الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين (أو بين الهيكلة المؤسساتية وتدبير الإدارة التربوية)
الحسين أيت باحسين
2020 / 12 / 8مواضيع وابحاث سياسية
1- استهلال نابع من ثقافة الاعتراف:
من ثقافة الاعتراف التأكيد على أن مطالب الحركة الأمازيغية، الممتدة طيلة عدة عقود (من أواخر الستينيات إلى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة) قد تمت تلبيتها، بما لها وما عليها (أهمها مطلب ترسيم الأمازيغية بدسترتها، المطلب الذي شكل القاسم المشترك بين مختلف مكونات الحركة الأمازيغية، منذ ميثاق أكادير حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالمغرب، الصادر في 6 غشت 1991 في اختتام أشغال الدورة الرابعة للجامعة الصيفية بأكادير 29 يوليوز – 6 غشت 1991) .
ففي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى خطاب 20 غشت 1994؛ وخطاب العرش ل 30 يوليوز 2001؛ وخطاب أجدير ل 17 أكتوبر 2001 وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛ واعتماد أبجدية تيفيناغ، بمصادقة ملكية، حرفا رسميا وحيدا لكتابة الأمازيغية بالمغرب يوم الإثنين 10 فبراير 2003؛ وعقد شراكة مع وزارة التربية الوطنية قصد إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتعليم؛ وعقد شراكات أخرى مع مجموعة من المؤسسات، من بينها وزارة الاتصال والإعلام من أجل إدماج الأمازيغية في الإعلام؛ وخطاب 9 مارس 2011 الذي يعتبر بمثابة استجابة لمطالب الحركة الأمازيغية؛ وترسيم الأمازيغية في دستور فاتح يوليوز 2011؛ وإنجاز المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ما يناهز 400 إصدار؛ إضافة إلى ما تمّ أنجازه على مستوى ما يتطلبه إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام من كتب مدرسية ودعائم بيداغوجية وديداكتيكية، ومعاجم متخصصة، ومعجم عام؛ ومن تكوين تربوي لأطر التدريس في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وفي مختلف مناطق المغرب؛ وعقد لقاءات وندوات حول مختلف الجوانب المتعلقة بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة؛ وأخيرا، المصادقة على القوانين التنظيمية ذات الصلة بالأمازيغية وصدورها في الجريدة الرسمية.
بعد هذا الاعتراف، ماذا يمكن أن نقول حاليا عن وضع الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين؟ هل سنستمر في ممارسة الترافع عن خطابات مطلبية؟ أم أن المرحلة تقتضي أن ننخرط في التتبع والسهر على تطبيق ما تنص عليه القوانين والتشريعات الصادرة، والتي ينبغي أن تصدر، وفق منطوق القوانين الوطنية والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب؟
1- الأمازيغية ومؤسسات الدولة الرئيسية: الملكية والتشريعية والتنفيذية:
من خلال ما سبق تبين لنا ما أفرز عنه الخطاب المطلبي للحركة الأمازيغية وما استجابت له المؤسسات المعنية؛ كما يتبين لنا أن المؤسستين الملكية والتشريعية قد قامتا بمهمتهما، وأن الوضع الحالي الذي توجد عليه الأمازيغية من مسؤولية المؤسسة التنفيذية (المؤسسة الحكومية). فهي مسؤولة عن تفعيل مقتضيات الدستور ذات الصلة بإدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وهي مطالبة باستكمال الهيكلة المؤسساتية (خاصة بعد أن يتم إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ويتم تنصيب أعضائه)؛ واستكمال الترسانة القانونية ذات الصلة بإدماج الأمازيغية في التعليم وفي الإعلام وفي الحياة العامة ذات الأولوية (كالمراسيم الوزارية، والقرارات الوزيرية، والمذكرات الوزارية والأكاديمية والنيابية)؛ كما أنها مطالبة بتخصيص ميزانية للأمازيغية في ميزانية الدولة، بعد أن توضع استراتيجية ومخططات وبرامج تنزيل مقتضيات دستور 2011 .
فما هي ضرورة هذه الاستكمالات؟ وما هي أسباب التراجعات عن مجموعات من المكتسبات التي تحققت للأمازيغية خلال ما يقارب العقد الأول من الألفية الثالثة؟
2- الأمازيغية والعنف بنوعيه: المادي والرمزي:
إن التجربة التي بدأت مع إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في بداية الألفية الثالثة، اعتبرت آنذاك بادرة أمل لرفع الحيف والتبخيس والتهميش عن الأمازيغية؛ لكن منذ 2008 وقعت تراجعات عن ذلك الورش الذي أجهض أحلام ما قبل ذلك، ليأتي موقف أطراف من الآلية السياسية التي اشترطت قوانين تنظيمية لترسيم الأمازيغية دستوريا، تلك القوانين التي أصبحت آخر ما تمت المصادقة عليها؛ الشيء الذي ترتب عنه عنف بنوعيه: المادي والرمزي تجاه هذا الورش الهيكلي للمغرب المنشود ما بعد خطابات الإنصاف والمصالحة.
ويكفي أن نستحضر وضع الأمازيغية في كل الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والوثيقة الإطار لمراجعة المناهج التربوية وبرامج تكوين الأطر، والرؤية "الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030" التي وضعها "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"؛ وكيفية تعامل بعض بعض الإدارات التربوية من الأمازيغية كمادة تعليمية؛ وكيفية التعامل مع أستاذات وأساتذة اللغة الأمازيغية من طرف بعض المسؤولين التربويين... !
فما العمل أمام هذه الوضعية التي آلت إليها الأمازيغية، بعد تجربة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وبعد ترسيم الأمازيغية دستوريا؟ فهل نعود إلى خطابات مطلبية جديدة؟ وهل المرجعيات القانونية العامة المعتمدة في ترسيم الأمازيغية وإصدار قوانينها التنظيمية كافية لتفعيل مقتضياتها ؟ أم أنّ المجتمع المدني عامة، والحركة الأمازيغية خاصة، مدعوان لتتبع تنفيذ مقتضيات الدستور ودعم إدماج الأمازيغية وكذا جل الأطقم التربوية التي لا زالت تعاني من العنف المادي والرمزي أثناء إنجاز مهامها التعليمية والتربوية.
3- المرجعيات القانونية العامة:
يقال "لبناء أصنام جديدة، ينبغي هدم الأصنام القديمة" !
أمام الوضع العام التي توجد فيه الأمازيغية الآن، يجد المجتمع المدني عامة، والحركة الأمازيغية خاصة، نفسيهما مدعوين لعدم الاستمرار على التركيز على الخطاب المطلبي وحده، لينتقل إلى المراقبة والتتبع والتشارك التي تخولها له المرجعيات القانونية العامة، مثل:
- المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة ذات الصلة باللغة والثقافة والتربية، تلك المواثيق التي صادق عليها المغرب؛
- والدستور كأسمى قانون للبلاد، وخاصة دستور 2011 الذي أقرّ ترسيم الأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة؛
- والقوانين التنظيمية المصادق عليها والصادرة في الجريدة الرسمية.
لكن ما هو الرصيد المتوفر من القوانين العادية، ذات الصلة بالأمازيغية في منظومة التربية والتكوين، والتي يتطلبها تدبير الإدارة التربوية؟
4- تدبير الإدارة التربوية:
إن إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين يستلزم؛ إضافة إلى مراعاة ما تنص عليه المرجعيات القانونية العامة السالفة الذكر؛ إصدار قوانين عادية التي من بينها ما يلي:
المراسيم الوزارية؛
القرارات الوزيرية؛
المذكرات الوزارية؛
المذكرات الأكاديمية؛
المذكرات النيابية.
لكن بعد توفر الترسانة الهيكلية والقانونية، ما هو العنصر الفعال الذي تقوم علية المنظومة التربوية؟ وهل يكفي توفر الترسانة القانونية لنجاح ورش تعليمي وتربوي مّا؟ أم أن الأمر يتوقف، قبل كل شيء، على مدى كفاءة وكفاية الموارد البشرية ؟
5- التكوين ثم التكوين :
لا، ولن، يستقيم إدماج الأمازيغية بدون توفير الشروط الموضوعية لفعل التعليم والتربية، ودون تكوين جدي وجاد؛ ودون مراقبة وتتبع تمليهما المرجعيات القانونية العامة والعادية؛ ودون إنصاف الأمازيغية كلغة رسمية دستوريا، ودون المساهمة في التغيير العميق في العقليات وفي الإطار النظري والفكري لتدبير التعدد اللغوي والتنوع الثقافي اللذين اختارهما المغرب ورشا استرتيجيا لمغر الغد، وذلك في أفق تحقيق نموذج تنمزي مندمج يجعل الأمازيغية أجد دعائم مغر الغد.
الحسين أيتب احسين
باحث في الثقافة الأمازيغية،
الكلمة التي تمّ إلقاؤها أثناء أشغال "الورشة التفاعلية حول إدماج الأمازيغية في السياسات والبرامج القطاعية (ورشة الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين)"، التي نظمتها "الشبكة من أجل المواطنة" (أزطّا أمازيغ) يوم السبت 5 دجنبر 2020 بفندق تيرمينوس ONOMO TERMINUS، الرباط.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما هي أبرز الرسائل في كلمة نعيم قاسم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: هل ستنجح هاريس في كسب أصوات ا
.. بعد عام من الحرب.. قطاع غزة يتحول إلى أكوام من الخراب والأنق
.. مقتل شرطي إسرائيلي وإصابة آخرين في إطلاق نار قرب أسدود
.. -نظرة أخيرة على أشجار الكرز-: مجموعة قصصية لنور دكرلي عن الح