الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-- وَ كَانَ وَجهُك --

رندة المغربي

2006 / 7 / 16
الادب والفن


مدخل :

كنت أتسكع وحيدا في دروب رام الله المهجورة باحثا عن غير العادي في العادي،عن استياء واحتجاج، الطبيعة المخذولة، عن الشعري في اللاشعري
..عن السحري المألوف، عن قوى الأشياء الخفية من شجر وصخور، عن طاقتي الحبيسة، أحاسيسي المجهولة عن قيعاني، كنوزي،هناك بعيدا عن صخب العربات
* زيـــاد خــــداش
******************************


من سيحرس الآخر أنت أم أنت؟
من سيحرس الآخر من سياط الكلمات تنهال على ظهر الورق تحثه أن يعدو خلف الغيب ليستعيدك!
من سيحرس الأنت من شوقي الحاقد لك/عليك كلما سمعتهم يصرخون فلسطين!..
ألم تسمني "فلسطين" ؟
وكم كنت بارعاً في اختيار الطريقة التي تحافظ بها عليّ في الغياب !
قلتَ من أول لقاء جمعنا : اسمكِ فلسطين ولن أناديكِ إلا فلسطين و غدوت تشكل من جسدي خارطة تشبه الخنجر تشبه جسد فلسطين وقلت لن يسلبوكِ مرتين وسيجتني بأشجار الزيتون جلبتها من قامة أبيك من جيب ثوب أمك الفلسطيني من حزامها يلم أجنتها ويشدهم على الخاصرة فكيف أفلَتَ لتأتي إلي هنا في المنفى وأحبُك؟!
بلا إيغالٍ في الذاكرة أراك أينما نبض قلبي ، تعد قهوة الصباح تحدثني عن قهوة درويش في "ذاكرة للنسيان" عن صوت أحمد قعبور وأنت تهاتفني كل صباح بصوتك الشامس صارخاً : "أناديكم أشدُ على أيادكم" .
فلم أرقى بفهمي لقراءة شعر درويش إلا بين يديك ولم أعرف من قبل قعبور إلا وأنت منهمكاً في إعداد أعلام فلسطين للخروج بمظاهرة على ضفاف السين ، عروق عنقك تنبض بحماس بين طيات الكوفية الفلسطينية ، حنطة أدمتك تشتعل فأشم رائحة القمح المحروق في بيادر بلاد الشام .
فكيف علمت بدوية مثلي معنى الثورة والنضال؟
كيف جسدت بداخلي معنى كلمة وطن وأنا ولدت وعشت أعواما طوال في هودج رحال ؟
وكيف توسد الخليج العربي ضفاف المتوسط وعب من ثورة أمواجه؟!

**
يا لي من وجهك المشتعل ينزُ من جُرح الشهيد ينساب كل يوم وليلة من الذاكرة المتواطئة عليّ
من صفحات الجرائد من صوت المذياع من صور التلفاز من نجم يخبو وآخر يتوهج على نصل الأفق وأنت البعيد ...!

**
كم الساعة الآن؟
في توقيت الفارس على صهوة حزام ناسف ، على صهوة صاروخ يشطر الجسد لنصفين لتلمع الروح وهي تنبجس من حمرة الوريد لتصعد في السماء بعرس يشبه الألعاب النارية وأنا أراها الآن تملأ سماء باريس تنير ليلها في احتفالات بانتصار لفرسان خشبية وطنهم شباك ملعب!
فما عساها تكون إجاباتهم لو قلتُ لهم ثمة من ينضم بطولات برؤوس الأطفال المقطوعة تتدحرج على حذاء عسكري نجس !
لو قلتُ لهم ثمة من يستحق لقب نجم لأنه حمل أرض المعركة على كتفيه في كل منفى يلفظه لآخر!

