الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الصهيونية غير اليهودية بنسختها العربية
ابراهيم ابراش
2020 / 12 / 8القضية الفلسطينية
حضور الأمير تركي الفيصل لندوة المنامة جنباً إلى جنب مع جابي اشكنازي وزير خارجية الكيان الصهيوني يعتبر في المنظور والتعريف التقليدي للتطبيع تطبيعاً أو خطوة نحو التطبيع، إلا أن ما ورد في كلمته من توصيف لإسرائيل من حيث نشأتها وسياساتها تجاه الفلسطينيين والعرب عموماً يشكل صفعة للمهرولين نحو التطبيع وقد يؤدي لكبح جماح اندفاع بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع، وإذا ما وضعنا أقوال الأمير تركي الفيصل مع موقف غالبية الأنظمة والشعوب العربية وما شاهدناه من ردة فعل الشعب المصري على التصرف الأهوج للممثل محمد رمضان، كل ذلك سيبدد بعض التخوف مما تروِّج له الدولة الصهيونية بأن العرب انهوا حالة مقاطعة إسرائيل وأن السلام سيعم المنطقة بدون الفلسطينيين وبدون تسوية الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم وبأن العرب باتوا يتبنون الرواية الصهيونية كبديل عن الرواية الفلسطينية، ومن يتبنى الرواية الصهيونية يصبح صهيونياً حتى وإن كان غير يهودي.
وصف الأمير تركي الفيصل لإسرائيل بأنها دولة استعمارية وامتداد للمشروع الاستعماري الغربي وحديثه عن ممارساتها العنصرية والإرهابية ليس مجرد كلام لمسؤول سعودي سابق بل يعبر عن ضمير الشعب السعودي والجيل المؤسس للمملكة، وحتى وإن لم يكن معبراً عن الموقف الرسمي فإنه يؤشر لوجود تباين في وجهات النظر داخل المؤسسة الحاكمة في المملكة، كما أنه يرد على بعض عرب الخليج المتسرعين نحو التطبيع تحت ضغط ترامب وإدارته .
يبرر بعض المطبعين الجُدد تصرفهم بأنه يندرج في سياق الواقعية السياسية وأن العلم يتغير وأن ما يحكم العلاقات بين الدولة هي المصالح المشتركة وأن على العرب أن يتعاملوا مع إسرائيل كما تتعامل غالبية دول العالم معها.!!
هذا المنطق والتبرير يتجاهل الاختلاف الكبير بين علاقة الدول الأجنبية مع إسرائيل عن علاقة العرب معها، وأن الأسس والمنطلقات المؤسِسة لعلاقة الغرب مع إسرائيل والصهيونية واليهود تختلف كلياً عن طبيعة علاقات العرب معهم، وأن الدعم الغربي للصهيونية ومشروعها في المنطقة يستند لاعتبارات دينية وتاريخية واستراتيجية وهي اعتبارات غير متوفرة في الحالة العربية، كما أن الواقعية السياسية لا تتناقض أو تتجاهل قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية التي تقر بعدالتها حتى دول الغرب والأمم المتحدة التي أصدرت عشرات القرارات الداعمة للشعب الفلسطيني والتي تؤكد دوما على أن إسرائيل دولة محتلة وأن من حق الشعب الفلسطيني أن يقيم دولته على أراضيه في حدود 1967.
ما نسمعه من بعض العرب المتهافتين على التطبيع يثير القلق ليس لأن بعض الدول العربية تريد ان تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بل لأن في ثنايا بعض التصريحات والمواقف ما يشي بصهيونية غير يهودية جديدة، بعد موجة الصهيونية المسيحية، وهذه المرة يمكن تسميتها بـ (الصهيونية العربية الإسلامية)، وهذا ما يتطلب تسليط الضوء على مفهوم الصهيونية غير اليهودية ولماذا يجب الحذر والقلق من امتدادها للعقل السياسي العربي والإسلامي.
المقصود بالصهيونية غير اليهودية أو الصهاينة غير اليهود، كل من هو غير يهودي ووقف وساند الحركة الصهيونية وتبنى مشروعها الاستعماري العنصري بإقامة وطن لليهود في فلسطين، وهؤلاء فئتان:
1- الأولى تقف هذا الموقف لأسباب دينية ويُطلق عليهم (الصهيونية المسيحية) وهم تيارات متعددة داخل الكنيسة المسيحية تبدأ جذورهم مع الحركة الإصلاحية الكنسية مع مارتن لوثر في القرن السادس عشر التي أوجدت المذهب البروتستانتي والإنجيلين وجماعات أخرى عديدة يساندون الحركة الصهيونية بدون تحفظ من منطلق أن قيام دولة إسرائيل وعودة اليهود إلى فلسطين منصوص عليه في الكتاب المقدس حسب تفسيرهم له، وأن عودة اليهود إلى فلسطين (أرض الميعاد) وقيام الدولة اليهودية شرط لعودة المسيح المنتظر.
2- أما الفئة الثانية فهم السياسيون والمفكرون الاستعماريون الذين ساندوا الحركة الصهيونية واليهود لأسباب سياسية ومن منطلق التقاء مصالحهم الاستعمارية مع تطلعات الحركة الصهيونية، حيث رأوا أن قيام دولة لليهود في فلسطين يساعدهم على تجزئة المنطقة العربية وإضعافها مما يسهل عليهم استعمارها، وهذا هو الحال مع نابليون بونابرت الذي ناشد اليهود بمساندته في حملته العسكرية في الشرق عندما فشلت حملته العسكرية على أسوار مدينة عكا الفلسطينية عام 1799 مقابل مساعدتهم على إقامة دولة لهم في فلسطين، نفس الأمر مع بريطانيا العظمى حيث التقت التطلعات البريطانية ومساعيها لهزيمة الإمبراطورية العثمانية واستعمار البلاد العربية مع الحركة الصهيونية الناشئة، والتقاء المصالح هذا كان وراء صدور وعد بلفور في نوفمبر 1917، وعلى نفس الأساس يمكن تفسير الدعم الأمريكي القوي للكيان الصهيوني حيث تُعتبر إسرائيل حاملة طائرات أمريكية في المنطقة والعصا الغليظة لتهديد وابتزاز كل من يعادي المصالح الامريكية في الشرق الأوسط، دون تجاهل قوة حضور المذهب البروتستانتي الإنجيلي في الولايات المتحدة الامريكية.
كانت الصهيونية غير اليهودية مقتصرة على المسيحيين والغربيين، إلا أنه أخيراً ظهرت صهيونية غير يهودية مختلفة وهذه المرة من بعض العرب والمسلمين، حيث نلاحظ انزياحاً نحو التطبيع مع إسرائيل وبعض المطبعين لا يكتفون بالاعتراف بالكيان الصهيوني بل يؤيدون روايته ويسوِّغون شرعيته ويبررون كل ممارساته بل ويشككون بشرعية الرواية الفلسطينية، وهذا ما أخذنا نسمع به أخيراً من خلال تصريحات وندوات ومقابلات ليس لأشخاص عاديين تم غسل أدمغتهم بإقناعهم بأن كل مشاكلهم اليومية من فقر وبطالة سيتم حلها في حالة التطبيع مع إسرائيل، بل أيضاً من مسؤولين تجاوزوا حتى المواقف والسياسات الغربية ومواقف الصهيونية المسيحية نفسها في تمجيدهم للكيان الصهيوني وسياساته وفي التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حتى تلك التي تقر له بها الأمم المتحدة والعالم الغربي.
الصهيونية المسيحية تمثل قناعات وسياسات لدول ومجتمعات مسيحية استعمارية تجد سنداً لها في كتبهم الدينية وتنتح من ذاكرة تاريخية لصراع ديني يعود لأيام الحروب الصليبية واستمر إلى مرحلة المد الاستعماري في القرنين التاسع عشر والعشرين ومن الطبيعي أن تكون معادية لحركات التحرر العالمي، ولذلك فإن خطابها ومواقفها لا تؤثر كثيراً على الرأي العام العالمي ولا على الشعوب العربية والإسلامية وبالتالي على عدالة القضية الفلسطينية، بل إن جزءاً كبيراً من شعوبها لا تؤمن بمواقفها وتؤيد الشعب الفلسطيني كما يتبدى في المناسبة السنوية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحملات المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية لإسرائيل وغيرها من المواقف.
أما الصهاينة الجدد أو الصهيونية (العربية والإسلامية) حتى وإن كان عددهم محدوداً فإنهم أشد خطورة، وخطورتهم تكمن في أنهم من أبناء جلدتنا كمسلمين وعروبيين وفي أنهم يثيرون الشكوك ويطعنون بالمرجعيات والمواقف الدينية والقومية التي اعتمدت عليها القضية الفلسطينية عبر تاريخها، وكثيرون منهم مدفعون بأحقاد على الشعب الفلسطيني وعلى كل قوى التحرر والديمقراطية.
المشكلة في الصهاينة الجدد أنهم يخلطون ما بين نشدان السلام وهو مطلب إنساني لا خلاف عليه والوقوف إلى جانب كيان استعماري عنصري، فإن كانوا يريدون الاعتراف بإسرائيل وإقامة سلام معها لأي سبب كان فهذا شأنهم حتى وإن كان فيه إضرار بالمصلحة الفلسطينية وتجاوز لقرارات قمة عربية ومنها المبادرة العربية للسلام، ولكن ليس من حقهم أن يعادوا الشعب الفلسطيني ويتنكروا لعدالة القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني حتى يكسبوا ود إسرائيل.
[email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - قبل الميلاد ام بعده
ابراهيم الثلجي
(
2020 / 12 / 8 - 12:27
)
تحية
عند دراسة اي جريمة او جناية تؤخذ ابعادها التاريخية لتحديد وتشخيص موقف صحيح
اليهود جماعة عقائدية مختلفة عن الجميع والكل العالمي وتبعية العالم وسهرهم على مصالحهم تعني انهم راكبين ظهور الجميع
اليهود اخرجوا من فلسطين على يد الرومان وفترة غضب ربهم عليهم يوم قتلوا الرسل كل الرسل ووشو بيحبى حيث قطعت راسه بتوصية من اليهود وكذلك زكريا حيث نشر وقطع بالمنشار والتامر على عيسى والتشهير بمريم العذراء على السلام وعطور العفة
باختصار جاؤوا ظلما وبهتانا واثما عظيما عوقبوا بمثل ما جاؤوا به من افساد
قضية صهيونية وبويجية وقطاع طرق فهي سمة انسانية اما اليهودية ليس لها مثيل الا ما ادعاه فرعون بالعلو على البشر وحديثة عن الخلطة الالهية
والضحية كثيرا ما تقد جلادها فجعلوا واتخذوا لانفسهم عقيدة من صلب عقيدة فرعون الاولى لسمو والتعالي على البشر وهذه اساس المشكلة معهم من يوم طردهم من فلسطين وبعدها من يثرب ولنفس الاسباب الوجاهية
وما اخشاه ان يصاب بعضنا بنفس المرض السلوكي تقليد الجلاد واتخاذ عقيدته والتعالي والسمو على الناس
مفؤدات وسلوك متشابه ومناشير واغتيالات حتى صرنا نصحو ولا نعرف انحن ق الميلاد ام بعده
2 - رحم الله امرئا استعمل عقله
ابو علي أل ثآئر
(
2020 / 12 / 9 - 05:53
)
ستبدوا لك الايام ما كنت جاهلا ** وتاتيك بالاخبار ما لم تزود
اخي الكريم بعد التحية. ان حضور الأمير تركي الفيصل لندوة المنامة جنباً إلى جنب مع جابي اشكنازي وزير خارجية الكيان الصهيوني يعتبر في المنظور والتعريف التقليدي للتطبيع تطبيعاً أو خطوة نحو التطبيع وهو خطوة نحو التطبيع لان حضوره هو مقدمة نحو تطبيع بلده مع اسرآئيل وما تصريحه الا ذر الرماد في العيون ولعب على عقول المغفلين. هل تعتقد ان ما قامت به دولة الامارات ومملكة البحرين من تطبيع مع اسرآئيل هو بمحض سياسيتهما ام انه برضا السعدودية؟. وماذا عن زيارة نتنياهو الاخيرة الى السعودية والتي ادت الى اغتيال الخبير النووي الايراني؟؟. العقل زينة. لا تستعجل الامور. انتظر ونحن معك من المنتظرين. هذا ولكل دولة الحق في تقدير مصالحها وقبل العتب على الدول المطبعة عليك ان توحد السياسة الفلسطينية بين اسماعيل هنية ومحمود عباس. كما وانصحك ان تقرآ كتاب حمادة امام (دور الاسرة السعودية في اقامة الدولة الاسرائيلية). التنديدات والكلام الفارغ ما هي الا فن من فنون السياسة لا غير. اما لاخينا ابراهيم الثلجي اقول دع عنك تاريخ مضى عليه آلاف السنين وتكلم عن الحاضر.