الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقاً كان الماغوط شاعراً كبيراً الجزء الثاني

أديب حسن محمد

2006 / 7 / 17
الادب والفن




هل كان الماغوط حقاً شاعراً كبيراً

قد يبدو هذا المقال نافراً وغريباً بين رزمة هائلة من المدائح التي كيلت للكاتب الراحل محمد الماغوط،ففي السنوات الأخيرة من عمره اعتدنا على قراءة الكثير من المقالات التي تتغنى بشاعرية الماغوط الفذة،وكرمته العديد من الجهات وكانت جائزة العويس آخرها،وفي خضم كل هذه الضجة تحولت شاعرية محمد الماغوط الفذة إلى نوع من المسلّمات،ولم تراجع مراجعة جدية لأسباب مجهولة،ولعل تنوع نتاج الكاتب بين المقالة الساخرة والمسرحيات واليوميات خلط المفاهيم لدى القراء بين الشاعر والكاتب الساخر والمسرحي،وغيّب الكثير من الحقائق التي أبرزت الماغوط كشاعر،وقدمته إلى شريحة واسعة من القراء على أنه رائد قصيدة النثر الشفوية أو اليومية

ففي سياق الظرف التاريخي نجد أن هناك الكثير من الظروف التي خدمت محمد الماغوط وساهمت في رفع أسهمه في عالم الشعر

السجن
ـــــــــــــ
ولعل فترة السجن القصيرة التي قضاها الماغوط في سجن المزة كانت الضارة النافعة حيث لا يكاد يخلو لقاء للماغوط من ذكرياته في السجن،وتهريبه للقصائد في ثيابه الداخلية،مع أن الفترة التي قضاها لا تتيح تبلور تجربة شعرية متسمة بمناخات السجن والاعتقال،إلا أن الماغوط استثمر فترة سجنه القصيرة تلك بحيث خرج من السجن بطلاً مضطهداً،ومبدعاً مقموعاً وممنوعاً،وهكذا راجت قصيدته المشهورة"القتل" التي كتبها عن يومياته في السجن نشرها فيما بعد في مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر"واستخدم الماغوط في قصيدته الطويلة هذه أسلوب الاتجاه من الخارج إلى الداخل أي من مشاهد البؤس الإنساني في العالم آنذاك ووصولاً إلى عالم السجن:
(غرفتي مطفأة بين الجبال
القطيع يرفع قوائمه الحافيه
والأوراق المبعثرة تنتظر عندليبها
وندلف وراء بعضنا إلى المغاسل’
كجذوع الأشجار يجب أن نكون
جواميس نتأمل أظلافها حتى يفرقع السوط
نمشي ونحن نيام
غفاة على البلاط المكسو بالبصاق والمحارم
نرقد على بطوننا المضروبة بأسلاك الحديد
ونشرب الشاي القاحل في هدوء لعين
وتمضي ذبابة الوجود الشقراء
تخفق على طرف الحنجرة).....ص61
تعمدت إيراد هذا المقطع كاملاً دون اجتزاء لأحاول التقاط إشارة الاختلاف في ثناياه..
فما الذي يميّز هذا المقطع عن الكلام الوصفي التقريري العادي؟؟
وما الذي يقنعنا أننا إزاء لغة مختلفة جانحة عن سكة المعنى الأحادي للمفردة؟؟
وهل خلقت تجربة السجن وأفرزت خصوصية ما في ثنايا نصوص الماغوط؟؟
لا أعتقد أن الأجوبة ميسرة إلى الحد الذي يقنعنا بأننا إزاء شاعر كبير وفاتح عظيم لقلاع الكلاسيكية والنمطية في الشعر العربي الحديث.

أدونيس ومجلة شعر
ـــــــــــــ
نأتي إلى النقطة الثانية أو الانعطاف الثاني في مسيرة الماغوط الشعرية،وهي محطة مجلة شعر عندما قدمه(عديله) أدونيس في إحدى أخاميس مجلة شعر بالطريقة التي صارت معروفة للجميع...
حيث قرأ بعض أشعار الماغوط دون أن يذكر كاتبها بالاسم،ثم سأل الحاضرين عن كاتب تلك الأشعار فأخذوا بالتخمين:بودلير،رامبو...الخ
فأشار أدونيس إلى الماغوط قائلاً:إنها لهذا الشاب القادم من السلمية.
هذه الحادثة ظلت توظّف لصالح الماغوط وللتدليل على عبقريته الشعرية وتفرد أسلوبه،وهي في حقيقة الأمر مثلبة أكثر منها مدحاً،فمجرد تشبيه شعر الماغوط بالشعر المترجم الفاقد لروح وتوتر اللغة الأصلية التي كتب بها،لهو دليل كبير على انتفاء سمات ومزايا اللغة الأصلية التي كتب بها قصائده،وعندما تفقد اللغة سحرها،يغدو الشعر محاولة للركض خلف مفردات باهتة ومنقوصة الدلالات،الأمر الذي يفقد النصوص حلاوة اللغة،ويجعلها أقل قدرة على الخلب والجذب والبقاء.
تداخل وتعدد الأجناس الأدبية التي كتبها الماغوط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هنا لا نستطيع إغفال الدور الذي لعبته شهرة الماغوط على المستوى التلفزيوني ولا سيما مسرحياته المشهورة:كاسك يا وطن،ضيعة تشرين.وأفلامه السينمائية:الحدود،التقرير..إضافة إلى بعض المسلسلات التلفزيونية
كل هذه الأعمال كفلت لاسم الماغوط شهرة واسعة جعلت فيما بعد من اليسير سوق اسم الماغوط كشاعر كبير على قاعدة الشهرة العريضة التي نالتها مسلسلاته ومسرحياته وأفلامه،فيما تم غض النظر عن النقد الموضوعي لتجربته الشعرية التي كانت تمر من غربال النقاد مرور الكرام،وساعد كل هذا في تكريس اسم الماغوط كشاعر ابتكر عوالماً جديدة في قصيدة النثر العربية رغم وجود العديد من الأسماء التي عاصرته،والتي لا تقل عنه موهبة،لولا الظروف الموضوعية الإيديولوجية والسياسية التي ساهمت بدورها في تخليص الماغوط من بقية الأسماء التي كانت تتنفس قصيدة النثر،ولا أعتقد أن أي باحث موضوعي يمكن أن يتجاهل:أورخان ميسر،وسليمان عواد،ومن بعدهم نزيه أبو عفش والشاعر الرائع المبدع رياض صالح الحسين.
وكل هؤلاء الشعراء الذين أبدعوا في كتابة قصيدة النثر لم يدخل حقلاً أدبياً آخر بل بقوا مخلصين للشعر وقانعين بالعتمة الجميلة التي عاشوا في كنفها طيلة تجربتهم.
في الأسلوب
ــــــــــــــــــــ
قصائد الماغوط ونصوصه تعتمد في بنيتها على جملة من المفردات التي تشكل القاموس الماغوطي الشعري ولا شك أنه لا ضير في ذلك إذ أن لكل شاعر مفرداته الأثيرة والقريبة من روحه،ولكن طريقة كتابة القصيدة عند الماغوط تعتمد بشكل شبه كلي على أمرين اثنين:
المخاطبة في مطلع القصيدة
الإكثار من كاف التشبيه
ولا يكاد يخلو نص للماغوط من استعمال مبالغ فيه لهذين الأسلوبين الذين ينهكان بنية النص الفنية
ففي نص عنوانه "أيها السائح" من مجموعته(الفرح ليس مهنتي) يفتتح الماغوط النص هكذا:
/طفولتي بعيدة...وكهولتي بعيدة..
وطني بعيد...ومنفاي بعيد..
أيها السائح أعطني منظارك المقرّب
علّني ألمح يداً أو محرمة في هذا الكون تومئ إليّ/.....ص187
وفي قصيدة عنوانها"الرجل الميت" من مجموعة"حزن في ضوء القمر" يقول في المطلع:
/أيتها الجسور المحطمة في قلبي
أيتها الوحول الصافية كعيون الأطفال/...ص43
ويقول في مطلع قصيدة"الرجل المائل" من مجموعته(غرفة بملايين الجدران):
/لأجلك أيها الطائش
أيها الرخيم كالعصفور
أمسك الملعقة من ذيلها
أمررها بين نهديّ كالزنبقة"....ص87

وفي هذا السياق فإن هذا الأسلوب يدل فيما يدل على محدودية المصادر الثقافية لشعر الماغوط،ولاسيما القراءات الشعرية التي تغني الأسلوب،وتزيد من مهارة التعامل مع اللغة وتفجير أسرارها،إن الأسلوب الأحادي هذا جعل من نصوص الماغوط ذات اتجاه واحد،حتى لجهة الموضوعات التي تناولها شعره،وبالتالي حدث نوع من التكرار الموضوعي توازى مع التكرار الأسلوبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف