أنتجت الثورة لا تزال قائمة بل تفاقمت على جميع الأصعدة وبخاصة الإقتصادية و الإجتماعية منها في ظل منظومة الإستبداد المنتخب ممثلا في التحالف النيوليبرالي التابع الرث... فلا بقايا المنظومة القديمة المرسكلة و لا منظومة الإسلام السياسي بقادرة على تلبية مطالب الجماهير العارمة و انتظارات الشعب في حياة آمنة و عيش كريم يضمن الحق في التعليم و الغذاء و الدواء . . . إنها في مأزق حقيقي و أزمة اجتماعية تتمثل في الحفاظ على الخيارات القديمة المتازمة و أساساً في النمط الإقتصادي الريعي الخدمي البنكي المهيمن في المجتمع المرتكز على قطاعات هشة في غياب آليات و وسائل اقتصادية منتجة في الفلاحة و الصناعة قادرة على إنتاج الثروة و استيعاب البطالة و إنعاش الاقتصاد... و بالتالي تلجؤ هذه المنظومة الحاكمة الفاشلة إلى الاقتراض و الحلول الترقيعية و اعتماد سياسة تقشفية عدوانية و الانصياع الطوعي لاملاءات صندوق النقد الدولي الكارثية و أوهام التسويات الحوارية التضليلية لامتصاص الغضب الشعبي و محاولة إنقاذ المنظومة التبعية الرثة و منوالها التنموي الرث و حرف الصراع الاجتماعي عن جوهره الحقيقي ...! و مهما ناورت تبقى تراوح مكانها في مأزق حاد و غير قادرة على الصمود بوجه الإنفجار الإجتماعي الذي بدت بوادره تلوح في الأفق في ظل توسع رقعة الاحتجاجات الشعبية و استمرار ذبح المقدرة الشرائية للمواطنين و الاعتداء على أسباب عيشهم... و الإمعان في نفس الخيارات اللاشعبية و اللاوطنية الفاشلة و تحميل أعباء الأزمة للفئات الشعبية الضعيفة... !
* المهم أن تستعد الأطياف التقدمية الوطنية السياسية و المدنية و الديموقراطية الثورية المعنية بالثورة و مطالبها و المنتصرة لعموم الشعب الكادح ، كما ينبغي فكرياً و سياسياً و تنظيميا و تتجاوز الانتظارية و التردد و العفوية و أن تجهز بدائلها و توحد صفوفها و و تبني أطرها التنظيمية من صلب الحراك الاحتجاجي لتكون فاعلة و تلعب دورها الطلائعي في توجيه الطاقة الاحتجاجية صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا... !
* فالثورة ضد البرجوازية لا يمكن أن تنتصر بوعي برجوازي...! و لا تنتصر عفويا ولا يمكن أن تحقق نجاحاً يذكر إذا لم يكن لها إطارها التنظيمي، و اذا لم يكن هناك من يعرف كيفية وآليات تأطيرها و تطويرها و تحديد أهدافها و هو ما يستدعي تجاوز التشتت و توحيد البدائل و مركزة الاحتجاجات و صياغة التكتيك المناسب لإدراك التغيير الذي يحقق مطالب الشعب الحيوية التي ثار من أجلها ... فالثورة كانت ولا تزال في حاجة ماسة إلى قيادة تدرك نقاط الضعف و مواطن الخلل التي راكمت المسار الثوري و تنطلق من استراتيجية واضحة غير ملتبسة تهدف الوصول إلى السلطة على قاعدة بدائل سياسية اقتصادية واجتماعية تقطع مع الخيارات القديمة المتازمة و تفتح آفاقا رحبة أمام انتظارات الشعب المنتفض في الشغل و الحرية و العدالة الاجتماعية و الكرامة الوطنية....
فالوضع أخطر من أن يترك لهذه المنظومة العدوانية الحاكمة الفاقدة لكافة أسباب البقاء ... ! لأن بقائها لا يعني سوى إضافة سنوات إلى عمر الاستبداد و الإستغلال و الاءفقار و الإذلال... !
*كل ثورة تفرض منتهاها و منتهاها في الفوز بالحكم...!
عمران حاضري
6/12/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية