الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط والتبعية للمركز....التنمية المستحيلة 5 ...و أخيرا النفط تلك اللعنة !

أثير حداد

2020 / 12 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ما اردت استعراضه في المقالات لغاية 4 السابقة ان العولمة تختلف عن الكولونيالية السابقة التي تميزت بوجود مركز ترتبط به عدد من البلدان المستعمرة وتدور في فلكه، تصدر المواد الخام له وتستورد منه السلع المصنعة.
بعد الحرب العالمية الثانية تطورت الراسمالية العالمية، بالاخص الولايات المتحدة الامريكية، الى درجة اصبح تصدير راس المال الى الدول التي تحقق فيها الشركات عابرة للقارات ارباحاً اعلى مما تحققه في البلدان "المركز " . لان تكاليف الانتاج في بلدان المركز مرتفعة مقارنتا بتكاليف انتاج نفس السلع في بلدان الفرع او النامية او المتخلفة اقتصاديا. وكان تصدير راس المال يتم بشكلين الاول عبر الاستثمار المباشر في مشاريع قائمة او عبر نقل التكنولوجيا . ومما ساعد في نجاح هذا هو تعويم الدولار . ومع ثمانينيات القرن الماضي وظهور وتطور الانترنت امكن لهذه الشركات ان تدير اعمالها من جزيرة في المحيط .(اكتفي بهذا القدر من استعراض خلاصة المقالات).
النفــــــــــــــــــــــط .
شكل الفحم الحجري حجر الزاوية في توليد الطاقة المطلوبة لنمو و ازدهار الثورة الصناعية في اوربا عموما، وفي بريطانيا وفرنسا تحديدا. فعبر احتراقه ولدت الطاقة البخارية التي سيرت القاطرات والبواخر، مما مكن بريطانيا للوصول الى الهند بسرعة وسهولة، ومكن فرنسا من ان تتغلغل في افريقيا وتبحر المحيط الى قارة امريكا .
الا ان الفحم الحجري هذا بدا بالنفاذ، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان احتراقه يتسبب في تلوث عالي للبيئة . وكان لاكتشاف النفط في الولايات المتحدة لاول مره عاملا مهما في تحول مصدر الطاقة من الفحم الحجري الى النفط وبسرعة كبيرة قياسا بما سبق . فقد اكتشف ان نسبة مساهمة النفط في تلوث البيئة اقل بكثير من تلوث البيئة الناتج عن احتراق الفحم الحجري، مما يعني ان تكاليف استخدام النفط اقل من التكاليف الناتجه عن احتراق الفحم الحجري ، كما وان تكاليف استخراج النفط الخام اقل من تكاليف استخراج الفحم الحجري، و ايضا فان نفس الوحده الحرارية للنفط لدى احتراقها تنتج طاقة اعلى من الطاقة الناتجة من احتراق نفس الوحدة الحرارية للفحم .
باختصار كان التحول من الفحم الى النفط بسبب مجموعة العوامل السالفة، فجرى السباق نحو توفره اي مصادره، فكانت السعودية اولا ثم العراق وفي عدد من بلدان الشرق الاوسط و شمال افريقيا، لان تكاليف استخراج النفط في هذه المنطقة عموما تتميز بانخفاضها و وفرتها، وموقع هذه الدول الوسيط في التجارة الدولية.
منذ استخراج وتصدير النفط الخام ولحد يومنا الحالي استلمت هذه الدول مليارات من العملات النقدية، مقابل الاتفاق على كميات التصدير وسعر البرميل ولم تقم يتطوير صناعات مرتبطة بالنفط، كالمشتقات وصناعة البلاستك والاسمده، حيث كانت تصدر النفط الخام وتستورد كل حاجياتها من دول المركز .
وجاء تاميم النفط كقرار سياسي ولم يحول الى عامل اقتصادي تنموي للدولة. ثم تبعه قرار رفع اسعار النفط الخام في سبعينيات القرن الماضي كناتج لقرار سياسي ايضا . وتبع ذلك تراكم كبير في العائدات النفطية على شكل دولارات لم تكن الحكومات مستعدة لكيفية الانتفاع من تلك العوائد، ولم تكن بنوكها قادرة على استيعاب تلك العوائد الهائلة، فعادت تلك الودائع الى البنوك العالمية على شكل ودائع في حسابات جارية . هذا وفر للسوق الراسمالية العالمية سيوله نقدية كبيره جدا مكنها من الاستفادة منها في مجالات بحوث مصادر الطاقة و تمويل مشاريع اخرى . بكلمة اخرى او بتعبير اخر، لم تكن النظم السياسية في هذه المنطقة قادرة على الانتفاع من عائدات النفط ولا من الارتفاع في اسعاره ، فجرى "سمنة" حد التخمة في جهاز الدولة وبالاخص الجهاز العسكري.
ودخلت الدول المصدرة للنفط لعبة السوق، مسحورة بارتفاع اسعار برميل النفط، دون ادراك منها ان ذلك الارتفاع في سعر برميل النفط سيؤدي حتما الى دخول منتجين فاعلين جدد الى السوق يمتلكون احتياطيات نفطيع و غازيه كبيره ولكن تكاليف الانتاج في تلك الحقول مرتفع ومرتفع جدا ، والمقصود هنا تحديدا النفط الصخري في الولايات المتحدة الامريكية وروسيا . حيث اصبحت الولايات المتحده الدولة الاكثر انتاجا للنفط لتصل طاقتها الانتاجيه الى 12 مليون برميل يوميا ثم تليها روسيا ثم السعودية في المرتبة الثالثة .
خلال القرن الماضي دخل بلدان الشرق الاوسط المنتجة للنفط ترليونات من الدولارات ولكنها في الغالب بقيت مصدرة لمادة خام هي النفط الخام المكون الاساسي لدخلها ، اما المشتقات فبقيت مقتنعه بحصة بسيطة لتكوين الدخل الوطني. وفي بلدان اخرى، العراق مثلا، اهمل الانتاج الزراعي وهجر الفلاح الارض الزراعية، و هاجر الى المدنينة بحثا عن وظيفة في جهاز الدولة، في الغالب ضمن الشرطة او الجيش، او ضمن جيش العمال غير المؤهلين العاطلين والعاملين باجر يومي.
هنا نحن امام ظاهرة بارزة جدا وهي ان الحكومة هي المولدة للدخل، واصبحت هنا ليس فقط محتكرة للعنف بل ايضا محتكرة للاقتصاد. وبقيت الدولة "منتعشة" لدى توقيعها لعقود بيع النفط الخام و "منتشية" لدى استلامها كشف حسابها لدى بنوك عالمية تظهر فيه حساباتها في حالة من السمنة غير الصحيه لانها مليئة بالكولسترول .
الازمة الحاليه لاسعار النفط، والناتجة بلاساس من كوفيد_19 وتباطئ الاقتصاد الصيني وبالتالي انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام ادى الى انخفاض مرعب في عوائد تصدير النفط الخام مما تجلى في عجر ميزانية العراق حتى دون المقدرة على دفع مرتبات موظفي الدولة، فما بال التنمية البشريه الازمة .
اننا وبكل جدارة امام ما ذكره الاقتصادي المصري سمير امين واصفا بـ " التنميـــــــــــــة المستحيلــــــــــة ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و