**
كانت معاصر الزيتون في محجريك حكاية ..
وكانت مقابض الأبواب يديك أشرعها على وجهة واحدة تُدعى الضفة الغربية وأنت قمرها المتناهي في السطوع !
كانت المسافة قصيرة بين ضفاف بلاد الغال و شرق متعب وأنت تحكي لي عن الحجارة تشكلها قبضة الصغار تاريخاً بأكمله ترشق به المجنزرات ، كان أبو جهاد أسطورة عشقتها وهي تسابق الخبز لفمك .
فكيف أتجاهل وأتناسى كُل هذا وأمضي على أرصفة باريس أفتش عن مقهى أتسلى به برؤية السواح العرب ؟
كيف أتلهى بمراقبة سائح جنس يراود فتاة جائعة عن لحمها العربي ، وهناك جياع شدوا على الحجارة بأسنانهم وعللوا البطون الغاضبة بسف التُراب؟
كيف أقوى على حمل رأسي و أنا هشيم و عشب يابس تسمع هسيس الرياح وهي تمشط ظمأه؟!

**
قلت : كلانا يكمل الآخر لنصل يداً بيد لمعنى الحرية . كلانا يخبيء في حقائب السفر قصة وطن وشعباً محاصر ..
فكل شعوب شرقنا محاصرة بين جمود الفكر و أذناب الجشع .فلا يكون مرورك في الحياة كثانية برق .
أبحثي عن المكنوز في أعماقكِ عن الإنسان فقط وأنسي جنسه ، الحرية ترفض مصطلح "التحرير" لأنها طريق وليست هدف ولو وضعت نفسكِ على أول الطريق ورضيتِ بما سينالك من طعنات ستصلين للهدف .
سألتُك عن الهدف . فصمتْ وأجابتني عيناك .
رأيتُ إنساناً بثوب إله يطوي أطراف الدنيا ويتأبطها صعوداً نحو الخلود!
سبحتُ كثيراً في كلامك وعانيت أكثر وأنا أفسر سر تقطيب جبينك و شرودك الدائم .
أ كنت تعد النفس للحظة اندلاع ؟
أ كنت تُدرب الجسد أن يكون مطية للروح لا جدار عازل يحارب خفق أجنحتها؟
كنت فلسطينياً فقط!
والباقي فلتأكله النيران و بلاهات البشرية .
فكيف النجاة من وجهك؟
من حرائق عينيك ؟
من عمق صوتك يترنم بأناشيد النضال؟
**

ينهل قلبي من خوفه وأنا أجري مذعورة كلما سمعتُ طلق النار في الشرق يدوي في الآفاق
أجري لا وجهة لي ويحاذيني الوقت كنهر دم و أبتهل إلى الله أن لا أرى وجهك في الصحف وعلى شاشات التلفاز مخدوشاً مصبوغاً بدمك الطاهر يا غائب!
أبتاع الصحف و أتردد كثيراً بمطالعتها خوفاً من فاجعة متربصة تنقض على قلبي فتعصر ما تبقى به من أمل .
أشعل التلفاز وأتهرب من نشرات الأخبار أن تسدد لي خنجراً في المنتصف تماماً بين الضلع والضلع لأدوي باسمك في الأمداء مكلومة !
أفترش سجادة صلاتي كل مساء ولا أفارقها ليلاً بعدد نجومه وثقل عتمته أركع وأسجد إلى إلهي أن يحفظك لفلسطينك التي سرت إليها تحت جنح غفلتي عنك و فلسطينك التي شكلتها في غرب قلبي و حفظت بها عشقك .
أبتهل إلى الله أن يحمي غرتك من رصاصة لعينة ، من عقرب سجن في صحراء الجنوب من ذئاب تلبس ثوب الأصدقاء من أنظمة متواطئة عليك من لعنة قابيل من صحفي يترقب سقوطك ليفوز بسبق صحفي !

**
وماذا تبقى من ألف الكتابة إلي يائها ليهبط الكلام بهيئة عاشقة ؟
من عتمة ليل و قرمزية فجر يصعد ؟ ماذا تبقى من رمل الصحراء و حجارة الأقصى و أرحام الثكالى؟
من الأحلام تدكها المدافع و يهرب بها الصبية لموت اختياري؟
من غياب يتسع كهوة مباعدا ما بيننا ليعربد هذا السخام ؟..
ومن وجهك الذي كان ولا زال يُحملني ذاكرة ضخمة وحباً يناغي وسائد السُهاد و يشق لي درباً لألحق بك وبين أهدابي ما تبقى من حلم يفوق الغفوة كنت تسميه فلسطين !
**
"المدخل من/ "يوميات امراة مجهولة نبت على رمشها قمر
*زيـاد خــداش /قاص وكاتب فلسطيني
رندة المغربي كاتبة سعودية /فرنسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي